غيب الموت خلال الثلاثة أشهر الماضية إثنان من أشهر الكتاب والعلماء، وهما الأمريكي كاتب الخيال العلمي والتاريخي الحائز على جائزة البوكر عام 1992، برادبري أنسويرث عن عمر يناهز 81 عاما بعد صراع مع سرطان الرئة، والكاتب المكسيكي كارلوس فوينتيس، أحد أشهر الأدباء في أمريكا اللاتينية، عن 83 عاماً بعد مسيرة أدبية إستمرت خمسة عقود. وكان أنسويرث قد فاز بالجائزة مناصفة عن روايته «الجوع المقدس» مع الكاتب مايكل أونداتجي عن روايته «المريض الإنجليزي»، مما شكل سابقة في تاريخ الجائزة. عُرف برادبري، الذي ولد عام 1930 بحبه للبحث المستفيض، وقد نشرت أولى رواياته عام 1966 بينما نشرت الأخيرة، وهي تتمة لرواية «الجوع المقدس» العام الماضي، وكانت تتحدث عن العبودية في القرن الثامن عشر في منطقة المحيط الأطلسي مثالاً على إستخدامه أحداثاً وقعت في الماضي لإسقاطها على الحاضر. ومن رواياته الأخرى رواية بعنوان «هناك مرادف لها باليونانية». وقال عن سبب شغفه بكتابة الروايات التاريخية: «اللذة في كتابة الروايات التاريخية هي أن الأشياء كانت مختلفة وفي نفس الوقت مشابهة لها في الزمن الراهن». كتب برادبري مئات الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات وسيناريوهات الافلام السينمائية والتلفزيونية خلال حياته المهنية التي امتدت منذ اربعينيات القرن الماضي. ومن أشهر أعماله «451 فهرنهايت» التي تحولت الى فيلم سينمائي شهير ويشير العنوان الى درجة الحرارة التي يشتعل فيها ورق الكتب. وحظيت الرواية التي نشرت عام 1953 بشهرة كبيرة، وتصور الرواية مجتمعاً مستقبلياً تمنع فيه قراءة الكتب. وعدت الرواية توقعاً بتطور عصرنا الحالي الذي هيمنت فيه حضارة الصورة عبر إنتشار التلفزيون، حيث تظهر الرواية أناساً مدمنين على مشاهدة المسلسلات الدرامية الطويلة «سوب اوبرا»، ويحملون في آذانهم سماعات صغيرة تقدم سيلاً مستمراً من الموسيقى والأخبار. برادبري ظل لسنوات عدة يقاوم فكرة نشر روايته «451 فهرنهايت» في صيغة كتاب إلكتروني، إذ قال لصحيفة نيويورك تايمز إن الكتب الإلكترونية لها «رائحة مثل الوقود المحترق»، ووصف شبكة الإنترنت بأنها إرباك كبير، وإنها بلا معنى، وأنها ليست واقعية، وإنها في مكان ما في الهواء. بيد أنه رضخ في النهاية في عام 2011 عندما جدد إتفاقاً لنشر كتبه ومنها النشر بصيغة كتب إلكترونية. والكاتب الثاني الذى غيبه الموت هو الكاتب المكسيكي كارلوس فوينتيس، بعد مسيرة أدبية إستمرت خمسة عقود. فقد ألف أكثر من عشرين رواية وعدة مجموعات من القصص القصيرة، ومن مؤلفاته الشهيرة «موت ارتيميو كروز» و«الأمريكي العجوز» و«الحدود البلورية.«وحازت رواية» الأمريكي العجوز على شهرة واسعة في الولاياتالمتحدة، وحولت إلى فيلم سينمائي أنتج عام 1989 لعب البطولة فيه كل من غريغوري بيك وجين فوندا. وكان فوينتيس يقضي وقته متنقلاً بين مكسيكو سيتي ولندن، وكان في عمله يخلط الأدب بالنشاط الإجتماعي والسياسي. وبقي نشطاً وفاعلاً إلى أواخر أيامه، حيث كان يعمل في تأليف رواية جديدة عندما وافته المنية. ويعتبر فوينتيس من جيل الأدباء الذين يعود إليهم الفضل في تعريف العالم بأدب منطقة أمريكا اللاتينية، وهو الجيل الذي يضم أيضا الكاتب المكسيكي اوكتافيو باز، والكولومبي غبرييل غارسيا ماركيز، والبيروفي ماريو فارغاز لوزا. وقد ترجمت أعماله إلى أكثر من عشرين لغة. وكان فوينتيس منتقداً لاذعاً للنظام السياسي في المكسيك الذي يحتكر السلطة فيه الحزب الثوري المؤسساتي الذي حكم البلاد ل 71 عاما قبل الإطاحة به في الإنتخابات التي جرت عام 2000. كما إشتهر بإنتقاده للدور الذي لعبته السياسات الأمريكية في أمريكا الوسطى في الثمانينيات، وهجومه على سياسة الهجرة الأمريكية التي تستهدف العمالة المكسيكية المهاجرة.