ولدت «شيرلي شوراد» في منتصف القرن الماضي بولاية جورجيا. كانت تغيم على سماء الولاياتالمتحدة في تلك الأوقات مظاهر التفرقة العنصرية ما بين البيض والسود. وعانت شيرلي من تلك العنصرية كثيرا، فحينما كانت في عامها السابع عشر، اختلف والدها مع احد المزارعين البيض على بضعة بقرات.. واحتدم الخلاف مما دعا المزارع الأبيض الى اطلاق رصاصات من مسدسه لتردي والدها قتيلا. وقامت الأسرة برفع قضية، لكن كل المحلفين كانوا من ذوات البشرة البيضاء واسقطوا جميع التهم التي كانت موجهه للقاتل الذي خرج طليقا. كانت حادثة مقتل والد شيرلي نقطة تحول في حياتها. وعزمت على بذل كل حياتها من أجل ان تضمن للمزارعين السود حقوقهم. وفعلا، أقامت شيرلي وزوجها مشروعا لتحصيل قروض للمزارعين السود، لكن المشروع وجد معارضة عنيفة من المزارعين البيض الذين اتهموا شيرلي والقائمين على المشروع بالشيوعية التي كانت وحشا يخيف الأفراد والمنظمات في ذلك الوقت. وبالرغم من مساعدات شيرلي لعدد من المزارعين السود الا انها لم تستطع وزوجها الحفاظ على مزرعتهم هم. وفقدوا ارضهم بسبب عدم استطاعتهم توفير قرض من البنك وذلك للون بشرتهم السوداء. ولم تسكت شيرلي على الظلم الذي حاق بها، وقامت برفع قضية على الحكومة الأمريكية مع مجموعة من المتضررين.. وحكمت المحكمة لصالح المزارعين السود وقضت بتعويض اكثر من 16 ألف مزارع وبمبلغ يفوق البليون دولار. وليس هذا فحسب، بل ساهمت شيرلي في تمرير قانون في عام 2008، يقضي باعطاء اكثر من 70 ألف شخص احقية التظلم امام المحكمة. وفي خلال جهود شيرلي للمحافظة على اراضي السود من الانتزاع، حضر اليها في يوم من الأيام مزارع ابيض. وطلب المزارع من شيرلي ان تقوم بمساعدته من اجل الا يفقد ارضه.. تقول شيرلي انها كانت تسمعه وتنظر اليه وهي تفكر، هل تساعد هذا المزارع الأبيض واحدهم قتل والدها وظلم جنسها. لكن شيرلي نفضت عن نفسها الخواطر العنصرية وقامت بمساعدة المزارع ولم ترتح حتى ضمنت بقاءه وأسرته في مزرعته. وقدمت شيرلي خطبة امام المنظمة القومية من اجل النهوض بالسود في مارس 2010م ومن خلال الخطبة، قصت شيرلي حكايتها مع ذلك المزارع الأبيض الذي قصد مساعدتها.. وقام احد الاعلاميين المتطرفين بتشويه قصة شيرلي وتعريضها لنيران المنتقدين من شتى الأشكال.. بل ولم تسلم شيرلي حتى من الحكومة التي قامت باجبارها على الاستقالة.. لكن ما ان ظهر شريط الفيديو الصحيح والحكاية الكاملة حتى علم المجتمع ان شيرلي كانت تحكي قصة تحاول ان تقلل من خلالها الفجوة العنصرية ما بين المزارعين البيض والسود بدليل انها تجاوزت مأساتها الخاصة من اجل مساعدة مزارع ابيض. وجعلني حديث شيرلي هذا افكر كثيرا، لقد كانت شيرلي تقص تجربتها التي مرت بها والكيفية التي تجاوزت بها المرارات العنصرية بالرغم من كونها شخصية تتبوأ مركزا كبيرا.. على عكسنا نحن في بلادنا.. فنحن نحاول ان ننفي عن انفسنا دوما تهمة العنصرية بدون ان نحاول دراسة الاسباب التي جعلت من اجزاء السودان المختلفة تستشعر تلك العنصرية.. ان حديث التجارب والمشاعر العنصرية وطرق التغلب عليها لهو حري على ان يبحر بنا نحو شواطئ اللاعنصرية!!