مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعادة قراءة التاريخ: مسافات الأنا والآخر بين التسامح والاعتذار والمواجهة
قراءة في مستقبل الوحدة: بيروستريكا الهوية (2/2)
نشر في الصحافة يوم 24 - 07 - 2010

مدخل 1: تكثر لدينا الكتب التي تتناول التاريخ لكن تندر لدينا الكتب التي تحسن تناول التاريخ وبين هاتين الحقيقتين المتناقضتين يقف «المواطن» حائرا.
د. سليمان ابراهيم العسكري في مقدمته لكتاب اعادة قراءة التاريخ.
مدخل 2:
ان الاوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة والسبب في ذلك اختلاف الآراء والاهواء.
ابن خلدون المقدمة ص 164
«1»
المعطيات التي ساقتها «الملاحظات» في الجزء الاول من المقال، شكلت النتيجة الخاطئة، للمقدمات الخاطئة، فالتدوين باشكاله ودرجاته المختلفة، لا يعني سوى اثبات الوقائع التي قد تختلف او تتباين درجة الصدق فيها، ولذلك فان البحث التاريخي بعد التيقن الوقائعي بشكل العملية الاهم في الاستخلاص والتي ينبني عليها اعادة الفهم من حيث الدوافع والمحركات والنتائج، ولقد هدف الدكتور سليمان ابراهيم العسكري تماما حين اورد في مقام خطورة التاريخ ان من مفارقات علم التاريخ ان درجة تقدمه ونضجه انما تعبر عن درجة ونضج الحاضر اكثر مما تعبر عن درجة عظمة الماضي. ص 24: ان الوعي بالتاريخ يتيح وضع الحاضر في مكانه الصحيح «بعيدا عن الغرض او المبالغة او التأويل او التزوير» ولم يكن صدفة في هذا السياق ان تعرض الدكتور قاسم عبده قاسم في كتابه «اعادة قراءة التاريخ» اكتوبر 2009 لمعنى ومغزى «التسامح» وهو مصطلح شغل الحياة السياسية، في كثير من الدول العربية والافريقية في القرن العشرين وما سبقه من سنوات الاستعباد والتشفي وظل يشكل في ادبياتنا السياسية والاجتماعية مدخلا لكل بداية جديدة، سواء عن طريق الحوار او قبول الآخر او التحول الديمقراطي، ويهم ان نثبت هنا، بعض اهم ما ذهب اليه الدكتور قاسم عبده قاسم
٭ يعني «التسامح» في اللغة التغاضي عن خطأ ارتكبه آخر او التساهل في حق او الصبر على اساءة.
٭ ان المصطلح تجاوز سقف اللغة الى المواقف الاثنوثقافية. ويضيف ان فكرة التسامح تبدو نتيجة لثقافة غير متسامحة اذ تفترض التجاوز عما يعتبر خطأ الآخر في فهم الجماعة.
٭ ودون الدخول في التفاصيل التي مضى اليها المؤلف، نسعى، في سياق افتراض اعادة القراءة الصحيحة، لتاريخنا القريب، لبحث مدى انصاف مصطلح «التسامح» على صراع اثنو ثقافي، لا تملك اي جهة الحق في تقرير اخطاء الآخر فيه.
فابعاد الخطأ محل «التسامح» هو محل رؤيتين: ايهما يرى في ممارسة الآخر «الخطأ» الذي يستحق «التسامح» أهو «تنازل» عن حق ام «ممارسة» لحق.
ان الصراع الاثنو الثقافي على الساحة السودانية يطرح الكثير من التباين في الرؤا.. وبالتالي في صدقية وعدالة مصطلح «التسامح» من يسامح من؟
هل يبدو الاعتذار التاريخي.. مقبولا في ظل الاعتراف بالوقائع الخاطئة وقبل ذلك ما هي تلك الوقائع الخاطئة؟
«2»
سجلت كتب التاريخ في بلادنا وقد اهدرها علماء افذاذ، وقائعَ للتاريخ السياسي والاجتماعي للوطن، ولسنا في مقام حصر تلك الدراسات، ولكننا نتساءل ونسأل عن ماذا اضافت تلك الدراسات الى مستوى الوعي والممارسة على الاخص ما تعلق بالواقع السياسي: في مسألة الهوية/ في مسألة الخصوصية/ في المسألة الاثنية في المسألة الثقافية/. كانت حتى محاولات الاستخلاص التي اعقبت الوصف الوقائعي، والسرد البارد، مجرد نداءات عابرة، كتبها «الشعر» بصورة اساسية، وتملكها الاحتفاء الموسمي، لتكون هدى لبعض ممارسات الصدفة الشقية!!
