وليد الطاهر تفاصيل عديدة كانت حاضرة في ملحمة الانتصار التاريخي على عزام التنزاني والذي لم يتحقق بالصدفة أو بضربة حظ بل كان نتاج عمل إداري وفني وجماهيري ونفسي كانت محصلته النهائية نصراً عزيزاً حلّق بالمريخ في الدور الأول وجعل الأحلام مشرعة بأن يذهب الأحمر بعيداً في دوري الأبطال ليبلغ المجد ويعانق لقب البطولات الأفريقية بعد طول غياب، الصدى كانت حضوراً في أدق لحظات الانتصارات ودوّنت كل صغيرة وكبيرة صاحبت معركة السبت كما سنطالع ذلك عبر الفقرات التالية. جمال الوالي في خطبة ما قبل المباراة: ألعبوا برجولة وبعدها لن نحاسبكم حتى لو خسر المريخ منذ أن انطلق الموسم الجديد سجل الرئيس جمال الوالي غياباً تاماً عن كل تفاصيل العمل الإداري والمتعلق بفريق كرة القدم ولكن عندما أصبح الخطر يحدّق الفرقة الحمراء ويهدد بخروج المريخ من الدور التمهيدي قطع الرجل إجازته وعاد ليقوم بعمل إداري كبير بعد أن جمع شمل مجلسه وفعّل كل الأعضاء وأشرف على كل التفاصيل المتعلقة بمعركة النصر والتأهل، وقبل لحظات من دخول لاعبي المريخ لمباراة عزام حرص جمال الوالي على زيارة اللاعبين ووضح أنه يريد من خلال مخاطبته لهم أن يحرّرهم من الضغوط العنيفة التي يتعرضون لها لذلك جعل طابع لقائه مع اللاعبين وُدياً لأبعد الحدود ولم تخل الجلسة من القفشات والمداعبات كما أكد أنه على استعداد لقبول احتمال الهزيمة والتعادل لأن هذه هي كرة القدم ومن يرفض هذه النتائج لا يعرف احتمالاتها الثلاثة لكنه شدد على اللاعبين بضرورة الأداء الرجولي وقال إنه على استعداد لقبول الهزيمة بصدر رحب لو أدى اللاعبون المباراة برجولة وبروح قتالية مؤكداً أنه يريد أن يشاهد 11 محارباً في الملعب يقاتلون بشراسة ويرعبون عزام وبعد ذلك سيجدون كل الاحترام حتى لو لم يتأهل المريخ، وذكّر الوالي اللاعبين بالجماهير الغفيرة التي ظلت تستنفر قواعدها وتراهن على أنها ستملأ الاستاد عن سعته حتى تسهم في دفع اللاعبين لتحقيق النصر وقال إن خذلان الجماهير لن يكون أمراً مقبولاً من اللاعبين لذلك لابد من أداء بطولي يدفع بالمريخ للتأهل وذكّر الوالي اللاعبين بأن عزام التنزاني هزمهم بمساندة سبعة آلاف مشجع والآن سيجدون مساندة من 45 ألف متفرج لذلك فهو لا يرضى بنتيجة أقل من خمسة أهداف دون رد وشدد الوالي على ضرورة أن يحرص اللاعبون على تحية الجماهير لحظة نزولها الملعب لأن تلك التحية ستجعل الجماهير تستشعر الدور المنتظر وكانت لخطبة الوالي التي كانت بعيدة كل البُعد عن الطابع الرسمي الدور الأكبر في الانتصار الذي تحقق. خاطب اللاعبين قبل يوم من المباراة غارزيتو يستعرض فيلم نجم عالمي مشهور أصبح في عداد الفقراء محاضرة الفرنسي غارزيتو للاعبين قبل يوم من المباراة جاءت بعيدة كل البُعد عن الطابع التقليدي لمحاضرات المدربين التي تتحدث عن مهام بعينها ينبغي أن يقوم بها كل لاعب في المستطيل الأخضر، فقد جلس غارزيتو مع اللاعبين في فندق كورال واستعرض لهم فيديو لنجم عالمي كبير وقال لهم إن هذا الفيديو للاعب كرة قدم مشهور في العالم كان يمتلك من المهارة والموهبة الكروية الفذة مالا يتوافر لأي لاعب غيره وكان من أميز النجوم في العالم لكن فجأة أصبح يسهر ولا يهتم بالتدريبات ويراهن على أن اسمه الكبير يمكن أن يحقق له أي شئ داخل المستطيل الأخضر وكان يخرج من المعسكر باستمرار وفي وقت وجيز أصبح لاعب بلا فائدة فنية وبعدها