نشرت بعض الصحف أن مدرب المريخ الكوكي رفض السماح للصحفيين حضور تمارين المريخ ومع أنني أعلم أن الكوكي لن يصمد أمام هذا الموقف وسيتراجع عنه الا أن ما صدر عنه عن عدم موافقته لوجود الصحفيين في تمارين الفريق، فموقفه هذا وإن تراجع عنه مرغماً فإنه يبقى أمراً إيجابياً لأنه يحدث لأول مرة في تاريخ أنديتنا وليته يصمد على موقفه وليت كل المدربين يتخذون ذات الموقف ويلتزمون به، وليت الإدارات تكون على قدر من المسؤولية للالتزام به وهو أمر بعيد المنال. حقيقة علاقة الصحافة الرياضية مع الأندية يجب ألا تخرج عن مسؤوليتها في أداء الأندية داخل الملعب في المباريات الرسمية حيث يتعين عليهم التغطية الخبرية والتحليل الفني والذي بالضرورة أن تتوفر فيه الخبرة الفنية حتى لا يكون التحليل عاطفياً أو انحيازياً من منطلقات خاصة ولكن المؤسف أن الواقع يقول غير ذلك. ظواهر سالبة عديدة بالغة الخطورة ارتبطت بعلاقة الصحافة الرياضية والأندية حيث أصبحت الصحافة ترصد وتتابع التمارين وتقوم بتغطية التمرين كما تغطي المباريات بالصور وتنتقد اللاعبين كما لو أنهم يشاركون في مباراة رسمية ويهللون للاعبين والهاتريك كأنما حققوها في مباراة خارجية حتى أصبحت التمارين مصدراً للنجومية حتى للمحترفين الأجانب كل هذا يجري بحضور الجمهور المحتشد لمتابعة تقسيمات التمارين كما يتابع المباريات، ويهلل لمن يوفق من اللاعبين في التمرين ويوبخ ويصبح لاعبنا من يكون أقل عطاءً كما يحدث في المباريات وبنفس الفهم، وتشارك الصحافة في معسكرات الأندية داخل وخارج السودان ولا تتوانى في رصد السلبيات التي تكشف عنها المعسكرات والأخطر من هذا كله أن تغطية التمارين تكشف للخصوم ثغرات الفريق ونقاط ضعفه ومراكز خطورته. باختصار صحافتنا لا تفرق بين التمرين والمباراة والأندية وأجهزتها الفنية راضية بذلك مع أن التمارين شأن خاص بالجهاز الفني ليقف على مستويات لاعبيه وأوجه القصور فيهم لمعالجتها ولخلق الانسجام بينهم ووضع الخطط في سرية تامة وهو ما لا يجوز إباحته للصحافة الرياضية. خمسة عشر عاماً قضيتها في القاهرة لم أطالع يوماً في صحيفة خبراً عن تمرين للأهلي والزمالك فليس هذا بالخبر ولم أشهد يوماً في صحيفة تغطية صحفية لتمرين ولتقسيمة داخلية وصور لاعبين تتوسط أخبار التمارين وما تحقق فيها من أهداف ولم يحدث يوماً أن فتح الجهاز الفني أبواب الملعب للجمهور وللصحافة لتشكل حضوراً في التمرين الذي تحرص هذه الأجهزة على أن يكون الحضور فيه قاصراً على الجهاز الفني. خطورة هذا المسلك سواء بحضور الجمهور أو الصحافة الرياضية للتمرين أنها تتسبب في ضغوط نفسية على اللاعبين تماماً كما يحدث في المباريات. ويضاعف من هذه المخاطر أن الصحافة الرياضية تحزبت سواء بالولاء لنادٍ بعينه أو بالولاء للاعبين بعينهم حتى على مستوى النادي، وأسوأ من هذا الولاء للإداريين والانخراط في صراعاتهم تنعكس آثاره السالبة على تغطية التمارين من منظور الصراعات والولاء للأفراد. ويجب ألا نغفل هنا ما تدخل الصحافة الرياضية في تسجيلات الأندية للاعبين مع أن هذا شأن خاص (جداً) بالنادي، ولكن ولاء الصحافة لأندية بعينها يجعل منها طرفاً مباشراً في التسجيلات وشريكاً فيمن سعت لتسجيله وخصماً لمن رفضت تسجيله مما غيب الحيادية في النظرة الفنية تجاه اللاعبين. لكل هذا اذا كنا نتطلع لإصلاح جذري في الرياضة فإن الإصلاح لا يقتصر فقط على الإصلاح الإداري وإنما بقدر أكبر لا بد للصحافة الرياضية أن تصحح مسارها حتى لا تكون من أكبر العوامل السالبة التي تعيق أي تطور للرياضة، ولكن هل صحافتنا أهل لذلك؟ أمتنع عن الإجابة.