٭ عرب العرب.. ولماذا. .وهناك العرب العاربة والعرب المستعربة!! «صلاح احمد ابراهيم في مرحلته»
٭ الاستعراب العربي.. الاستعراب النوبي «اباداماك»! «عبد الله علي ابراهيم وآخرون»
الزنوجة والعروبة صحة المصطلح ومداه، الصحراء والغابة «محمد عبد الحي، النور عثمان ابكر، محمد المكي ابراهيم»
التعالي العرقي والدونية... الخ
٭ من «انا» و«من الآخر» ... و«الهم» و«النحن»
صور السودان التي تعددت هل تفقدنا الهوية الواحدة
من الذي منح «النحن» الاتجاه الى استئصال الآخر وليفخر بذلك «الدوبيت غناء الحماسة» وهو فعل استحق التصدي له من الاخر بالدفاع المشروع سواء بالمواجهة في وقتها او بالادانة الاخلاقية والقانونية فيما بعد.
يفسر ا لدكتور قاسم عبده قاسم في كتابه القيم «اعادة قراءة التاريخ» ذلك «ص 125 131»
٭ يرتبط التسامح وعلى نحو مباشر «بالنحن» و«الهم»: هل نحن الاسياد «وهم» العبيد. هل «نحن» الاقوى وهم «الضعفاء». هل «نحن» الاعلى وهم «الادنى»... وقبل ذلك ما هو معيار «النحن» و«الهم»: الدين العرق الثقافة الثراء اللون!! القبيلة الجهة العشيرة.. حتى على كل مستويات مناحي الحياة.
٭ ان التمسك بالخصوصية الثقافية لا يعني رفض الآخر وانما يعني قبوله والتسليم باختلافه. وهو مما يؤدي الى التكامل وليس التضاد او التناقض ولقد عنى «التسامح» عند بعض المفكرين صيغة قبول الآخر والاعتراف والحوار.
٭ ان الموقف تجاه «الآخر» في ظل المتغيرات الايجابية يخفف بالتجسير ؟؟؟ «النحن» و«الهم» «لان الناس يكتشفون بشكل مضطرد ان عوامل التقارب والاشتراك بينهم اقوى كثيرا وابقى من عوامل الفرقة والشك. وهي نقطة «التسامح» المطلوب.
٭ «الموقف الآحادي» لا يمكن ان يكون الا رفضا للآخر «في كل الاحوال».
٭ ان قسمة السلطة والثروة، في الصراع السياسي والسودان تطرح صيغة «الانا والآخر» و«النحن» و«الهم» وهي دون ادراك لمعنى «التسامح» تستطيل تعقيدا وتتفجر مواجهة سلمية وغير سلمية.
٭ «النحن» في دهاليز حزب المؤتمر الوطني.. غير «النحن» في دهاليز حزب الحركة الشعبية و«الهم» المتبادلة غيرها هنا وهناك.. وداخل كل «نحن».. «نحن» وداخل كل «هم» هم. وهناك النحن الاعلى، وهي جماع كل سقيا الوطن
وتبقى المساحة القائمة سياسيا وتاريخيا سؤالا قانونيا واخلاقيا
هل يستجيب كل من «النحن» و«الهم» و«الآخر» الى حق الوطن في الاستقرار.
ام ان غياب الوعي يظل الاكثر نفوذا وهيمنة! لتبدو شياخات ما قبل 1820 ماثلة.. الوحدات التي حكمها «النوع» في سنار.. «والعبدلاب» في «قري».
«3»
للمواقف السياسية اسبابها التاريخية والعقائدية ولها قبل ذلك مؤسساتها التي تعبر عنها وهي مؤسسات تقودها بالضرورة النخب. «فالموقف» يعبر عنه من يرمز للمؤسسية السياسية «الحزب» بحسب مرجعية في هذا السياق، وهل يتجاوز الحركة الشعبية لتحرير السودان موقفها المبدئي من الوحدة. هذا ما تشير اليه الوقائع والتصريحات والتصرفات والسلوك ويبدو صراع قطاع الشمال مؤشرا لذلك.
