نشطت الساحة السياسية بحراكها الانتخابي عقب صافرة انطلاق الحملات الانتخابية، والتي بدأت تبشر ببرامجها المختلفة من اجل سودان يقوم علي دعائم الديمقراطية التي امن وصادق عليها الجميع باعتبارها الباب الوحيد الذي يقود الي كرسي الحكم بعد الاحتكام لخيار الشعب. ونظم الاتحاد العام للصحفيين السودانيين امس بداره مواصلة لمنتدياته السياسية الدورية والتي تأتي مع متطلبات المرحلة وظروف الانتخابات منتدي بعنوان « الموسم الانتخابي وقضايا الوحدة، والجنائية، واتفاقية السلام» ، استضاف فيه الامين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الدكتور جلال يوسف الدقير. وقال الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الدكتور جلال يوسف الدقير، ان الوطن الموجود الان بكلياته وحدوده الجغرافية المعروفة، وطن عزيز ورثناه عن أبائنا واسلافنا المؤسسين لهذا الحزب ودافعوا عن استقلاله واورثونا وطنا حراً، ولايعني الاستقلال انزال علم المحتل الأجنبي فحسب بل يحمل ذلك معاني متعددة وعميقة تشمل حرية الارادة والتوجه والكلمة والحفاظ علي كل مضامين العز والكرامة الوطنية، واستقلال السودان هو جهد مشترك لكل ابناء السودان بمختلف انتماءاتهم ساهموا في النضال والثورات وحركة التغيير، ولذلك وبنفس هذه الروح يجب ان نحافظ علي وحدة وسلامة اراضيه. واشار الدقير الي ان الروح القومية كانت سائدة منذ بداية الثورات الاولي التي ناهضت الاستعمار، وكان ذلك واضحاً في ثورة اللواء الابيض عام 1924 والتي كان يعلو فيها الحس الوطني، وأظهرت التلاحم بين القبائل والاعراق السودانية المختلفة، وللاسف مايجري الان دعوه للردة والرجوع للخلف عن الثوابت الوطنية . واوضح الدقير ان اتفاقية السلام الشامل كانت من اكبر الانجازات التي اعقبت الاستقلال، وهي جهد مقدر لرجال جلسوا اياما وشهورا طوال ليوقفوا نزيف الحرب الذي استمر لأكثر من خمسة عقود، حصدت فيها ارواح كثيرة من ابناء السودان من جنوبيين وشماليين، وكانت تشكل بؤرة للتوتر تخلق عدم استقرار مستمر في الساحة السياسية، والاتفاقية في حد ذاتها هي وثيقة معقدة فيها عدد من القضايا الشائكة، وبالرغم من ذلك الا انها القت بظلالها علي مجمل الحياة السودانية ، واسست علي حكم المعاهدة، بين طرفين، والاتفاقية حددت خطوطا حمراء وخضراء ورمادية، وفيها كثير من القضايا والتي كانت تحمل عناصر خلافاتها في جوفها مما انتج الخلافات القائمة الان في خارطة الحياة السياسية، الا انها ابرزت مرحلة جديدة. والواقع المعاش ومن خلال النظر لكل ابعاده السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية يدعو للقلق وحالة الشد والجذب السائدة غير مريحة، واستنكر الدقير ازدواجية المعايير للحركة الشعبية التي تعمل مع الحكومة والمعارضة في نفس الوقت. ونحن في الحزب كانت لنا رؤية واضحة من الاتفاقية وتحفظنا علي عدد من بنودها وخاصة « تقرير المصير» الذي تورطت فيه كل القوي السياسية المختلفة عدا حزبنا، ولكن رغم ذلك امنا علي الاتفاقية لانها مكسب كبير، والتزمت بترجيح خيار الوحدة الذي دعا الطرفين للعمل من اجل وحدة جاذبة، ولكن للاسف مايحدث في الساحة السياسية لا يبشر بخير ومازالت النظرة الحزبية الضيقة هي سيدة الموقف، وحتي نخرج بالوطن الي بر الامان لابد ان ننحاز الي الكليات وليس الجزئيات ويجب ان يكون التفكير الجمعي هو السائد وليس الاحادي، لان الوطن يمر بتحديات وعقبات كبيرة، ونحن امام تحدٍ ايديولوجي يدعو لتيار يتكلم عن مشروع سودان جديد، وهذا النظام ليس سراً وانما هو مشروع كوني له رأي في الهوية السودانية، تتبناه