أعلن رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، يوفال ديسكين، أمس، أن الرسائل الملغومة التي أرسلت من اليمن إلى الكنيس اليهودي في شيكاغو وعدة عناوين أخرى، ليست مجرد حدث إرهابي عابر، إنما تدل على وصول تكنولوجيا متقدمة إلى عناصر إرهابية صغيرة ومشتتة. وقال ديسكين إن هذه التكنولوجيا، التي توزعها بلا حساب دول ديكتاتورية معادية، مثل إيران وكوريا الشمالية، أصبحت موجودة اليوم في اليمن وفي السودان ولبنان (حزب الله) وقطاع غزة (حماس والجهاد الإسلامي). ومن جهة أخرى، كشف نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيلون، عن أن حكومته أقامت صندوقا مشتركا مع الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب. وكشف ديسكين، الذي كان يتحدث في «المؤتمر الدولي الأول لأمن الوطن» الذي ينظمه «المعهد الإسرائيلي للتصدير والتعاون الدولي» في تل أبيب، عن أن إسرائيل علمت بأمر الطرود المفخخة يوم الخميس، أي بعدما علمت الولاياتالمتحدة، فسارعت إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة وأعلنت حالة طوارئ في كل ما يتعلق بالطرود التي تصل إلى إسرائيل أو ترسل منها. وقال ديسكين إن هذه الطرود تؤكد أن تكنولوجيا الإرهاب ونفسية التعاطي مع عمليات إرهاب ضخمة في العالم، قد بدأت تسود. وعزا ذلك إلى شبكة الإنترنت المتوافرة للجميع وتزود بمعلومات بمستويات عالية، مشيرا في ذلك، على سبيل المثال، إلى «غوغل إيرث»، وكاميرات الإنترنت وخدمات أجهزة «آي فون» الجوالة. وقال إن هناك مخاطر كثيرة ناجمة عن الشبكة، «فالناس يتصفحون مواقع معينة، وتجري لهم عملية غسل دماغ من قبل ناشطي تنظيم القاعدة، ويتلقون تعليمات لمواجهة أجهزة مثل (الشاباك)»، على حد تعبيره. وحسب ديسكين فإن التكنولوجيا المتوافرة تسمح ل«الإرهاب» بأن يكون أكثر عولمة. وقال إن «حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحصلان على وسائل قتالية متطورة من إيران وكوريا الشمالية. وهذه الوسائل القتالية تصل إلى اليمن والسودان، ومن هناك، وبواسطة شبكات تهريب دولية، يتم تهريبها إلى قطاع غزة عن طريق مصر». وفي الوقت نفسه تقوم «المنظمات الإرهابية» بإرسال عناصرها إلى إيران، وذلك لكي يتم تدريبهم على استخدام هذه الوسائل القتالية المتطورة. وحذر ديسكين من «التهديدات الإرهابية على الطيران المدني»، خاصة في أعقاب الكشف عن الطرود اليمنية المفخخة، وقال إن الاهتمام يتزايد بالطيران المدني العالمي، سواء من خلال إرسال عبوات ناسفة، أو استخدام انتحاريين. وأضاف أن «الإرهاب يستطيع أن يضرب عن بعد بنى تحتية مصيرية للدول، ويتسبب في ضربات شديدة». وزاد قائلا إن توافر الكثير من الوسائل القتالية المتطورة، كتلك التي كانت بحوزة الدول فقط سابقا، مثل المواد المتفجرة والصواريخ والمقذوفات وطائرات من دون طيار، كل هذه الوسائل يمكن الحصول عليها اليوم. كما أن توافر المعلومات يسمح بإنتاج أسلحة دمار شامل. وبحسبه، فإن القرن الحالي (الحادي والعشرين) يتميز بإزالة الحواجز النفسية لتنفيذ «عمليات إرهابية ضخمة». وأنهى قائد المخابرات الإسرائيلية محاضرته بالتأكيد على أنه يمكن محاربة الإرهاب العالمي والانتصار عليه، ولكنه أضاف أن ذلك يتطلب «فهما اندماجيا معولما» بين الدول، بحيث يتيح الإشراك في المعلومات الكثيرة التي تم جمعها في الدول المختلفة، والإشراك في المعلومات الاستخبارية، والتعاون العالمي في تطوير التكنولوجيا، والتعاون العملاني على مستوى عال بين الدول، وتطوير بنية تحتية قضائية دولية في الدول الديمقراطية توفر أدوات أكثر لمحاربة «الإرهاب»، مشيرا إلى أنه يعتقد أن ذلك في متناول اليد. وتكلم في المؤتمر نفسه، أمس، داني