وقد فسر الدكتور الواثق كمير، في مقاليه الاخيرين بجريدة الرأي العام ذلك ، ومضى تيار اخر في الشمال قاده الاستاذ الطيب مصطفى الى ان يكون للشمال دولته المستقلة بمعنى اخر انه يبارك الانفصال وان يكون له رأيه الدستوري في ذلك. وللموقفين اسبابهما ومبرراتهما ولا يخرج في كل الاحوال عن انعكاس لحركة التاريخ بصورة لا تخلو من استدعاء الذاكرة Flash Back ولقد يبدو «الجنوب» في سياق التاريخ ضحية مباشرة لما اعتبره «الدكتور هينري كيسنجر» غياب الوعي عند المثقفين. من اهل واصحاب واتخاذ القرار واذا كان كيسنجر قد قال ذلك في سياق مفهومه للسياسة الخارجية فان «السيناريو» يكاد ينطبق تماما على الحالة. حين يبدأ المثقفون في حل المشاكل داخل اللجان المتعددة التي تعمل في انفصال كامل عن بعضها ويصبح الامر كله كلوحة يرسم الرأس فيها احد الفنانين بينما يرسم فنان آخر احد اليدين ويقوم ثالث برسم الجسد. ولا شك ان كل فنان من هؤلاء سوف يتقن الجزء الذي رسمه ولكن اللوحة كلها تبدو مسخا لا معنى له. لانه رغم اتقان «الاجزاء فيها» فانها تفتقر الى الانسجام الكامل «امين هويدي كيسنجر وادارة الصراع الدولي دار الطليعة العربية ص 129» ولقد ترتب علي ذلك بالفعل
٭ ضعف ادارة الازمة منذ بدايات مظاهرها الاول على الاخص بعد احداث 18 اغسطس 1955
٭ اسلوب المعالجات المؤسسية والهذر الصارخ، في الاحتفائيات التي تقوم على «التخدير الوقتي والذرائعية غير الموفقة.
٭ اعتبار الجنوب «غنيمة» في مثل ذلك السلوك حتى مارس كثير منهم الاستجابة للنخاسة السياسية «بيع وشراء»
٭ غياب الحس القومي، لدى كثير من القوى السياسية، تجاه ما يترتب علي تراكم الاخطاء من نتائج وخيمة «اقلها تقرير المصير» واخطرها «ما يترتب علي تقرير المصير».
٭ العقلية العسكرية التي احكمت وثاقها على الافكار الخلاقة من ناحية، والتردد الذي مارسه الحكم المدني في اتخاذ القرارات المحورية من ناحية اخرى.
٭ هذه اللوحة التي رآها الدكتور كيسنجر «مسخا» ربما مضى آخرون «وهذا ما حدث» بالفعل في مقولة الوحدة في التنوع وهي لوحة اختلفت الوانها وظلالها.. رسمها فنان واحد ولكنها متكاملة. ولكن التاريخ يشير الى ان هذه اللوحة تحديدا ربما كانت سريالية او تجريدية او خربشة «ذنب حمار» فيما عبر الرئيس خروتشوف في ستينات القرن الماضي!
٭ كثير من المسكوت عنه تاريخيا يجب ان يقال وبصوت مرتفع من اخطأ في حق من؟ وما هو الثمن. هل ثمة ضمير نحتكم اليه ليقول «الحق» كل الحق، وليس غير الحق!!
ولعلي اتطلع لشهادات مباشرة.. كالتي سجلها اللواء فضل الله حماد في مذكراته: مشكلة الجنوب وقضايا الوطن.. وربما كانت تداعيات الواثق كمير في السنوات الثلاث الاخيرة بعض نجوى عدد من الشماليين في الحركة باتجاه الانفصال.. فهل تراجع الموقف المبدئي، الي ذات مصطلح نقض العهود.. ليكون نقض الفكر.. بصورة متبادلة.
وفي المقابل.. هل تشهد دهاليز المؤتمر الوطني.. بيروسترويكا. وقد كنا دعونا في «الملاحظات بتاريخ 01/7/0102 الى ان تبنى السيد رئيس الجمهورية مبادرة للقاء القوى السياسية فالمسؤولية اكبر من كل الاحزاب.