الولاياتالمتحدةالامريكية من خلال وكلاء في المنطقة « اسرائيل» وهي التي دفعت بانفجارالأزمة في اقليم دارفور من قبل ان يجف «حبر» نيفاشا، بصورة غريبة قفزت فيها بالقضية في«4» سنوات الي قضية مجتمع دولي وهذا لم يحصل طوال فترة حرب الجنوب، ومن العقبات ايضاً مشكلة ابيي والتي تحتاج الي ارادة وطنية حقيقية والا ستصبح بؤرة جديدة للنزاع، وقضية جبال النوبة، والنيل الازرق، وشرق السودان، نعم كلها تمت معالجتها باتفاقيات، ولكن مازال يتردد الي اسماعنا بأن الاطراف الاخري غير راضية للتنفيذ، بالاضافة الي ان التحرش الاجنبي لم يتوقف في الاطراف والدول المجاورة التي يزج بها لمعاداة البلاد، وكان الهدف في بداية الامر اسقاط النظام عسكرياً ولكن تحولت الخطة الان الي اشعال النار في الاطراف حتي يسهل الانقضاض علي الاحشاء بسهولة، واستبدلت النيران بنيران سياسية، ولعل هذه الاسباب هي التي دفعتنا الي الخروج من المعارضة الي داخل الوطن، ومن المهددات الخطيرة النعرات العنصرية والنزوح والاحساس بالفقر، ومن اهم مايؤثر علي استقرار البلاد، ويهدد اتفاقية السلام التدخل الخارجي الذي اصبح واضحاً بعد اختلال ميزان القوي في العالم وسقوط الاتحاد السوفيتي، وواضح ايضاً انه يوجد قرار بمحاربة النظام القائم والذي مورست ضده كل اشكال الحرب الاقتصادية والسياسية ، بالاضافة الي التدخل المباشر لمناصرة بعض اللاعبين في الساحة السياسية، والضغط عليه من قبل الاممالمتحدة وخاصة القرار«1593» والذي احال قضية دارفور الي المحكمة الجنائية، والتي سبق وان اعلنا موقفنا منها باعتبار انها استهداف واضح لرمز سيادة البلاد. واوضح الدقير ان المخرج الوحيد من الأزمة التي تعاني منها البلاد ان نحول الواقع المعاش الي واقع مشع بالامل وذلك باعادة صياغة الساحة السياسية الي واقع تسوده روح الوفاق والتراضي، ومن ثم نراعي انفاذ بنود اتفاقية السلام والاتفاقيات الاخري المنصوص عليها، وان نكمل عملية التحول الديمقراطي. وقال الدقير ، ان السودان يمر بانتخابات فريدة ومعقدة مع الاخذ في الاعتبار درجة الامية الكبيرة التي يعاني منها الشعب السوداني، وحتي نخرج الي بر الامان نحتاج الي ميثاق شرف تلتزم فيه الاحزاب بالبعد عن الاساءات والتجريح ، وان نراعي حقوق الاخرين، حتي نخرج بالأزمة الي بر الامان من اجل وطن موحد وسالم، ولتحقيق ذلك لابد ان نبتعد عن النظرة الحزبية الضيقة حي لايضيع الوطن وان نلتزم بانتخابات حرة ونزيهة نرتضي بمخرجاتها، لان الشعب هو الذي سيختار ويجب علينا ان نرضي بخياره. ودعا الدقير الي العمل علي توحيد الاحزاب والتي يجب ان تتوافق وتتقارب في برامجها السياسية وافكارها لتتوحد في حزبين او ثلاثة اسوة بالنظام السائد في العالم المتقدم، وقال الدقير» مازلنا ندعو ونروج الي هذه الفكرة والتي حتما ستقودنا الي الامام» ، والمرجعية لهذه الفكرة ان نسلم بمبدأ الحوار الشامل لانه لا توجد قضية تستعصي علي الحلول في طاولة الحوار، لان مايجمعنا في هذا الوطن اكثر مما يفرقنا، ولذلك يجب ان نعلي صوت التفكير الجمعي علي الفردي، وان نضع هم الوطن نصب اعيننا قبل كراسي الحكم. واكد الدقير انهم في الحزب سعوا الي التنسيق مع الحركة الاتحادية، وتم التنسيق في مرحلة التسجيل، وقال « مازلنا نسعي الي لملة اطراف الحزب والتنسيق معه في الانتخابات، ولكننا فوجئنا بالاتحادي الاصل رغم ذلك يقحم بمرشحيه في دوائرنا». وقال الدقير، مازلنا مع الاتجاه الذي يدعو الي تأجيل الانتخابات وذلك ليس خوفاً من عدم الجاهزية وانما لخلق ارضية ثابتة لخيار الوحدة، والتي مازلنا نشدد عليها ونعتبرها خطاً احمر لمكتسبات البلاد.