أصبح الباب مفتوحاً أمام احتمالات حدوث تأجيل إجرائي للاستفتاء لفترة قصيرة ضمن الإطار الزمني المتبقي للفترة الانتقالية ، وذلك بعد ان أشار مقرر مفوضية استفتاء جنوب السودان الفريق طارق عثمان الطاهر الى ان تأخير عمل المفوضية طيلة الفترة الماضية يرجع الى تأخير تنفيذ الكثير من الإجراءات والخطوات، وهو ما أسماه بتأخير تعيين الأمين العام للمفوضية، مبيناً أن تأخير التعيين سيجعل الالتزام بالزمن المحدد للاستفتاء أمراً صعباً للغاية وذلك من ناحية موضوعية تتعلق بالزمن، والسؤال المُلح تأجيل الإستفتاء هل سيدعم فرص الوحدة، أم يكون خصماً عليها؟ بحسابات انه يمكن أن يثير شكوك الجنوبيين بتعطيل حق تقرير المصير مما يدفع تنامي روح الإنفصال، ام ان التأجيل يعطي الفرصة من جديد للتبشير بخيار الوحدة وحسم الملفات العالقة؟. ومن جانبه فنَّد مقرر مفوضية استفتاء جنوب السودان الفريق طارق عثمان الطاهر استفسارات برلمان الجنوب حول تأخير عمل مفوضية الاستفتاء طيلة الفترة الماضية عازياً تأخير تنفيذ الكثير من الإجراءات والخطوات الخاصة بالمفوضية إلى ما أسماه بتأخير تعيين الأمين العام للمفوضية، مبيناً أن تأخير التعيين سيجعل الالتزام بالزمن المحدد للاستفتاء أمراً صعباً للغاية وذلك من ناحية موضوعية تتعلق بالزمن. واكد الطاهر في تصريح خص به المركز السوداني للخدمات الصحافية، التزام المفوضية الجاد بكل الإجراءات والخطوات القانونية والفنية المحددة في القانون واللوائح حسب الفترات المحددة قائلاً (أي اختزال للإجراءات واللوائح سيكون على حساب مصداقية ونزاهة وعدالة الاستفتاء). وأشار مقرر المفوضية إلى أنه إذا حدث تأجيل للاستفتاء فسيكون لفترة قصيرة ضمن الإطار الزمني المتبقى للفترة الانتقالية، مبيناً أن التأجيل لابد أن يتم بالاتفاق الكامل مع الحكومة المركزية وحكومة الجنوب حسبما نصت على ذلك المادة (14) من قانون الاستفتاء. وفي سياق موازي لإحتمال تأجيل الإستفتاء شرعت أمانة بحر الغزال الكبرى بالمؤتمر الوطني في تكوين لجان إدارية لمتابعة ترسيم وتنفيذ الحدود والاستفتاء بصورة شفافة ونزيهة باعتبارهما آخر استحقاقات اتفاقية السلام. وقال رئيس المؤتمر الوطني بولاية غرب بحر الغزال فليب قولا للمركز ، إن المؤتمر الوطني بالولاية بدأ في الإعداد لمناقشة وتوطين قضية الاستفتاء بين الجنوبيين لجعل خيار الوحدة جاذباً عبر تنفيذ برامج التنمية وتطوير قدرات الاهالي لاستيعاب عملية الاستفتاء الذي يحدد مصيرهم. وابان أن هناك لجان إدارية تقوم بعمل واسع على مستوى القيادات بالولاية لدعم خيار الوحدة بين المواطنين عبر رئاسة الولاية والمحليات المختلفة كحملة شعبية تسهم في بث ثقة المواطن باهمية وحدة السودان. وقال قولا إن هذه الوحدات تشمل قطاع الطلاب والشباب والمرأة بتسيير طواف بكافة محليات الولاية المختلفة بغرض خلق تفاهمات جاذبة تعبر عن إرادة الجنوبيين الحقيقية. من جانبه كشف اتحاد عمال ولاية الخرطوم عن اتجاهه لوضع خطة متكاملة لشرح مفاهيم الوحدة ومخاطر الانفصال بالجنوب بالتعاون مع