ونحن نهم بالتوثيق لسوق الشجرة بأبي روف، لم نطلب اذنا من احد، امتطينا العربة الى علايل ابوروف، لنوثق لقصة (حواء) مع شجرة آدم، بعد ان تحولت الى سوق له تاريخه الصاخب منذ برمبل الإنجليزي، وحتى اليوم. عرفنا ان شجرة السوق زرعها آدم، ولكن لا اثر لآدم يذكر، ولا شجرته، فدخلنا فى السوق نسأل: يا جماعة، شجرة آدم وين؟ لا احد يجيب، الكل منهمك فى متجره.. بصل يتقلب فى كف شاب ليباع بما حصل.. وزيت يغادر دكانه ليستقر فى جوف حلة عطشى تنادي: يا بنات قطعوا البصل وهاتو الدمعات.. سألنا كثيرا عن الشجرة، والما بعرف شجرة آدم يقول عدس..! والعدس ورفقاؤه؛ العجور والطماطم وجزر مستلقٍ في بوار.. هنا فى سوق الشجرة يمكنك ان تختار كل شئ من اى شئ، تماما كما فعلت كاميرتنا تلتقط الصور دون نظام. (1) وآدم صاحب الشجرة يرجع نسبه الى شمال السودان، وتوزعت عشيرته بين ابوروف وود أرو، وكانت له بئر تجاور الشجرة اتخذ منها فضل المولى مصدراً للرزق، حيث يقوم بسقاية اهالي الحي وأهل السوق الذين كان اغلبهم من النساء. وترجع تسمية السوق بالشجرة الى شجرة «لالوبة» قام السوق حولها في عشرينيات القرن الماضي في الحقبة التي نبتت فيها الأسواق في السودان مع انتعاش حركة التجارة النيلية، فقام سوق الموردة وسوق ابوروف وسوق الأسكلا بالخرطوم. (3) يحد السوق من الجهة الغربية مسجد الشيخ اسماعيل صديق ابوسمرة، الذي اسس في العالم 1947م، ويقول عنه سيد احمد حسين -اول عازف يعزف للفنان محمد وردي- قبل ان يأخذ منه الدهر وجفوة الصحبة بصره ورجله اليسرى: مكان مسجد ابوسمرة كان مخزناً للمراكب والأخشاب حتى بداية الأربعينيات فترة تشييد المسجد الذي يرجع فضل بنائه الأول الى المقاول الشهير كامل عبدالعزيز.. ويحد السوق من جهة الشمال منزل كرم الله وشرقاً بيوت اولاد ابوسمرة وجنوباً شارع ابوروف. (4) يعود ارتباط ابوسمرة بسوق الشجرة، الى مصطفى ابوسمرة صاحب اشهر مصنع للحلويات بأم درمان، وتقول عنه فاطمة حسين: كنا بنغني زمان بحلاوة ابوسمرة الأغنية دى والله لحدى هسع متذكراها: حلاوة ابوسمرة المشكّلة وحمرة قدمتو السكة حديد وركبتو في القمرة ومن مشاهير السوق مصطفى ابودقن، شيخ السوق، كانت له صلاحيات لا تحدها حدود، الشئ الذى لم يتوافر لغيره في مدينة ام درمان سوى المفتش الإنجليزي الصاخب برمبل.. ومحمد احمد سوار شيخ الجزارين، ومحمد حاج الشيخ الذى هدم برمبل دكانه بالموردة فشد الرحال شمالا ليستقر بشجرة آدم وما يزال دكانه يفتح ابوابه حتى الآن… ثلاثة معالم لا يتخطاها التوثيق عن سوق الشجرة. (5) اما دراج سليمان فهو طرفة السوق التي مشت برجلين زماناً طويلا، وخلفه محمد ود الشيخ الذي ترجل عن الدنيا قبل سنوات وبقيت طرفته مع فاطمة حسين حاضرة في ساعات السمر واجترار الذكريات، ويقول عنها شقيقه احمد الشيخ: فاطمة دي كانت عاملة دوشة فى السوق.. احد رواد السوق سأل محمد ود الشيخ: دي مني العاملة جوطة دي؟ فرد عليه محمد دون اهتمام: دي فاطمة حسين فأعاد عليه السؤال: فاطمة حسين دي مني؟ فرد عليه محمد الشيخ بسرعة: دي اخت صدام حسين!! وعندما ذكرنا لها الطرفة ضحكت حتى بانت نواجذها ومسحت بلل عيونها وهي تترحم على محمد حاج الشيخ. (6) من مشاهير منطقة سوق الشجرة الذين افلحت ذاكرة عمنا سيد احمد حسين استحضار اسمائهم اللواء عبدالرحمن الفكي، الذي عمل مستشاراً قانونياً للقوات المسلحة، وعبد الخير صالح، لاعب الهلال السابق الذي هاجر الى مصر وعمل بالري المصري زمناً طويلاً، ومحمود الفكي الذى شغل من قبل منصب مراقب عام الإذاعة السودانية. (7) عشة وشيخة وبت ادريس وحاجة نفر وعجوبة وست الشامي ومبروكة وعندالله.. هؤلاء عملن بسوق الشجرة، ولم تستطيع فاطمة حسين في استذكار المزيد.