بوينس آيرس - توماس موللر - سلبت الأزمة الاقتصادية والسياسات الحكومية من الأرجنتين وضعها كبلد رخيص ، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يملكون السيولة النقدية ، فإن هذا البلد لا يزال له أوقاته. والنقد هو الملك في الأرجنتين ، حيث يسمح لأؤلئك المكتظة محافظهم بالأوراق النقدية فرصة إبرام الصفقات. ويوجد حاليا في الأرجنتين سعرين لصرف الدولار الأمريكي أحدهما رسمي والآخر غير رسمي . فالإصلاحات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الحكومة خلقت سوقا موازية للدولار واليورو. ويبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار الواحد 5 بيزو، في حين عمليا يصل سعر العملة الامريكية فى السوق إلى مبلغ8 بيزو أو أكثر. وكذلك الحال بالنسبة لليورو الذي يرتفع سعره السوقى عن السعر الرسمي. ويتحدث المسافرون عن أن سعر اليورو بلغ 10 بيزو على الرغم من أن السعر الرسمي هو 7 بيزو فقط مع أن اليورو بشكل عام أقل انتشارا من الدولار. وخلال زيارة لمطعم دون خوليو لشرائح اللحم ستيك الشهير في بوينس آيرس يتبين لنا كيف يمكن للزوار الاستفادة من تفضيل التجار للعملة الصعبة النقدية . وبلغت فاتورة عائلة ويهرر القادمة من واشنطن مبلغ 600 بيزو ، فيقوم السيد كيث ويهرر بأخذ حزمة من الأوراق المالية النقدية ويسدد الحساب نقداً . وفي بلده كان كيث سيلوح ببطاقته الائتمانية، ولكن هنا سيتم الحساب بسعر الصرف الرسمي وهو مايعني في هذه الحالة أن يدفع نحو 120 دولار. ولكن السائح الامريكي يدفع 75 دولار نقدا فقط لقاء وجبة شرائح اللحم الستيك. ومثله في ذلك مثل كثير من السائحين هنا فإن كيث على استعداد للمخاطرة بحمل كميات كبيرة من النقد في محفظته من أجل الاستفادة من الأسعار المخفضة كما حدث في هذه الحالة. وليست شرائح اللحم الستيك وحدها هي التي يمكن أن تحصل عليها بنسبة تصل إلى 40 في المائة أقل مما هو مذكور في قائمة الأسعار. ويمكن كذلك الحصول على اسعار افضل من ذلك بكثير مثل تذاكر الحافلات وغرف الفنادق، والهدايا التذكارية وفي كثير من الحالات تقدم الشركات وأصحاب الفنادق خصومات تتراوح بين 10 و15 في المائة للعملاء الذين يدفعون نقدا وهو تأثير آخر لنتائج التضخم المتفشي. إن الأمر يستحق أن تسافر في جميع أنحاء الأرجنتين حاملاً الكثير من السيولة النقدية. ووفقا لوزارة الخارجية الألمانية فإنه مسموح للأجانب بدخول الأرجنتين حاملين ما يصل إلى عشرة آلاف دولار. وتحاول حكومة الرئيسة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر منذ أشهر سد الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وما يسمى "الدولار الأزرق" ولكن بدون تحقيق أي نجاح يذكر. ومن النادر أن يتمكن المواطنين في الأرجنتين من الحصول على الدولار بصورة قانونية ويمكن فقط لأولئك الذين يسافرون للخارج شراؤه من البنوك - وإن كان بالسعر الرسمي الذي يقل عن السعر التشجيعي. وعلاوة على ذلك فإنه يطلب من المواطنين توثيق مثل هذه الرحلات بكل دقة والمرور بالعديد من العقبات البيروقراطية، ونتيجة لذلك، فإن كثيرا منهم يحاولون الاحتفاظ بالدولارات في المنزل. وعلى طول شارع فلوريدا التجارى المزدحم في وسط المدينة، فإن الباعة الجائلين يرحبون بالسياح كل عدة أمتار ويدعونهم لمقايضة الدولار أو اليورو أو مجرد "التغيير". ويحذر المسافرون من ذوي الخبرة من الاستعانة بخدمات تجار الشارع هؤلاء، لأنهم غالبا ما يحاولون ترويج الأوراق النقدية المزيفة بين السياح المطمئنين الذين لايراودهم شك أو ريبة. وقد ظهر منذ ذلك الحين عدد من مكاتب الصرافة الصادقة التي تقوم باستبدال البيزو بالدولار بالأسعار غير الرسمية. ويتلقى المسافرون الذين يستفيدون من خدمات تلك المكاتب حزماً سميكة من الأوراق النقدية فئة 100 بيزو مربوطة بأربطة مطاطية كما جرت العادة في الأرجنتين.