تحسبت مصر لكل السيناريوهات ، في حالة الوحدة والإنفصال، وبدأت رؤيتها تتضح تحسباً للإنفصال وذلك بتطبيع وتعميق علاقاتها مع الدولة الوليدة والمتوقعة في الجنوب، حيث أرسلت مصر خلال اليومين الماضيين معدات لتطهير حوض بحر الغزال خاصه بمشروع تحسين المجاري المائية في بحر الغزال بقيمة بلغت (26.6) مليون دولار، وفي وقت سابق أوضحت السفيرة منى مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية ، ان مصر إستعدت لسناريو محتمل بإنفصال جنوب السودان مشيره انها لا تعلم ما إذا كان سيتم تقسيم حصة السودان وهي(18.5) مليار م3. من المياه بين الشمال والجنوب، أم سيحصل الجنوب على حصة غير محدده من مياه النهر. وصفت السفيرة مني مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية، حسبما جاء في صحيفة الأهرام المصرية وكالة أنباء الشرق الأوسط، مصراوي، 15 سبتمبر 2009 القاهرة، الوجود المصري في الجنوب بالقوي بعد ان قامت بلادها بدراسة لكل الإحتمالات وتابعت « احنا في الجنوب مش قليلين وأتقل من أي حد ولدينا علاقات قوية مع الأخوة في الجنوب وعدد من المشاريع والمستشفيات والخبراء الموجودين هناك» مشيرة الى أن الإتفاقية الاطارية ستحقق مصلحة جميع الدول بما فيها جنوب السودان اذا انفصل، معتبرة ان أزمة حوض النيل ليست في نقص المياه ولكن في سوء إستعمالها. وبالمقابل طمأن نائب ممثل حكومة الجنوب في القاهرة، روبين مريال بنجامين مصر، بأن جنوب السودان ليس في حاجة الى مياه النيل حتى يشكل إنفصاله خطوره على حصة مصر من مياه النيل مبيناً (أن كمية المياه المستخدمة في رش شوارع القاهرة أكثر بكثير من كمية المياه التي يحتاجها جنوب السودان) وأكد ان العلاقة بين الجنوب ومصر في حالة الإنفصال ستكون أقوى من علاقة مصر مع شمال السودان، مشيداً في الوقت ذاته بما ظلت تقدمه مصر لجنوب السودان منذ الاستقلال، وان طلاب الجنوب الذين تخرجوا في الجامعات المصرية أكثر من الذين تخرجوا في الجامعات السودانية، مضيفاً ان جنوب السودان لن يبخل على مصر بشئ وان إنفصال الجنوب لا يشكل خطورة على مياه النيل والأمن القومي العربي. وأوضحت المهتمه بقضايا مياه النيل الدكتورة إكرام محمد صالح في قراءة لهذه التصريحات «ان هناك تنسيقاً كبيراً بين مصر وحكومة الجنوب في كل المجالات»، اي بمعنى المحافظة على مصالح مصر مقابل تأييد الإنفصال وهذا يؤكد سعي مصر بتمتين علاقاتها مع دولة الجنوب حفاظاً على أمنها القومي. وايضاً أوضح رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت خلال إفتتاح المؤتمر العربي للإستثمار في الجنوب، حيث أوردت صحيفة الإنتباهة بتاريخ 24/2/2020 صفحة (1-2) علي لسان سلفا «انه في حالة إنفصال جنوب السودان عن الشمال فإن الروابط الإقتصادية والثقافية بين الجانبين لن تنقطع وستظل العلاقات الإقتصادية والإجتماعية مستمرة، وقال سلفا لوحدث إنفصال فان الجنوب لن ينتقل الى المحيط الهندي أو شاطئ الأطلسي، مضيفاً ان جنوب السودان من ضمن العالم العربي» وقالت إكرام ان حديث سلفا يؤكد على الخيار الثالث وهو الإنفصال المؤقت الذي يمكن ان يعزز فيما بعد لأتحاد فيدرالي، مشيره الى ان هذا الحديث يأتي في إطار المناورات السياسية. وقال وزير الري والموارد المائية في