السيد/ رئيس تحرير جريدة الصحافة الغراء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أطلعت على خبر أزعجني كمواطن يهتم بقضية التعليم، وذلك في جريدتكم بالعدد 6117 بتاريخ الخميس 2010/7/22م وكان عنوانه (شح الامكانات يهدد بإغلاق جامعة نيالا) حيث أوردتم على لسان البروفيسور/ أبكر علي ادريس مدير الجامعة ان النقص الجاري في الاستاذ الجامعي في التخصصات المختلفة، وعدم توفر فرص التدريب وتأهيل الاستاذ الجامعي على المستوى الداخلي والخارجي، نتج عنه عدم قدرة الجامعة على استيعاب أعداد كبيرة من الطلاب من خارج ولاية جنوب دارفور (وحذر من اغلاقها نهائياً بسبب شح الامكانات). وهذا الحديث الخطير يدل على الصعوبات البالغة التي تكتنف مسيرة هذه الجامعة الوليدة التي بنى اهل جنوب دارفور عليها آمالاً كبيرة في دروب العلم والمعرفة والتقدم عندما نشأت في العام 1994م متفرعة مع مثيلتيها جامعة الفاشر وجامعة زالنجي من جامعة الفاتح من سبتمبر بدارفور التي قامت في العام 1990م ضمن منظومة الحامعات الخمس، وهي كردفان، الشمال، الشرق، وجامعة القرآن الكريم. ولا أظنني في حاجة للقول بأن جامعتي الفاشروزالنجي تعيشان نفس المأساة في نقص الموارد والامكانات. وبما ان السيد/ مدير جامعة نيالا لم يفصل أسباب الصعوبات، بل حصرها في محدودية الدخل، وانحى باللائمة على وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وصندوق دارفور للاعمار والتنمية بسبب تجاهلهما للجامعة وعدم توفير مخصصات أو مشروعات تساعدها في تحسين البيئة الجامعية، فإنني سأحاول النظر إلى هذه الصعوبات من الزوايا الآتية، وأتمنى التوفيق في ذلك: 1- الميزانيات التي تخصص لبعض الجامعات الجديدة ولا سيما في الولايات الاقل نمواً لا تعطي اعتباراً لتخصيص موارد اضافية وفوق العادة تمكن هذه الجامعات من الوقوف على أرض صلبة لتلحق بمثيلاتها في وقت لا يطول. 2- اتفاقية أبوجا راعت ظروف أولياء امور الطلاب بدارفور بسبب الحرب التي أثرت على الدخول بصفة عامة، فنصت على اعفاء طلاب دارفور بالجامعات من الرسوم الدراسية لمدة خمس سنوات، على أن تلتزم وزارة المالية والاقتصاد الوطني بسداد هذه الرسوم للجامعات التي تتأثر بها. وحيث إن القبول للجامعات بالولايات الأقل نمواً ارتفع إلى نسبة 50% المتبقية للقبول، فذلك يعني ارتفاع نسبة المقبولين بجامعة نيالا مثلاً من أبناء ولاية جنوب دارفور إلى 60% وربما أكثر. وبإعفاء هؤلاء ال60% من الطلاب بجامعة نيالا، وطبعاً لنفس الشئ يكون بجامعة زالنجيوالفاشر فإن الجامعة تفقد موارد كبيرة اذا لم تسدد هذه الرسوم من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني. 3- الجامعات القومية التي يقبل فيها أبناء دارفور لا تتأثر كثيراً بهذه الرسوم المعفية قياساً بجامعات دارفور، اذ يكون القبول فيها بأعداد محدودة، إلى جانب الاعداد الكبيرة لطلاب هذه الجامعات الذين يدفعون لها الرسوم المقررة، وكذلك تملك هذه الجامعات مصادر دخل متنوعة مثل الأوقاف، المشروعات الاستثمارية، والعلاقات مع المؤسسات التعليمية الخارجية. وبالطبع لا أعني ان هذه الجامعات مكتفية ذاتياً، بل هي كذلك تعاني من شح الموارد والامكانات غير انها افضل حالاً من جامعات دارفور. 4- الحرب التي بدأت في دارفور منذ العام 2003م أثرت على خارطة دخول المواطنين بدارفور - أولياء أمور هؤلاء الطلاب، وبالتالي تكون مساهمتهم قليل بالنسبة للجامعة، وان كان الامر يقضي بضرورة محاولة المساهمة. 5- لا تملك جامعات دارفور الثلاث أوقافاً لتحسين مواردها، كما لا تملك أموالاً لاقامة مشروعات استثمارية تدر عليها عائداً لدعم ميزانياتها. 6- بالرغم من ان جامعة نيالا جامعة قومية ومستقلة عن الولاية، إلا ان المستنفع الاول منها هما الولاية ومواطن الولاية. فالجامعة هي حادي ركب التعليم بالولاية وهي مركز مهم لتدريب كوادرالولاية بالوزارات المختلفة، وبها مركز لدراسات السلام الذي يلعب دوراً في الاستقرار بالولاية، والجامعة كذلك مركز اشعاع ثقافي بالنسبة للولاية، وللمواطن منافع متعددة من وجود الجامعة بولايته. 7- ولكي تخرج الجامعة من هذه المواقف الصعبة فإنني كمواطن أقدم بعض المقترحات لعل السيد/ مدير الجامعة ينظر فيها: /1 لا بد من التنسيق مع السلطات الرسمية والشعبية بالولاية في أمر الجامعة. فالوالي الدكتور/ عبد الحميد موسى كاشا اقتصادي ومعلم متحمس للتعليم، والدكتور/ اسحاق حسن جامع، وزير التربية هو معلم كذلك وكان مديراً لجامعة زالنجي، والدكتور/ أبكر عمر أبكر، وزير المالية بالولاية اداري ومعلم - فأمامه مجال واسع للتفاكر والتنسيق معهم. ثم ان السيد/ علي محمود محمد، وزير ا لمالية والاقتصاد الوطني كان والياً لولاية جنوب دارفور، وبالتالي فهو ملم بحال الجامعة، والمأمول انه سيوجه بسداد رسوم طلاب دارفور المعفية بموجب اتفاق سلام دارفور. لابد من الاشارة إلى الدور الشعبي المهم في دعم الجامعة بدءاً بالمجلس التشريعي، المحليات، نقابة المعلمين، اتحاد طلاب الولاية، ومنظمات المجتمع المدني، وبرغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة بالولاية، إلا ا ن استنفار الجهد الشعبي سيأتي بمردود طيب، اذا خطط له بطريقة سليمة وفاعلة. ان على وزارة التعليم العالي دوراً لا يبرر لها أن تتخلى عنه بالدعم القومي للجامعات بالولايات الأقل نمواً في كل أنحاد البلاد، وأتمنى ان ينظر السيد/ الوزير في قضيتكم الماثلة. كما ان الدور الخارجي في دعم مسيرة الجامعة لا يمكن اغفاله، لا بد لجامعتكم من خلق علاقات خارجية قوية مع المؤسسات التعليمية التي تساعد كثيراً، وذلك بالتنسيق مع وزارتي التعليم العالي والخارجية. وختاماً، فإن الجامعة لن تقفل نهائياً كما ورد بالخبر، بل أتمنى أن لا تقفل حتى بصفة مؤقتة، فشعلة العلم لا تنطفئ أبداً. أدعو لكم ولأسرة الجامعة بالتوفيق. حسن أبكر صالح