اتحادات الولاياتالجنوبية العشر. وقال رئيس اتحاد عمال الخرطوم علي مصطفى إن الاتحاد بالتنسيق مع التنظيمات النقابية بالجنوب سيبدأ الأيام القادمة إقامة ثلاث دورات لشرح مفهوم الوحدة ومتطلباتها وتوضيح مخاطر الانفصال. وفي خطوه أشبه بالتضاد طلبت لجنة مدعومة من حكومة جنوب السودان، من مؤلفين موسيقيين محليين تأليف «نشيد وطني»، قبل خمسة أشهر على استفتاء يناير 2001 الذي سيحدد وحدة الاقليم مع الشمال أو الانفصال وفي وقت وضعت فيه الحكومة المركزية خطة تحرك شاملة للتعامل إعلاميا والتواصل المباشر مع الجنوب، قبل الذهاب إلى صناديق الاستفتاء، دعا وزير السلام بحكومة الجنوب باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، الجنوبيين المقيمين بالقاهرة، إلى دعم خيار الاستقلال، قائلا انه يفضل الانفصال. وأبلغ ملك اوين أجوك وهو عضو لجنة تسمى «من أجل نشيد وطنى لجنوب السودان»، صحيفة «المصري اليوم»، انهم طلبوا من الموسيقيين فى الجنوب والكتاب والفنانين مساعدتهم في نظم كلمات والحان نشيد وطني لجنوب السودان». ولم تحظ اللجنة، وفقا لأجوك بتفويض رسمى من حكومة الجنوب إلا أنها تحظى بدعم مهم. وأضاف أجوك وهو متحدث باسم الجيش الشعبي «سننظم مسابقة للتأكد من أننا سنحصل على أجمل نشيد وطنى ممكن للجنوب»، إلا أنه أشار إلى أن «كوننا نحضر نشيدا وطنيا لا يعنى أن الانفصال سيحصل، لكن علينا أن نكون جاهزين». من جانبه طالب وزير السلام بحكومة الجنوب باقان أموم، الجنوبيين المقيمين بالقاهرة، بدعم خيار الانفصال، وقال لهم: «أنا أفضل الانفصال». لكن الرجل عاد وقال إنه مع خيار الوحدة الجاذبة شريطة بنائها على تقاسم المصالح والموارد وتحقيق المساواة وعدم التمييز و»بدون ذلك فخيار الانفصال هو الأفضل». وفي خطوه تحسب لصالح باقان فى ندوة امام الجالية السودانية بمقر نقابة الصحفيين بالقاهرة حذر من أى تفكير فى العودة للحرب سواء أفرزت نتيجة الاستفتاء وحدة أو انفصالا، وقال باقان إنه لابد من التعامل مع الوضع بنوع من الاعتدال فى الخيارين ولا يجب أن يكون هناك تخوين أو إرهاب معنوى لأنصار أى من الخيارين. وحذر وزير السلام في حكومة الجنوب أولئك الذين يعتبرون أن خيار الانفصال لابد أن يقوم على العداء، معتبرا أن مصالح الجنوبيين لن تتحقق إلا إذا كان الشمال مستقرا. واشار باقان الى ان السودان به الآن 4 فضاءات ولكل فضاء أولوياته الملحة التى يجب التعامل معها بحكمة، وقال إن هذه الفضاءات هى «جنوب السودان ومنطقة أبيي»، «ولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق»، «إقليم دارفور» و»بقية السودان المتمثلة فى شماله وشرقه»، وهى مركز السلطة بالسودان. واوضح أنه بالنسبة للفضاء الأول جنوب السودان ومنطقة أبيى فالأولوية فيه لقضية حق تقرير المصير والاستفتاء، أما فضاء كردفان والنيل الازرق فالأولوية فيه لتحديد العلاقات بين الولايتين والدولة. وأوضح أنه بالنسبة لإقليم دارفور فإن اولويته إنهاء الحرب وعودة المواطنين إلى ديارهم ومشاركتهم فى السلطة والثروة مثل. واعتبر ان أولوية