لم يعد مرغوباً فيه من عدد من اللاعبين لأنه لم يحترم موهبته فضاع منه كل المال الذي كنزه من كرة القدم وأصبح بعد ذلك في عداد الفقراء محذّراً اللاعبين من هذا النموذج السيئ لأن عدم احترام الموهبة الكروية أقصر طريق لموتها وذكّر غارزيتو اللاعبين بأن الجماهير السودانية أصبحت أكثر وعياً وبالتالي لا تخدعها الانتصارات الكبيرة في الدوري الممتاز وخسارة المريخ وخروجه من دوري الأبطال يعني أن المدرجات التي تمنح كرة القدم نكهتها الخاصة والمميزة ستصبح بلا جمهور وشدد غارزيتو على ضرورة أن يمضي المريخ لأبعد مرحلة ممكنة في دوري الأبطال حتى يضمن مساندة جماهيره له طوال هذا الموسم وسأل اللاعبين: حققتم الفوز بالدوري الممتاز وكأس السودان عشرات المرات هل شعرتم بأن هناك شئ جديد أو إضافة لمسيرتكم الكروية؟ المجد لا يتحقق الا بالبطولات القارية الكبيرة لذلك مباراة عزام بالنسبة لكم مباراة الموسم إما موسم جيد اذا حققتم التأهل وإما عليكم الاستعداد للأسوأ اذا قبلتم الخروج المبكر. في المحاضرة الأخيرة قبل المباراة المدير الفني: سجلوا الهدف الأول في أول ربع ساعة وبعد ذلك سجلوا متى ما أرِدتم في المحاضرة الأخيرة لغارزيتو للاعبين داخل غرفة الملابس وهم يهمون بالنزول إلى أرضية الملعب جاءت محاضرته مختلفة وكان كل تركيزه في تلك المحاضرة على ضرورة أن يكون اللاعب في أعلى حالات تركيزه عندما يتخذ قرار التسديد في المرمى حتى تنتفي ظاهرة ضياع الفرص السهلة وشدد غارزيتو في حديثه للاعبين على ضرورة أن يسجل المريخ الهدف الأول في ربع الساعة الأولى من المباراة وحتى يشدد أكثر على ضرورة الاستجابة لهذا المطلب الفني المهم قال: سجلوا الهدف الأول في أول ربع ساعة وبعد ذلك إن تأخرت بقية الأهداف حتى آخر عشر دقائق من عمر المباراة الأمر ليس مزعج بالنسبة لي فقط عليكم بالهدف المبكر والا تنسوا أن تسجيل ثلاثة أهداف يصبح بلا معنى إن سجل عزام هدفاً وحيداً لذلك لابد من تأمين المنطقة الخلفية بدقة متناهية بحيث يدافع المريخ من الوسط بممارسة أسلوب اللعب الضاغط الذي يمنع عزام من صناعة أي لعب داخل منطقة المريخ كما ذكّر غارزيتو اللاعبين بأحد العيوب الفنية الكبيرة في الفريق والمتمثلة في تأخر اللاعبين في استرداد الكرة لحظة فقدانها وقال إن الفريق لا يستطيع استعادة الكرة بالسرعة المطلوبة اذا لم يمارس الجميع أسلوب اللعب الضاغط وبعد ذلك تحدث غارزيتو مع علاء الدين عن الوظيفة الجديدة التي سيشارك فيها في متوسط الدفاع مع أمير كمال وقال إنه واثق من أن هناك تساؤلات لدى عدد من اللاعبين لماذا علاء الدين بالذات رغم وجود أكثر من لاعب متخصص ولمن لديه هذا السؤال أقول له إن علاء الدين فيه صفات اللاعب القائد الذي ينبّه اللاعبين بضرورة التغطية الجيدة وكذلك علاء لاعب شجاع يتدخّل بصرامة ولا يعرف التردد وأنا واثق من أن هذه المغامرة الخطيرة ستحقق نتائج جيدة لدفاع المريخ واتفق غارزيتو مع الوالي بضرورة أن يحيي اللاعبون الجماهير لحظة نزولهم إلى أرضية الملعب ومن ثم وزّع المهام على بقية اللاعبين وطالب كوفي واوكراه بالقيام بدور كبير في صناعة اللعب على الأطراف كما طالب كوفي الا يتردد في الاستفادة من موهبته العالية في تسجيل الأهداف بسلاح التسديد القوي. غارزيتو يتحدث مع اللاعبين بين الشوطين وينتقد كوفي بعُنف بين شوطي المباراة تحدث غارزيتو مع اللاعبين وبرغم أنهم حققوا ما