الخرطوم (رويترز) - في مكتب حكومي ضيق في الخرطوم، يجلس المهندس أحمد طه والعشرات من السودانيين الذين تغريهم الإعلانات في الصحف المحلية عن وظائف في الخليج، في انتظار الحصول على تصريح لمغادرة البلاد والعمل في الخارج. "لقد فاض يي الكيل في السودان وسوف اذهب إلى المملكة العربية السعودية"، وقال طه. "لقد تعبت من هذا البلد، والأزمة (الاقتصادية) والفساد." وطه، الذي كان يعمل في قسم حسابات احد المكاتب لمدة عامين لأنه لم يستطع العثور على وظيفة مناسبة، حصل على عمل كمهندس في شركة بناء في المملكة العربية السعودية - وهي خطوة من شأنها أن تزيد راتبه سبعة أضعاف إلى 2،500 ريال سعودي (670 $) شهريا. "أريد أيضا أن تجد زوجتي وظيفة تدريس في المملكة العربية السعودية لأنها تحصل على 600 (السوداني) جنيه استرليني (95 $) شهريا فقط هنا، ونحن لا يمكننا أن نعيش على رواتبنا." وقال عمر الفضلي الذي غادر السودان عام 1974 للدراسة في بريطانيا وبعد ذلك عمل في فرنسا والولايات المتحدة قبل عودته في عام 2005 لشراء مطعم في وسط الخرطوم. "نحن نعاني في ظل الضائقة الاقتصادية" "لكي نكون صريحين معكم فقد كنا نحاول بيع (المطعم) لأكثر من سنتين ... انها لم تعد تجارة مربحة " ويشكي الشباب من الفساد أيضا مما يجعل العثور على فرصة عمل صعبا خاصة في في القطاع العام، وهي أكبر جهة توظيف ويقولون انها غالبا ما تذهب إلى اناس لديهم واسطة. وقال هشام حسن، الذي تخرج من الهندسة المدنية في جامعة عطبرة في عام 2008 لكنه لم يجد عملا "لا يمكنك العثور على وظيفة بدون واسطة" وقال بعد استلام تصريح خروجه في مكتب التأشيرة. "أنا لا أملك أن اتزوج أو أي شيء" وقد حصل هشام على وظيفة في قطاع البناء السعودي تدفع له راتبا شهريا قدره 3،000 ريال - في القصيم، واحدة من أكثر المناطق المحافظة في المملكة العربية السعودية. "سوف اكون على ما يرام، وليس لدي خيار اخر على أي حال" احمد شامون يحصل على لقمة العيش من ارتفاع معدل الهجرة. بعد أن عمل في أبوظبي كمترجم للغة الإنجليزية لمدة 13 عاما, عاد في عام 1993 ويدير الآن إحدى وكالات التوظيف في الخرطوم، ومساعدة السودانيين في الحصول على وظائف في الخليج. رغم ذلك فأن احمد قال انه يرثي هذه الظاهرة. وقال وهو جالس في مكتبه الصغير بجانب وكالة سفر تبيع تذاكر إلى المملكة العربية السعودية. "ليس فقط الأطباء أو المهندسين الذين يغادرون بل ان معظمهم من العمال"، "أنا لا أحب ذلك، ولكن ماذا بأمكان الشباب أن يفعل؟ لا توجد وظائف هنا." في مكتب التأشيرات في الخرطوم، حيث النساء يرتدون الجلباب الأزرق الداكن، وممثلين عن وكالات التوظيف مرخصة من قبل الحكومة، يساعدون المتقدمين في ملء الأوراق المطلوبة. ويقول حمدة قاسم، أحد موظفي وكالة التوظيف. "نحن نفرز الأوراق للأطباء الذاهبين إلى الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية التي لديها طلب كبير على الأطباء السودانيين للعمل هناك"، في حين أن الحكومة السودانية تسمح للوكالات بالعمل لترتيب عقود عمل للأطباء المتجهين إلى الخليج، فقد أعربت دراسة حكومية نشرت في يناير عن قلقها إزاء هجرة المتخصصين في الرعاية الصحية. وقد غادر أكثر من 6،000 من الأطباء السودانيين الى المملكة العربية السعودية وحدها بين عامي 2009 و 2012، وفقا لدراسة حكومية لتقييم أسباب الهجرة. وقد غادر 1،000 طبيب إلى ليبيا منذ الاطاحة بحكم معمر القذافي في عام 2011. وقد اثرت الهجرة على مستوى الخدمات الصحية في السودان في ظل اقتناص دول الخليج وأماكن أخرى لافضل الأخصائيين في البلاد. وتفيد تقارير صحفية في السودان بشكل مستمر ان المرضى يموتون في المستشفيات لخطأ في التشخيص من قبل اطباء غير مؤهلين. ويقول تقرير الحكومة "هناك تأثير سيء جدا على الخدمات الطبية" "إن الهجرة إلى المملكة العربية السعودية سوف تؤدي الى فقدان المتخصصين الذي سيكون بشكل محسوس ... في المحافظات." وتقوم كليات الطب السودانية بتخريج ما يصل إلى 4،000 طبيب سنويا ولكن بعض الكليات تستخدم كتبا عمرها اكثر من 10 سنة وليس لديهم معدات جراحية. وتتوقع الدراسة أن الهجرة من السودان سوف تستمر في الزيادة في السنوات القليلة القادمة وذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية.