من الظواهر الغريبة التي عرفتها الصحافة الرياضية في فترة التيه والضياع ان كبار مدربينا اصبحوا عملاء دائمين فيها يطلقون التصريحات قبل وبعد المباريات وفي اكثر الاحيان تأتي انتقاداتهم لزملائهم المدربين مع ان هذا لايليق مهنيا لانهم اصحاب مصلحة ومنافسين يؤكد ذلك اننا لا نطالع في تصريحاتهم اي اشادة بالمدرب وانما يترصدون اي هنات لهم ليتخذوا منها مدخلا لانتقاد زملائهم عند الهزيمة وبما ان اي مباراة فيها طرف مهزوم مالم تنتهي بالتعادل فان مدرب الفريق الخاسر تفتح فيه من زملائه(وهو في حقيقتهم منافسين له) تفتح فيه نيران جهنم وتطلق في مواجهته صواريخ قاتلة, واذا وجدنا العذر للصحافة الرياضية لان هذه طبيعة مهنتها ان تبحث عن هذه التصريحات النارية ولكن ليس هناك مبرر او عذر للمدربين خاصة الكبار منهم في الاطلالة على القراء عقب كل مباراة يوجهون نيرانهم للمدرب المهزوم فهل المطلوب من مدربي الفريقين ان يخرجوا فائزين حتى يسلموا من نيران زملائهم. ثم هل ينسى المدربون انفسهم انهم غدا ومتى حلوا محل زملائهم سيواجهون نفس هذا الواقع حيث تنقلب الادوار ليصبحوا هم هذه المرة ضحايا من كانوا يوجهون لهم نيرانهم دون ان يتغير الحال. لو ادرك المدربون ان هذا الاسلوب الذي اصبح حرفة يرتد على صدورهم انفسهم عندما يكونوا هم في مواجهة نيران زملائهم المدربين لهذا السبب فان التدريب في الاندية السودانية غير مستقر ومن المستحيل ان نشهد مدربا يكمل موسما مع ناديه حتى نهاية البطولة ليعرف مردوده الحقيقي. الامر الثاني والاشد غرابة ان كبار مدربينا اتخذوا من الصحافة منبرا ليصبحوا دوما في الواجهة والاضواء الاعلامية لهذا فانهم وبالرغم من مهنيتهم كمدربين والتي تؤكد ان اي مباراة في كرة القدم هي حق متكافئ لكلا الفريقين حتى صافرة الحكم النهائية ولكنهم مع ذلك وقبل كل مباراة يتسابقون على اطلاق التصريحات يعلنون فيها مسبقا الفريق الفائز ويقللون من فرص الخصم وهو ما لايجوز ان يصدر من مدرب . اما المفارقة الاكبر ودون ان اسمي هؤلاء المدربين والذين ظلوا يطلقون التصريحات للصحف والتي يحددون فيها مسبقا الفريق الاقوى والفائز بالمباراة فان الواقع في اكثر من تسعين في المائة من الحالات التي تكهنوا فيها بفوز جانب معين ينتهي بان تثبت صافرة الحكم عدم توفيقهم في قراءة النتيجة مسبقا وذلك لان كرة القدم ترفض هذا النوع من الحديث.. ولو ان احدى الصحف رصدت احصائية لتصريحات المدربين عن المباريات لاكتشفت حقيقة ان توقعاتهم نادرا ماتأتي متوافقة مع نتيجة المباراة ولو ان المدربين انفسهم رصدوا ما انتهت عليه المباريات التي سارعوا بترجيح كفة على اخرى فيها لوجدوا ان الواقع كذب ما تكهنوا به ويومها سيكفون عن اطلاق هذا التصريحات, غير المسئولة ولعلني بهذه المناسبة اوجه رسالة بصفة خاصة للاخوة من المدربين الاكفاء والذين لا يشكك احد في قدراتهم الفنية سيد سليم والفاتح النقر ومحمد الطيب الا ينساقوا وراء هذا التيار فيشاركون في اطلاق هذا النوع من التصريحات حتى يكونوا قدوة لشباب المدربين وحتى يؤسسوا لادب جديد يساعد على استقرار التدريب في الاندية السودانية لا ان يكونوا حربا على بعضهم البعض وجميعهم خاسرون في نهاية الامر والخاسر الاكبر الكرة السودانية ما لم يستقر التدريب حتى اصبح اي مدرب مهدد عقب كل هزيمة.بل حتى في حالة نجاحه كما حدث للنابي عفوا عزيزي الاخ الصديق الفاتح النقر طالعت تصريحا لك عقب مباراة الهلال ومازيمبي تصف فيه الهلال بالقوة ومازيمبي بالضعف بل وتعلن مسبقا سهولة مهمة الهلال في مباراة الرد لان الفارق كبير بين الفريقين مما يسهل مهمة الهلال في مباراة الاياب. حقيقة وقفت مشدوها وانا اطالع لك هذا التصريح فكيف تصف الهلال بالقوة اذا كان ما حققه من فوز على منافسه بهدف واحد على ارضه وكان مهددا حتى صافرة الحكم الاخيرة ان يخرج متعادلا لو ان هدفا ولج مرماه. فالفريق لايوصف بالقوة الا اذا تفوق على خصم قوي اما من يتفوق على خصم بهذا الضعف الذي حكمت به على مازيمبي.. ومنافس الهلال لايمكن وصفه بانه ضعيف لأن الفوز جاء بهدف واحد والفريق الضعيف ذلك الذي يخسر بنصف دستة من الاهداف' والمتفوق والذي يوصف بأنه أفضل وأقوى يحسم النتيجة مبكراً ويؤمنها لا أن يظل مهدداً حتى صافرة النهاية. ولعل خطورة هذا التصريح انه يضر بالهلال نفسه اذا ما صدق لاعبوه ان خصمهم الذي سيواجهونه على ارضه بهذا الضعف وهو ما لايمثل الحقيقة حتى لو ان مازيمبي تعرض لظروف قللت من مستواه نسبيا فهو في نهاية الامر صاحب الرصيد الافضل من الهلال في البطولة وهو المصنف على رأس مجموعته والمرشح الاول للتأهل فنيا ثم ان صديقي الفاتح يعلم بماله من خبرة ان التقليل من مستوى الخصم يضر بالهلال اكثر مما يفيده . فالهلال في لقاء الرد امام مازيمبي سيواجه خصما قويا ومصنف اقوى منه وصاحب رصيد افضل ويلعب على ارضه ووسط مناخ تعود عليه لهذا لابد للهلال ان يعد نفسه لمعركة قوية وليس خصما ضعيفا كما صور له. الاخ الصديق الفاتح