ألقى الرئيس السوداني عمر البشير حجراً في (مياه السياسة الراكدة)، إثر قراره بالعفو عن كل المعتقلين السياسيين، في خطوة تمهد الطريق على ما يقول أمام حوار شامل لا يستثني أحداً تضع أطرافه دستور "سودان ما بعد الانفصال» إجراء تتبدى في ظاهره رغبة نظام حكم في تهيئة مناخ جديد يتقطّر عفواً وصفحاً ومد أياد بالإحسان، ويكتظ باطنه بنوايا اصطياد المعارضة وإجلاسها إلى طاولة الحوار دون تقديم تنازلات من قبل الحزب الحاكم على ما يرى محلّلون. ولأن عمر أزمة الثقة بين المعارضة لاسيّما المسلّحة منها ونظام البشير عقود سجون ودماء، رأت في خطوة البشير استداعاءً لقديم أساليب عمرها 23 عاماً هدفها تضييع وشراء الوقت، مشدّدة على أنّ خطوة البشير مهيضة الجناح وأنّ أي عملية دستورية تتطلّب وقفاً للحرب التي تأكل أطراف البلاد بما يؤدي إلى ترتيبات انتقالية جديدة، وأنّ ما عدا ذلك لا يعدو كونه إعادة إنتاج للازمة والنظام الشمولي. فيما رأت زرقاء يمامتها أنّ حزب البشير الحاكم شرع في ترتيبات دستورية تخصه عبر الرئيس السوداني الاسبق عبدالرحمن سوار الذهب، وسط تحذيرات من ابتلاع الطعم وإتاحة الفرصة أمام نظام البشير لشرعنة نظامه عبر الدستور والحلول الجزئية. مؤشر وفي مؤشّر جدّي على فشل خطوة البشير إطلاق سراح المعتقلين وجّه أول أفواج المفرج عنهم من الموقعين على وثيقة الفجر الجديد الحاضة صراحة على إسقاط النظام بكل الوسائل بما فيها العسكرية، ضربة قوية للخطوة بالتقليل من أهمية الإفراج والتشكيك في جدية الحوار. واضعاً شروطاً لا يتسنى الحوار دونها يتصدرها وقف الحرب مع الحركات المسلحة وتشكيل حكومة قومية انتقالية وإطلاق الحريات العامة، خطوات يرى كثير من المراقبين أنّ الطريق إليها أكثر من وعر حتى لو امتلك البشير الإرادة لفعل ذلك، لما يرونه من عقبات يقف على رأسها خلافات صقور الحزب الحاكم في السودان وتباين رؤاهم، إذ لا تبدو أفق الوصول إلى مطامع المعارضة لبدء حوار مع نظام البشير قريبة قدر ما يراها كثيرون إلى الاستحالة أقرب بسبب دعوتها غير القابلة للتفاوض والمتمثّلة فيما تسميه تفكيك دولة الحزب البوليسية القابضة لصالح دولة القانون، واعتبارها كذلك دعوة البشير لا تعدو كونها محاولة يائسة لتخفيف الاحتقان الذي يعانيه نظامه. ناشط سياسي عقب إطلاق سراحه من سجن كوبر في العاصمة الخرطوم. البيان