(( الرجف في صوتي قد كان قبل الآن ذا معنى فهوى به المعنى)) ٭ رواية «451 فهرنهايت»، من أشهر روايات الخيال العلمي، كتبها راي برادبري عام 1953، وحولتها السينما الى فيلم ذائع الصيت، أخرجه فرانسوا تروفو في العام 1966م وفي هذه الرواية التي كتبت بعد ظهور التلفزيون والكمبيوتر مباشرة، يتعلق الناس بشدة، ب «الشاشات الالكترونية»، ويكرهون القراءة، ويتهللون فرحاً عندما يحرق رجال الإطفاء الكتب. ٭ ويهيأ لي، إذا ما انبرى واحد من روائينا العظام، لمجريات الانتخابات العامة في ابريل 2010 في السودان، لخرج برواية من روايات الخيال السياسي، يتعلق الناس فيها ب «صناديق الاقتراع»، ويتهللون فرحاً، وهم يرون رجال الإطفاء، يشعلون الحرائق في «البيان العسكري رقم واحد». ٭ وما يدهشني و«لم يعد في المعمورة مكان يغمره الظلام»، تمسك مفوضية الانتخابات بشكل وتصميم صندوق الاقتراع، والحرص على أن يكون «التصويت» في غاية السرية. ٭ قلت بيني ونفسي: ما هو الضرر في أن تتم عملية الاقتراع «على المكشوف»، يدخل الناخب حجرة الاقتراع، تحت سمع وبصر كشافات التلفزة، وتكون هناك، بالخارج، شاشة كبيرة، يمكن من خلالها متابعته خطوة بخطوة، منذ لحظة إمساكه بورقة الاقتراع، ثم اختياره لرمز المرشح، ثم اشارته على من يمنحه صوته، ثم طيه للورقة وإيداعها الصندوق. وحتى لا قدر الله إذا ما حدث خلاف، يمكن إعادة الشريط، بذات الطريقة المعمول بها الآن في منافسات كرة القدم. ومن ثم يمكن الحُكم، وبسهولة شديدة، على الممارسة: خطأ أم صواب، تدخل سافر أم لا تدخل، فساد أو لا فساد... وهكذا. ٭ ما الذي يمنع الاقتراع على المكشوف، وكله الآن على المكشوف: سحب الشيكات على المكشوف، والعمليات الجراحية تجري على المكشوف، يضع الطبيب سماعته أو مشرطه في بطنك، وأنت تشاهد عبر الشاشة تجوال المشرط بين الطوحال والأمعاء والمعدة. ٭ بنات هذا الزمن، يتحدثن عن غرامياتهن، أمام آبائهن، بجرأة لا يحسدن عليها، «بالمناسبة بينهن مشاركات في هذه الانتخابات»، والزوجات يبحثن عن الأرقام «الغريبة» في جوالات أزواجهن، ويتصلن عليها، بجرأة لا يحسدن عليها... «وهن بالطبع مشاركات في هذه الانتخابات». ٭ درجة «الشفافية».. ارتفع سقفها في المجتمع، فلماذا تظل صناديق الاقتراع، بعيدة، عنها، و«منقبة»، ومشمعة بالشمع الأحمر؟! ٭ الكتابة تستدعي الكتابة، والآراء تستدرج الآراء والاقتراع المكشوف يقوي الموقف. ٭ اقتراع على المكشوف، حتى لا يدخل الثلج من النافذة، ولا يقع «الدلو» في بئر الآخرين.