طرح مراقبون تساؤلات متزايدة بشأن مدى التزام دولتي السودان وجنوب السودان بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينهما, في وقت يتفاقم فيه شعور بالتشاؤم بسبب فشل الطرفين في الوفاء بتعهداتهما. وبينما نجحت الخرطوموجوبا في تجاوز عدد من العقبات بالتوقيع على مصفوفة جديدة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يوم 27 سبتمبر/أيلول الماضي في مجال الترتيبات الأمنية، تباينت وجهات نظر المحللين والمراقبين السياسيين حول مدى التزامهما. وبدا أن كثيرا من المهتمين السودانيين متشائمون بسبب فشل مسؤولي الدولتين المتواصل في تنفيذ ما يلتزمون به، بينما يرى آخرون أن الطرفين "ربما وعيا دروس الماضي الذي فشلت فيه كل خطواتهما التصالحية". وحسب الناطق الرسمي باسم الوفد السوداني بدر الدين عبد الله فإن الترتيبات الزمنية لتنفيذ بنود اتفاق 27 سبتمبر/أيلول الماضي ستبدأ قريبا، وتحدث عن اختراق جدي في جدار الأزمة بين الدولتين. هنا يربط المحلل السياسي محجوب محمد صالح نجاح الاتفاق بتخلي الطرفين عن مواقفهما السابقة التي يقول إنها أدت إلى فشل كافة الاتفاقيات الموقعة. أوضاع ضاغطة ويرى صالح أن الدولتين تعيشان أوضاعا اقتصادية ضاغطة تدفعهما للصمود وتطوير ما تم التوقيع عليه. ويعتقد بأن الإسراع في ضخ النفط الجنوبي عبر خطوط النقل السودانية سيقود إلى معالجة قضايا أخرى أكثر حساسية، مشيرا إلى أن تنفيذ المصفوفة الجديدة سيعطي مزيدا من الدوافع لمعالجة ما تبقى من قضايا ما زالت محل خلاف بين البلدين. وقال صالح للجزيرة نت إن الاستناد إلى سابق الاتفاقات والتشاكس بين الخرطوموجوبا "يجعل من تنفيذ الاتفاق أمرا مستبعدا"، مؤكدا عدم وجود جديد في الاتفاق الحالي بعد اتفاق سبتمبر/أيلول الماضي. أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة فيرى أن الطرفين "منهكان اقتصاديا وسياسيا"، وبالتالي يستبعد التزامهما بتنفيذ ما توصلا إليه من اتفاق، لكنه يعتقد بوجود عقبات أخرى ربما عطلت تنفيذ الاتفاق. ويرى الدومة في تعليق للجزيرة نت أن المشكلات الاقتصادية في البلدين تجبرهما على قبول شروط بعضهما البعض إلى أجل معلوم. ويستبعد استمرار الدولتين في التعاون المطلوب "إذا ما طالب السودان بوقف دعم الحركة الشعبية-قطاع الشمال ومنعها من تنفيذ هجماتها من داخل الأرض الجنوبية". ومن جهته يبدى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين تشاؤمه من نجاح أي خطوة للبلدين دون ضامن حقيقي. ويعتبر أن التزام الغرب قبل تنفيذ اتفاق السلام عام 2005 برهن على عدم وفائه بما يلتزم به، "وبالتالي لن تقبل الخرطوم بغير ضامنين حقيقيين قبل التوجه لتنفيذ ما عليها من واجبات". ويقول نوري الأمين للجزيرة نت إن قضايا أبيي والحدود وفك ارتباط جيش دولة جنوب السودان مع قوات الحركة الشعبية-قطاع الشمال "لن تتم طالما هناك مجموعات في جوبا ترفض مبدأ التنازل ومن ثم التسوية". وتساءل عن إمكانية تنازل الخرطوم أو جوبا عن مواقفهما الخاصة بمنطقة أبيي، واصفا المصفوفة الجديدة بأنها "خطوة لجس النبض وتطمين المجتمع الدولي الذي بدأ يتضجر من تطاول الأزمة". المصدر:الجزيرة