«4»
التاريخ، هو مسرح الماضي، الذي يرشد للحاضر ويضيء للمستقبل. دونه يكون الواقع بلا حدود ويبدو كمسرح اللا معقول، تستند النتائج الى غير المنطق... فيتهاوى الصرح وتنهار الاعمدة.. ويظل «اهل بومبي» في غيهم يعمهون! لماذا سجل ادب الشكوى والاضطهاد حضورا قويا في قضايا الوطن، الشائكة؟! فاذا كان العصر مبرراته في سياق المرحلة التاريخية وهو جزء من كل العالم، فلماذا الاصرار على التغذية المستمرة لدرجة «الهولوكوست»!! او ما اصطلح على تسميته في ادبيات الصراع الدولي بالابادة الجماعية!!
هل خرجت معركة كرري عن الابادة الجماعية
هل خرجت احداث 18 اغسطس 1955 المتبادلة في الجنوب عن الابادة الجماعية
هل خرجت ضربة الجزيرة ابا عن مفهوم الابادة الجماعية؟
صراعات القبائل الشرسة، في الجنوب او دارفور «على وجه الخصوص» والذي يحركها ويدفع بها الي القتال والضحايا «ذلك الشيطان المريد.. شيطان الانا والنحن.»
ان تاريخنا السياسي، يتوشح دم الصراعات الداخلية «وهي تحديدا صراعات سلطة وثروة» واعيدوا قراءة تاريخ شمال السودان الحالي، قبل وبعد اسقاط «الكنوز» لدولة المقرة المسيحية في عام 1323م 527 ه.
صراعات القبائل العربية الدموية سواء مع بعضها البعض او مع قبائل البلاد من النوبة في الفترة من 1323م 1504م ثم فيما بعد صراعات السلطنة السنارية 1504 1820 وصراعات دارفور وتقلي والمسبعات.
ثم صراعات دولة وثورة المهدية، سواء في دائرة السلطة او خارجها.
صراعنا السياسي جدير بالاثبات الحقيق.
هل مقدمات الوحدة السياسية التي فرضها بالقوة محمد علي باشا، على الرقعة تصلح ان تكون نتيجتها الطبيعية الوحدة السياسية القائمة على ارض الواقع؟!
هل هي وحدة قانونية ام وحدة فعلية.؟
هل يمكن القول ان «القبيلة» في معناها الاجتماعي تذوب بالفعل في الدولة ام انها تتعارض معها. بما تنشره من عصبية. بايجاز هل ثمة معادلة صحيحة بين البناء السياسي والبناء القبلي؟ فالقبيلة في كثير من الاحيان تشكل محور «الهوية» وبالضرورة «الولاء» ولقد تأكد بالفعل انه كلما زاد عدد القبائل داخل الدولة كلما كان ذلك سببا من اسباب ضعف الدولة وعدم سيطرتها وانفلات امنها، بالخروج على قوانينها. وقد اورد «ابن خلدون» «المقدمة ص 164» ان الاوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة والسبب في ذلك اختلاف الآراء والاهواء وان وراء كل رأي منها وهوى عصبية تمانع عنها فيكثر الانتفاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت وان كانت ذات عصبية لان كل عصبية ممن تحت يدها تظن في نفسها منعة وقوة» ويلاحظ الدكتور عبد السلام ابراهيم بغدادي الوحدة الوطنية ص 209 ان
الآثار السلبية للصراع القبلي لا يقتصر على الميدان السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي.
انه يمتد الى عصب الجهاز الاداري، حيث تبدو مظاهر المحسوبية القبلية بما يعرض ذلك الجهاز الى شبهة الفساد، والوهن. بابعاد معايير الكفاءة والجدارة «هل تراجعون ضوابط الاستيعاب التي تتم بين كل توافق وآخر» وتثبت في ضوء ذلك
كم عدد القبائل في شمال السودان وكم عددها في جنوب السودان وفي دارفور.. والنيل الازرق والشرق
هل توزيع الوظائف بناء على اتفاقيات نيفاشا وابوجا واسمرا على «الولايات» تمثل قسمة للسلطة ام انها طعنة في قلب مفهوم المواطنة.. ايهما اقوى.. الولاء الجهوي القبلي ام الولاء للمواطنة؟
ان فكرة «التوازن» الماثلة، سياسيا واداريا واقتصاديا تبدو جينة خطيرة لمشروع متى تنامى وتصاعد فانه يكرس للانفصال، حاليا او آجلا.
