* لا تستطيع مطلقاً أن تلوم الصحافة الرياضية على دورها البارز في تبخيس انجازات الآخرين، ولا نستثنى هنا الصحف الحمراء ولا الزرقاء المتفلتة من هذا الاشتطاط في العداوة وخلق الفجوات العميقة بين جمهور الناديين بسبب هذه الخطوط القميئة التي زينت صدرها في أوقات متفاوتة، لا نلومها ليس لأنها قاصرة أو أنها ما زالت ترتدي "مريلتها" مرفوعاً عنها القلم ل"بله" فيها أو قلة عقل، ولكننا نلومها لأن هنالك جهات مسئولة من المفترض أن تتعامل مع هذه التجاوزات وتضع حداً لهذا العبث الذي يمارسونه باسم الصحافة وباسم الصحافيين وتوزيع "الظرافة الحامضة" على بيوت آمنة وشوارع عرفت بالتسامح والتعايش والتراضي، لتبذر مثل هذه العناوين بذرة خلاف قميء، وتشق الصف حتى نصبح ذات صباح وألف ألبير ايبوسي يسقط في الملعب ميتاً بفعل التعصب..!! * واهم من يظن أنه يبخس المريخ ما حققه في سيكافا بحصوله على اللقب بعد عشرين عاماً من العزلة، فالمعني هنا ليس المريخ، ولم يكن المريخ يمثل نفسه في هذه المنافسة القارية بقدر ما كان يمثل السودان الوطن الذي يسع الجميع، والذي اختار المريخ ليمثله كأفضل الخيارات في غياب الهلال المشارك في دوري الأبطال، لذلك فإن الاحتفال أولاً وأخيراًَ يكون لكل سوداني يعشم في ان يرفرف علم بلاده في المحافل الأفريقية، ثم لكل مريخي ينتمي لهذا النادي العريق وصاحب الشعبية الكبيرة، ولعل من في عينه عمى فقط يتجاهل هذه الحقائق ويطفق في تبخيس الأشياء الجميلة التي تتحقق ظنا منهم أنهم يحجبون الشمس بأصابع الكف..!! * لو كنا مكان المريخ وحققنا هذه ال"سيكافا" التي يتبارى الناس في تبخيسها والتقليل من شأنها الآن لملأنا الأرض ضحيحاً لأننا جميعا نتعطش إلى فرحة ولو "سيكافية"، ونطمح إلى كأس ولو كان على حساب "حوش البقر الغيني" فإن غيابنا الطويل عن منصات التتويج الدولية جعلنا نفرح بكل شيء حتى "سيكافا" الما عاجبانا دي"، وبالرغم من أننا نجتهد ونملأ الدنيا بالزعيق ونستبسط المنافسات ونبخس سيكافا، إلا أن واقعنا الحقيقي يقول إن إمكانياتنا أقل من سيكافا هذه، والدليل مشاركتنا لسنوات طويلة دون أن نظفر بها ما يعني إننا بعيدين كل البعد عنها وعن الوصول إليها وبالتالي طبيعي أن يكون ما يتحقق فيها إنجازاً وخطوة إلى الأمام ينبغي أن نحتفي بها..!! * الاحتفاء الأكبر بفوز المريخ بهذه الكأس هو في كون الأحمر قبل التحدي في ظروف معقدة وفي ظل دخول عناصر جديدة بالجملة إلى الكشف الأحمر، فكانت مشاركة الفريق نوعاً من المغامرة في ظل غياب الانسجام وتغيير الجلد الذي صاحب هذا الموسم، لذلك من الطبيعي أن يفرح الناس بنجاح التوليفة الجديدة، وتحطيم أصنام الخبرة التي كانت عائقاً في مواسم خلت ليكون البناء الجديد مبشراً بالحصول على أول لقب في أول مشاركة دولية وربما باضت التجربة مجدداً في الموسم الجديد وفرخت ما يمنح السودان علامة تفوق جديدة ليكون ذلك دافعاً للآخرين لمراجعة الحسابات والتجويد..!! * سنظل نهنيء جمهور المريخ وإدارته على هذه الكأس الغالية، ونتقدم بالشكر للسيد جمال الوالي رئيس النادي الذي أعطى ولم يستبق شيئاً طوال سنوات ذاق فيها مرارة الخسائر والخروج وصبر عليها ما بين استقالة واستمرار وعودة ثم حرب قذرة وضرب تحت الحزام، وبات وحده يتحمل كل هذا بصبر وجلد كرجل صدق ما عاهد عليه جماهير المريخ، وندرك أن الوالي لن يتوقف في محطة تحقيق سيكافا، بل سيتعداها إلى موسم جديد يرى في مريخ السودان في أحسن حال، ويقدم أحسن التائج في مضمار التنافس الأفريقي..!! * لو ظن أهل المريخ أن سيكافا هي غاية أمانيهم فإنهم لا يعرفون قيمة ناديهم الكبير الذي ينتمون إليه، ولو أنهم قنعوا بهذا فقط فإنهم يقتلون الأحمر صبياً ويئدونه في تراب وضاعة الأحلام وتواضع الأفكار..!! * كيف نقدم صحافة مسئولة بإعلام صبياني..؟؟ اللون الأزرق * تبقى الحقيقة المرة عندنا أن سيكافا صغيرة جداً ولكننا للأسف أصغر منها بكثير..!! * أصغر منها لأننا احتجبنا عنها لعشرين عاماً مضت ولم تتوقف مشاركتنا فيها ومع ذلك لم نستطع تحقيقها والأدهى والأمر أننا نبخسها ونصفها ب"البطولة الحمام"..!! * مازلنا غارقين في وهم السبعينيات حينما قادتنا الصدفة لاعتلاء عرش أفريقيا على حساب دول خرجت لتوها حينذاك من الاستعمار وحققنا "بيضة الديك" الأفريقية..!! * لم نستطع أن نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام في المنافسات الكبيرة لأننا ظللنا نجتر موائد الماضي ونتغذى عليه، بلا تفكير مستقبلي أو تخطيط لغد فكان حصادنا أن نخرج محتفلين في سيكافا الصغيرة..!! * كان من الممكن للسودان أن يكون من أفضل الدول الافريقية في الرياضة ولكن بؤس التفكير أقعده مع القاعدين..!! * بداية التغيير ينبغي أن تكون من العقلية التي نفكر بها فيمن حولنا وتغيير النظرة الدونية للآخرين لنعرف فعلياً أين نقف نحن..!! * ليعلم ألناس أن سيكافا تعتبر جزء من مشاركتنا ودورنا في تنمية منطقتنا "شرق ووسط أفريقيا" وتبادل الخبرات لتطوير المستوى وليس بطولة مصنفة تستحق كل هذه الضجة حتى لا نستحقر أنفسنا بأيدينا ونكون مادة للسخرية بين الآخرين..!! * وحتى لا يقال إننا متناقضون فيما نقول حول احتفالنا الهستيري بالكأس لو حققه الهلال سنعيد الناس إلى قولنا إن سيكافا صغيرة جداً ولكننا للأسف أصغر منها بكثير وهو ما يفسر هذه الاحتفالات الهستيرية غير المبررة..!! * عموماً سنقول مبروك للمريخ، ومبروك للكرة السودانية خطوة صغيرة، ونأمل أن يتغير واقع الحال، وتكبر أحلامنا ونكبر نحن وإنجازاتنا معها..!! * وفي حال لم يحدث، ستظل الساقية تدور، من بحر "المكاواة" إلى بحر الخيبات..!! * أقم صلاتك تستقيم حياتك..!! * صلي قبل أن يصلى عليك..!! * ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!