الفضاء القريب من السلطة، «شمال السودان وشرقه» هي التهميش والحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. في سياق متصل افادت مصادر أن جزء خطة الحكومة الاتحادية للتحرك الإعلامي والتواصل المباشر مع جنوب السودان، قبل اجراء الاستفتاء تهدف الى مواجهة الحملة التى تقوم بها عناصر في الحركة الشعبية لدفع الجنوبيين لخيار الانفصال. ومن ضمن الخطة الحكومية، حسب مصادر ل»المصري اليوم» تكليف نائب الرئيس على عثمان محمد طه بالذهاب إلى عاصمة الجنوبجوبا خلال الأيام المقبلة، والبقاء فيها مدة لا تقل عن شهرين يعقد خلالها عدداً من اللقاءات الجماهيرية والرسمية التى تركز على دعم خيار الوحدة . وقالت المصادر إن الرئيس البشير اختار طه لهذه المهمة كونه الأقرب إلى قيادات الحركة الشعبية وقادر على إقناعهم. وفي خطوط مماثلة عقدت لجنة السلام والوحدة المنبثقة من لجنة المجلس الوطني الطارئة اجتماعها بجوبا لتقييم عمل اللجنة برئاسة رمضان حسن لاكو رئيس اللجنة. وأكد لاكو لوكالة السودان للانباء ضرورة وجود آلية للوصول للمواطن البسيط وتعريفه وتبصيره بمحاسن الوحدة ومزاياها وتحذيره من مخاطر الإنفصال. واشاد بالدور المتعاظم لعمل اللجنة في إطار وحدة البلاد لجعل خيار الوحدة جاذبا وبما تم من تنفيذ بنود إتفاقية السلام الشامل. وأوضح ان اللجنة ستلتقى غدا بأعضاء المجلس التشريعي لحكومة الجنوب وشباب وطلاب جامعة جوبا ورجال الدين للتفاكر والحوار حول قضايا الإستفتاء. وفي السياق نفسه التقى رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم ، وأبلغه موقفه المتمسك بمرتكزات الحزب الإتحادي الأساسية القائمة على وحدة السودان وإحلال السلام والحريات والتنمية بعد أن إستمع الميرغني لدى لقائه أمس بالقاهرة باقان، الى شرح واف عن إجتماعات الشريكين التي تمت مؤخرا بالقاهرة ،كما جرى بحث تطورات الموقف السياسي بالبلاد في ضوء إقتراب موعد الإستفتاء في يناير 2011م وما يتطلبه من تدابير وإجراءات تفضي إلي ترجيح خيار وحدة السودان ترابا وشعبا ، والعمل علي إحلال السلام في دارفور ، كما تناول اللقاء ايضا التعاون المشترك بين الحزب الإتحادي والحركة وتعزيز آفاقه في كافة المجالات . ويرى الخبير عبدالرحمن أبو خريس ان التأجيل في كل الأحوال يأتي في مصلحة الخيارين وحدة كانت او انفصالاً، مشيراً الى انه هناك قضايا عالقة لم تحسم بعد، خاصة ترسيم الحدود وتكوين ما تبقى من مفوضيات الإستفتاء أبيي والنيل الأزرق وجبال النوبة، منوهاً الى ان حسم الملفات العالقة يقفل الباب تماماً باب العوده الى الحرب في حال الإنفصال، لأنه حسم القضايا في حال الإنفصال يضمن قيام دولتين متجاورتين متحابتين، وفي حال الوحدة فإنه يعطي وقتاً إضافياً للتبشير بالخيار المنشود بأن يظل السودان موحداً ومستقراً، وأشار ابوخريس الى اللجنة التي تسعى الى تأليف (نشيد وطني) للجنوب، لا تخرج من باب الضغوضات السياسية التي تمارسها الحركة الشعبية على شريكها لتفعيل حسم الملفات العالقة، وصفها وسيلة ضغط سياسية وليست إستراتيجية.