ملاحظات على شرف لقاء السيد رئيس الجمهورية بالقوى السياسية «اليوم»
سعدنا كثيرا بدعوة السيد رئيس الجمهورية لكل من السيد الامام الصادق المهدي ومولانا السيد محمد عثمان الميرغني والاستاذ محمد ابراهيم نقد وغيرهم للتشاور والتنسيق فيما يتعلق بالاستفتاء على تقرير المصير ولقد وجه الرئيس دعوة لكافة القوى السياسية للمشاركة في ملتقى جامع يعقد السبت المقبل «اليوم» لمناقشة الاوضاع بالبلاد والتفاكر حول نزاهة الاستفتاء بالجنوب واولوية الوحدة الطوعية وتثبيت ما ثبتته في «الملاحظات» بتاريخ السبت 01/7/0102 تحت عنوان: الخروج من توابيت الشلل: المطلوب هنا ودون تطاول على صراعات القوى السياسية حكومتها ومعارضتها ان يتولى السيد رئيس الجمهورية بصفته القومية دعوة كل القوى السياسية ليس بصفتها تلك وانما كرموز وطنية للتداول الفكري في واقع ومستقبل الوطن قبل وبعد ممارسة الاستفتاء وفقا لاجندة مدروسة تماما، وليست محلا للمزايدة بأي حال من الاحوال بما يقتضي التجرد.
تحيات خاصة للاستاذ عماد سيداحمد المستشار الصحفي لرئيس الجمهورية.
البيئة الماثلة، تعاني من الفقر المدقع في التنشئة السياسية POLITICAL SOCIALISATION المستندة الى قراءة صحيحة للتاريخ «الاسرة التعليم بمناهجه الضعيفة التي لا تكاد تلمس.. كيف تكون السودان الحالي.. الا بصورة وعلى نحو ركيك.. الاعلام بزهوه الفارغ وغياب المنهج الموضوعي في ادارته..
غياب ادوات الاتصال الفاعلة.. ترى لماذا يقول المواطن السوداني في الشمال وفي الجنوب تحديدا عند الحديث عن الانفصال «خليهم يمشوا».
٭ مدى المشاركة السياسية الفاعلية سواء في صناعة القرار او صوغ السياسة العامة او الرقابة على اداء الجهاز التنفيذي والنموذج الامثل لذلك ان يترك المستوى الرابع للسلطة السياسية الذي نصت عليه اتفاقية نيفاشا ووفق الدستور في المادة 24 واعني الحكم المحلي ليكون المعتمد منتخبا وليكون رئيس المجلس التشريعي للمحلية منتخبا كذلك.
٭ ان تتولى الاحزاب ترشيد دورها لتفصل تماما بين المصالح العليا للوطن وصراعات التبادل السلمي للسلطة. وكذلك الحال بالنسبة لجماعات المجتمع المدني.
ولعلي اهمس في اذن الاخ الدكتور كمال عبيد بحكم اهتمامه العلمي النظر لمسألة «التنمية السياسية وعلاقتها بالمشاركة الفاعلة».
٭ تحقيق فعلي للتنمية المتوازنة «راجع د. ع. السلام ابراهيم بغدادي» ص 285، تقبل المجتمع كله في ايقاع واحد في حالة التخلف الى ما يحقق اشباع حاجات المواطن من خلال المساواة والعدل.. وبحرب ضروس باتجاه ضرب كل اوجه الفساد والتمايز المصنوع والمقصود بالتوازن هنا والمساواة الفعلية بين المركز «CORE» والمحيط «PERIPHERY».
٭ اذا كان الانفصال واردا بحكم الحق في تقرير المصير بنص الاتفاقية والدستور ما هو مدى الاستعداد النفسي والعقلي والوظيفي لاسوأ الاحتمالات!!
٭ هل تعيدون قراءة المقال.. وتعيدون قراءة تاريخنا القريب.. حتى لا يرجع البصر خاسئا وهو حسير ولعلي ادعو الصديق البروفسور عمر الزاكي ليحدثنا عن مقولة ظل يرددها عن تغيير محوري يداهم الرقعة كل سبعمائة عام او اقل.. ماذا يقول التاريخ في هذه ا لمرحلة.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.