حكومة الجنوب جوزيف دوير جاكوك لصحيفة الشرق الأوسط انه لايرى خطورة من الجانب السوداني في حالة إنفصال الجنوب او الوحدة على مياة النيل مشيراً انه لدي الجنوب من المياه الجوفية ومياه الأمطار كمية كبيرة جداً غير مستغلة، وانه لا يعقل إطلاقاً ان يشكل السودان كدولة موحدة أو اذا انفصل الجنوب خطورة على مياه النيل وليس هناك سبب يدعو الجنوبيين لإيقاف جريان النيل لمصر، وأوضح ان الجنوب حالياً يستخدم حصة المياه العابرة والإقليمية وهي الآن من مسؤولية الحكومة المركزية في الخرطوم ولا صلة لجوبا بها، وأضاف جاكوك ان حكومة الجنوب منذ توقيع إتفاقية السلام الشامل في عام 2005 لم تقم إي سد مائي في الجنوب، وقال ليس لدينا حاجة لإقامة سد ولكن لدينا خطة مشتركة مع مصر لنظافة حوض بحر الغزال في الجنوب مشيراً الى ان إنجاز هذا المشروع سيكون من أسباب إستمرار تدفق مياه النيل بجانب العديد من مشاريع التنمية والمساعدات التي تقدمها مصر الي جنوب السودان في النواحي الصحية والتعليمية والفنية والخاصة بالمياه وإستغلالها وتابع (لا تفريط في حصة مصر من مياه النيل) وهذا التصريح يؤكد التنسيق التام بين مصر وحكومة الجنوب بخصوص مياه النيل من خلال الخطة المشتركة، وتقول دكتورة إكرام يتضح جلياً بأن حصة دولة الجنوب سوف تؤخذ من حصة دولة السودان (18.5) مليار م3، وهي عقدة خطيرة تثير عدة أسئلة، اولها هل تقسم حصة السودان بالمناصفة بين الشمال ودولة الجنوب، وهل تقسم علي حسب نسبة السكان، والسؤال المهم كيفية إقامة السدود والقنوات في الجنوب. وتأكيداً لمتانة العلاقات بين الجانبين أرسلت مصر معدات لتطهير حوض بحر الغزال بنحو 26.6 مليون، حيث كشف وزير الموارد المائية والري المصري محمد نصرالدين علام عن وصول المعدات النهرية والآلات الخاصة بتنفيذ مشروع تحسين المجاري المائية في حوض بحر الغزال بالجنوب السودان خلال أغسطس المقبل، مشيراً الى ان المعدات تضم صنادل نهرية تم تصنيعها خصيصاً بالإسكندرية لتناسب طبيعة العمل في مناطق المستنقعات بجنوب السودان، بجانب حفارات وقوارب صيد للتفتيش النهري وسيارات نقل ثقيلة. وقال الوزير، ان تنفيذ المشروع يأتي في إطار المنحة المقدمة من الحكومة المصرية لجنوب السودان، مؤكداً ان معدلات تنفيذ برامج التعاون الفني في مجال الموارد المائية والري مع حكومة الجنوب تسير بخطىً ثابتة وسريعة من أجل تحقيق الفائدة التنموية لسكان منطقة بحر الغزال والمدن الأخرى بجنوب السودان. وأوضح علام ان المشروع المصري السوداني لتطهير المجاري المائية بحوض بحر الغزال يستغرق تنفيذه خمس سنوات، ويتضمن تطهير المجاري وإنشاء ممرات نهرية ربط المدن الرئيسية بجنوب السودان ببعضها، وتوصيل بحر الغزال لأول مرة بالنيل الأبيض. وأضاف انه قد تم البدء فعلاً في أعمال التطهير لخور لوكو كوكو بطول 6 كيلومترات داخل مدينة «واو» حيث كان يتسبب في مشاكل بيئية للسكان، خاصة في موسم الفيضان مشيراً الى ان المشروع يتضمن حفر (30) بئراً جوفياً، وإقامة مجمعات لمياه الشرب، وإنشاء معمل مركزي لتحليل نوعية المياه، وإنشاء محطات لرفع المياه لتوفير احتياجات الزراعة والشرب للمواطنين بجنوب السودان، بجانب إعداد دورات تدريبية ومنح دراسية بالجامعات المصرية لأبناء الجنوب.