أيلون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، فكشف عن الصندوق الإسرائيلي - الأميركي المشترك لمكافحة الإرهاب، الذي يجري أبحاثا مشتركة معمقة. وقال إن الإرهاب يخطط لتدمير العالم الذي نعرفه والحضارة الغربية ليقيم عالما آخر وفق آيديولوجيته. وهو اليوم يعمل بتنسيق وتعاون واسع يشمل الشيعة والسنة في كل مكان في العالم، ولذلك فإن كل من يريد مكافحة الإرهاب عليه أن ينخرط في إطار دولي شامل ويجند أفضل العقول، «فهذه المعركة لن تنتهي بسهولة ولا في عصرنا. الإرهاب سيرافقنا طيلة جيل كامل، حتى نستطيع هزمه وتصفيته. ولكن لا بد من هذه المعركة»، بحسب أيلون. تشكيك في رواية بريطانية حول علاقة منشق من «القاعدة» في كشف عملية الطرود الملغومة الداخلية السعودية ترفض التعليق.. وخبراء يقولون: كيف يمكن له تقديم رقم بوليصة شحن وهو خارج التنظيم منذ شهرين؟ في وقت امتنعت فيه الداخلية السعودية عن إبداء أي تعليق حول تصريحات بريطانية، تفيد بعلاقة عنصر انشق من تنظيم القاعدة في اليمن وسلم نفسه لسلطات الأمن السعودية بكشف عملية الطرود الملغومة، شكك خبراء بصحة رواية البريطانيين، كون جابر الفيفي الذي سلم نفسه لسلطات الرياض طواعية، يعتبر خارج التنظيم منذ نحو شهرين. كانت السلطات السعودية قد أعلنت في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن عودة المطلوب جابر الفيفي المدرج ضمن قائمة ال85 الملاحقة، بعد أن التحق بتنظيم القاعدة في اليمن إثر استعادته من غوانتانامو. ورفض اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، تأكيد أو نفي الرواية البريطانية، التي تقول إن جابر الفيفي الذي أعلنت الرياض عن عودته منتصف الشهر الماضي، هو من قدم المعلومات لأجهزة الأمن السعودية المتعلقة بالطرود الملغومة التي كانت في طريقها للولايات المتحدة الأميركية. كان مسؤولون أمنيون بريطانيون قد قالوا أمس إن عضوا سابقا في تنظيم القاعدة سلم نفسه للسلطات السعودية، هو من قام بالإبلاغ عن نية تنظيم القاعدة تنفيذ عملية الطرود الملغومة. لكن خبراء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، شككوا في صحة الرواية البريطانية، وذلك بالنظر إلى المعطيات التي تشير إلى أن جابر الفيفي يعتبر في عداد المنشقين من تنظيم القاعدة منذ نحو شهرين، وتحديدا في شهر رمضان المبارك. وتمت عملية استعادة جابر الفيفي، الذي أعلن عن تراجعه عن أفكار تنظيم القاعدة، بالتعاون مع سلطات الأمن اليمنية والسعودية، في عملية يعتقد أنها تمت بحسب ترشيحات مصادر ل«الشرق الأوسط» في نهاية أغسطس (آب) وبداية سبتمبر (أيلول) الماضيين. ومن هنا، شكك خبراء في أن يكون جابر الفيفي هو من قام بتقديم المعلومات عن الطرود الملغومة للسعودية، كون عملية استعادته قد تمت بالتعاون مع السلطات اليمنية؛ حيث كان حريا الإدلاء بتلك المعلومات لسلطات صنعاء في ذلك الوقت. ومقابل المعلومات البريطانية التي تشير إلى أن جابر الفيفي قام بتزويد السلطات السعودية برقم بوليصة الشحن التي كانت تحمل الطردين الملغومين، تساءل خبراء: كيف يمكن أن يمد الفيفي السعوديين برقم بوليصة الشحن قبل شهرين من تنفيذ العملية؟ كانت الرياض قد أدرجت الفيفي و84 من زملائه، على قائمة تحمل اسم 85 مطلوبا، جميعهم تم رصدهم خارج الأراضي السعودية، وتحديدا في إيران والمثلث الباكستاني - الإيراني - الأفغاني، والعراق، ولبنان، وغيرها من البلدان. وسبق للسعودية أن استعادت المطلوب الذي سلم نفسه، جابر الفيفي، من معتقل غوانتانامو عام 2007، وأخضعته لبرنامج تأهيلي، لكنه قام و10 من زملائه بالفرار إلى اليمن، والانضمام إلى القاعدة هناك، قبل أن يقرر العودة طواعية هو ومجموعة من زملائه الذين تراجعوا عن أفكار القاعدة.