صار انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي من بين القضايا المحيرة لتركيا نفسها شعبا وحكومة وللمراقب لهذا الشأن في كل مكان في العالم . لذلك لأن تركيا سعت منذ عشرينيات القرن العشرين للإنضمام للإتحاد الاوروبي وليس ذلك إنطلاقا من رغبة تركية بقدر ما هو نتيجة لإصرار الدول الاوربية نفسها على اخراج تركيا من عباءة الخلافة الاسلامية والحاقها بالعالم المتحضر وباوربا على وجه التحديد وبدأت المؤامرة الاوربية بالحرب على خلفاء المسلمين عن طريق إثارة المشاكل في المناطق الواقعة تحت نفوذ الدولة العثمانية ودعم التمرد الذي قام ضد هذه الدولة في العالم العربي وآسيا واوربا نفسها . أما في داخل تركيا قامت اوربا بتحريض ودعم التيارات القومية التركية مثل جماعة الإتحاد والترقي وتركيا الفتاة وأدى ذلك للإنقلاب العسكري الذي قاده كمال أتاتورك وانتهى بنهاية الخلافة العثمانية وأعلن أتاتورك دولة علمانية الهوية وشجع القومية التركية بتبديل اللغة العربية بالتركية ورفع شعار تحديث تركيا على النمط الاوربي وذلك حتى تصير تركيا دولة اوربية بل ودولة في الاتحاد الاوربي مستقبلا . وظل الوصول لهذه الغاية أمرا بعيد المنال بعد تأجيله وتعليقه في بعض الاحيان من قبل الاوربيين بحجة أن تركيا لم تتمكن من الوفاء بالشروط التي تم وضعها من قبل الاوربيين لكي تنتمي للاتحاد الاوربي . وعلى رأس تلك الشروط التزام العلمانية منهجا للحياة وتطبيق الدستور العلماني وتطبيق معايير اوربية وغربية في مجال حقوق الانسان والديمقراطية التعددية وفعلت تركيا اكثر من ماهو مطلوب أحيانا حيث منعت عقوبة الاعدام كما طبقت النظام الديمقراطي الذي افرز اسلاميين من شاكلة حزب العدالة والتنمية الحاكم الآن بقيادة رجب طيب أوردغان وزملائه وربما كان هذا هو السبب في انزعاج الاوربيين بعد أن رأوا الاسلام الذي خرج من تركيا بالباب ليعود اليها من الشباك ولم يجدوا بدا من الاعتراف بحق تركيا القديم في عضوية الاتحاد الاوربي لكن مع وقف التنفيذ . وقد صدرت في الآونة الاخيرة تصريحات للرئيس الاميركي باراك اوباما وهو يتساءل عن رفض الاتحاد الاوربي لعضوية تركيا مع أنه ليس هناك مبرر لهذا الرفض بعد استيفاء تركيا لمعايير هذا الاتحاد . ثم جاءت تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كمرون في ذات الاتجاه ويضيف عليها أن أوروبا قد ظلمت الاتراك عندما قبلت عضويتهم في حلف الناتو ورفضت انضمامهم للاتحاد كالذي يكلفك بحراسة المنزل ولكن يمنعك من الدخول فيه . ولما كان الإنضمام للاتحاد الاوربي لا يتم الا بالاجماع فان الڤيتو المفروض على دخول تركيا في الاتحاد الاوروبي صار بيد الالمان والفرنسيين حيث تعترض هاتان الدولتان على انضمام تركيا للاتحاد وبذات الزرائع القديمة المتجددة . وهم أي فرنسا والمانيا يؤديان هذا الدور بالوكالة حتى لا تيأس تركيا من الانضمام للاتحاد الاوربي ثم تصرف النظر عن الدخول فيه وتتجه لتطوير علاقاتها مع العالم العربي والاسلامي ومع ايران تحديدا . ولا شك أن مواقف تركيا من القضية الفلسطينية وسعيها مؤخرا لرفع الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة وتهديدها بقطع العلاقات التركية الاسرائيلة لا شك أنه يشكل عائقا جديدا أمام الحلم التركي القديم ولو لعدة سنوات قادمات .