النشاط الجسدي والتحفيز العقلي عاملان أساسيان لحماية المهارات العقلية وتجنب الخرف. لكن هل أحدهما أكثر فاعلية من الآخر؟ يجيب د. سكوت مغينس، أستاذ في علم الأعصاب في كلية هارفارد الطبية: «يصعب في هذه المرحلة تحديد ذلك لأن معظم الدراسات لم يعالج هذه المسألة بعد». رصدت دراسة حديثة شملت أشخاصاً في السبعين من عمرهم ونُشرت في مجلة «علم الأعصاب» تراجع مشكلة انكماش الدماغ وإصابات المادة البيضاء الدماغية (قد تكون مؤشرات على الخرف) عند الأشخاص الذين يمارسون أكبر نسبة من النشاطات. تبين أن الأشخاص الذين مارسوا نشاطات فكرية لم يستفيدوا من المنافع نفسها. لكن صدرت النتائج استناداً إلى تحليل استبيانات أُلحق بمسوحات دماغية بعد بضع سنوات، ويقول د. مغينس إن الأمر ليس دليلاً كافياً للتوقف عن اعتبار التحفيز العقلي عاملاً لحماية القدرات المعرفية. لكن تؤكد تلك النتائج على دور التمارين الرياضية في حماية صحة الدماغ، مثلما تثبت دراسة أخرى نُشرت حديثاً في مجلة «جلطات الدماغ» أن الراشدين الأكبر سناً الذين يمارسون الرياضة بانتظام يخفّضون خطر إصابتهم بالخرف المرتبط بالأوعية الدموية بنسبة 40%. يقول د. مغينس إن دراسات عدة تثبت دوماً أن التمارين المنتظمة قد تزيد حجم المناطق الدماغية المهمة للذاكرة والتفكير: «تتعدد الآليات المحتملة للقيام بذلك، مثل الإنتاج التحفيزي لعوامل النمو والأوعية الدموية والخلايا الدماغية الجديدة، ما قد يوفر منطقة عازلة تحمي من التغييرات الدماغية التي تسبب الخرف». منافع النشاط العقلي تكثر الأدلة أيضاً على أن النشاط العقلي يحافظ على الصحة المعرفية. أعادت دراستان التأكيد على ذلك في عام 2012. وجدت دراسة نُشرت في مجلة «علم الأعصاب» رابطاً مباشراً بين معدل النشاط المعرفي، مثل قراءة الصحيفة أو لعب الشطرنج، ومستوى الوظيفة المعرفية في السنة اللاحقة. لاحظت دراسة أخرى، كما ذكرنا في «رسالة هارفارد الصحية»، تحسن الصحة المعرفية في عمر متقدم نتيجة المشاركة في نشاطات مفيدة مثل التطوع أو ممارسة هواية مشوّقة. يقول د. مغينس: «عند ممارسة وظيفة معرفية معينة، تتحسن تلك الوظيفة. إذا شارك أحد في مهمات تتطلب تشغيل الذاكرة، مثل حفظ المواد أو التلاعب بها في العقل لفترات قصيرة من الوقت، يصبح الفرد أقوى في ذلك المجال». ما العمل؟ يجب الاستفادة من الحماية المعرفية التي توفرها النشاطات العقلية والجسدية معاً. للحصول على المنافع الجسدية، ابدأوا بالتحرك. يقول د. مغينس: «يكفي القيام بنسبة متواضعة من تمارين الأيروبيك لحصد نتائج معرفية إيجابية. استعملت دراسات عدة أنظمة ترتكز على المشي بوتيرة معتدلة، خلال ثلاثة أيام في الأسبوع». في ما يخص النشاط العقلي، يقترح القيام بنشاط نستمتع به: «قد تشمل تلك النشاطات الكلمات المتقاطعة، والقراءة، والمشاركة في نادي، وبناء النماذج، أو أي عدد من النشاطات الأخرى. المبدأ الأساسي اختيار نشاطات تتطلب مشاركة ناشطة بدل المشاركة الجامدة مثل مشاهدة التلفزيون. أوصي حتماً بالنشاطات الجسدية والعقلية والاجتماعية لجميع المرضى الذين أقابلهم في عيادتي المختصة بالأمراض العصبية المعرفية».