طلبه بتسجيل الهدف الأول لكن كانت لهجته حاسمة وتحدث مع اللاعبين بصرامة ووبّخ عدد كبير منهم وتحدث لهم صراحة عن خذلانه في عدد من اللاعبين الذين لم ينفّذوا ما طلبه منهم في المباراة، اللافت في الأمر أن كوفي صانع الهدف الأول كان أكثر لاعب تعرض للانتقاد من غارزيتو والذي عاتب الغاني وقال إنه لم يتعاون مع مصعب ولم يسانده حتى يسترد الكرة وظل يبدأ مهمته بعد وصول الكرة إليه، وبعد ذلك طلب غارزيتو من اوكراه بضرورة أن يتوغل داخل منطقة الجزاء وأن يستخدم أسلوبه الساحر في المراوغة حتى يفرض على مدافعي عزام إعاقته داخل المنطقة ليستفيد المريخ من ركلة جزاء لأنه لاحظ بأن فريقه مازال يحتاج لفرص عديدة حتى يسجل وبالتالي فإن الحصول على ركلة جزاء يمكن أن يسهّل من مهمة المريخ في التسجيل، الغريب في الأمر أن أوكرا نفّذ ما طلبه منه المدرب وتوغل داخل منطقة جزاء عزام وحصل على ركلة جزاء لكنه خالف توجيهات المدير الفني وأصر على تنفيذها بنفسه فتسبب في اهدارها. بكري المدينة يتحدث مع زملائه قبل المباراة ويؤكد تسجيله لهدفين تحدث مهاجم المريخ بكري المدينة الذي بدأ موسمه التنافسي مع الفرقة الحمراء بحظ عاثر حال بينه والتسجيل في جميع المباريات التي شارك فيها وقال المدينة إن أهدافه الرسمية مع المريخ ستبدأ في أكثر مباراة يحتاجه فيها الأحمر وأكد أنه سيسجل هدفين على الأقل ودخل المدينة في رهان مع زملائه وأكد لهم أنه سيصل إلى شباك الفريق التنزاني ولذلك حرص على تأكيد هذا الأمر لعدد من زملائه لحظة احتفاله بالهدف الجميل الذي سجله. خمسة اجتماعات للاعبين قبل مباراة عزام شهدت مباراة المريخ أمام عزام التنزاني أعلى درجات التلاحم بين اللاعبين الذين ظلوا في حالة اجتماعات متواصلة بعيداً عن الطابع الرسمي ودون أي توجيه من المجلس أو الجهاز الفني وكانت تلك الاجتماعات بمبادرات شخصية من اللاعبين الذين اهتموا كثيراً بمعركة عزام خاصة اللاعب راجي عبد العاطي الذي قام بأكثر من مبادرة رائعة تستهدف جمع اللاعبين على قلب رجل واحد وبعد النجاح الكبير الذي حققته الاجتماعات المتواصلة للاعبين تقرر أن تتواصل تلك الاجتماعات بصورة مستمرة قبل مباراة مهمة للفريق حتى يضع اللاعبون الخطوط العريضة للنصر خارج المستطيل الأخضر. لاعبو المريخ يوزعون قمصانهم على الجماهير عقب انتهاء المباراة وإنجاز نجوم الفرقة الحمراء لمهمة إعدام عزام على أكمل وجه حاصرت الجماهير الغفيرة التي ساندتهم بص اللاعبين وحيتهم على الأداء المميز وعلى عودة الروح القتالية وعلى الانتصار العريض الذي تحقق, وقام اللاعبون بتوزيع قمصانهم على الجماهير كنوع من رد الجميل للجماهير التي لم تقصر على الإطلاق في التشجيع والمساندة. اشتباك لفظي حاد بين باسكال وجوج نسيمبي بعد خروج عزام عقب انتهاء المباراة بانتصار عريض للمريخ أطاح عزام خارج السباق الأفريقي اندلعت معركة شرسة بين الإيفواري باسكال مدافع عزام والمدرب العام جورج نسيمبي, وحمل باسكال المدرب جورج نسيمبي مسؤولية خروج الفريق من البطولة لأنه استفز الخصم وجماهيره كما اتهم باسكال مدربه بالجبن لأنه لم يفكر في تسجيل أي هدف ولعب من أجل الدفاع على التقدم الذي تحقق في دار السلام في حين اتهم نسيمبي باسكال بأنه كان من أسوأ اللاعبين في المباراة وأنه لم يقم بالواجب المطلوب منه في التصدي لبكري المدينة الذي كان السبب في تأهل المريخ بتسجيله للهدف الأول.