شاهد.. "بقال" يرد على سخرية نشطاء الدعم السريع بعدما وصفوه ب"الكج" وأن الانتصارات توالت عليهم بعد ذهابه: (بعد مشيت منكم الحكامة إبراهيم إدريس انجغم والمسيرات اشتغلت فيكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تُقلد السلطانة هدى عربي أثناء تقديمها وصلة غنائية والأخيرة تنفجر بالضحكات    شاهد بالصورة والفيديو.. شارع "البراحة" بمدينة بحري يلبس حلة زاهية بعد أعمال الصيانة وإعادة سفلتة الطريق    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    شاهد بالفديو.. تكلفة إيجار الأستوديو وحده بلغت 2 مليون مصري.. صحفية سودانية شهيرة تهاجم برنامج "أغاني وأغاني" وتناشد الرئيس البرهان: (أوقف هذا السفه لأجل الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء لك)    "260" حالة زواج بين مصريين وسودانيين خلال عام والعدد في ازدياد    إجلاء جثامين وجرحى عناصر«يونيسفا» إلى أبيي بعد الهجوم المسيّر    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    الجمارك تدشين العمل بنظام التتبع الإلكتروني للحاويات    رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يصل الرياض    الأمير دنقلا يهزم القوز أبوحمد بهدف ويشعل صراع مجموعة أبوحمد    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    التاج ابوجلفا ودلوت في نهائي دورة شهداء معركة الكرامة بمدينة رفاعة    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    مَاذا يَنقُص الهِلال؟    مسؤول سوداني ينجو من موت محقق    شاهد بالصور.. "جرجس روحي" يهاجم "زول سغيل" بسبب دارمته الجديدة: (كنت بتتريق علي الاحداث الانت حاليا بتحاول تمثلها ومجالك انت معروف شوف البنات الساقطات اخلاقيا والماعندهم اهل)    رئيس مجلس السيادة يتسلم رسالة خطية من شقيقه رئيس جمهورية جنوب السودان    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    محمد صلاح يستعد لرحلة غامضة إلى السعودية    ياسر محجوب الحسيني يكتب: البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    المريخ السوداني يصدر قرارًا تّجاه اثنين من لاعبيه    فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    لجنة التحصيل غير القانوني تعقد أول اجتماعاتها    أطعمة ومشروبات غير متوقعة تسبب تسوس الأسنان    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الاحوال الشخصية :معاناة وجدل لاينتهيان
نشر في الصحافة يوم 25 - 08 - 2010

لم تكد مكة التي زوجت في الرابعة عشرة من عمرها تستجمع قواها لاتخاذ قرار بإنهاء علاقتها بزوجها الذي عانت منه حتى بدأت معاناة جديدة في اروقة المحاكم التي اصبحت فيها زبونة دائمةحيث بادرت برفع قضية طلاق استمرت لمدة عام قبل ان تبت المحكمة في امرها لتبدأ رحلة جديدة من المعاناة في رفع دعوى ثانية للنفقة وضم حضانة طفليها والمطالبة بالاحتفاظ بهما، لتمضي اربع سنوات بين تلك الدعاوى القضائية والتردد على المحاكم بدون جدوى. قصص وفصول مأساوية وصل كثير منها الى حد التظلم والتعدي على الكرامة معاناة تعيشها النساء في اروقة المحاكم بين الاجراءات والاثباتات والمواعيد والجلسات التي دائما ما يتغيب عنها المدعى عليه (الزوج )،فأين الخلل ومن هو المسؤول عن تلك المعاناة هل هو قانون الاحوال الشخصية
ام الجهات التي تعمل على تطبيقه؟ لاسيما وان الاجراءات في القانون عقيمة وطويلة ومعقدة مقارنة بالقوانين الاخرى، وقد لاتؤدي في النهاية لإنصاف المرأة.
حسب الحقوقيين فإن الهدف من وجود اي نظام قانوني تطبيق العدالة دون الاخلال بهذه العدالة في مسارها الصحيح، الا ان قانون الاحوال الشخصية اتى بخلاف ذلك حيث انه قام على التمييز بين الزوجين وتقويض مبدأ المشاركة القائمة على الندية داخل الاسرة وفرض الوصاية عليها بتفويضه للنظام السياسي الطبقي الابوي لقهرالنساء الامر الذي جعله يواجه عاصفة من الانتقادات والجدل الواسع منذ تشريعه في بداية التسعينيات، ودفع بالكثيرين الى المطالبة بسن قانون بديل موحد لضمان حقوق النساء والرجال والاطفال المبنية على حرية الاختيار والتنظيم العادل للواجبات يهدف الى البناء والمحافظة على اسرة سودانية مستقرة ومعافاة تقوم العلاقات بين افرادها على اسس الاحترام والكرامة.
والقانون الذي جاء على انقاض المحاكم الشرعية التي نشأت في العام 1902 بموجب لائحة حددت المحاكم مرجعية احكامها وفق الرأي الراجح من المذهب الحنفي ومايراه قاضي القضاة مناسبا، وضع بلغة معقدة ودونما مذكرة تفسيرية، ويقول المحامي المتخصص في الاحوال الشخصية محمد الامين الايزرقابي، ان القانون صدر بدون قانون اجراءات منفصل واردف الان المحاكم تعمل بقانون الاجراءات المدنية لسنة 83م اما الاجراءات الشرعية فهي مضمنة في قانون 1991 في الجدول الثالث.
والقانون الذي اعطى الرجل مركز القوة في الاسرة ألحق بالنساء ضررا كبيرا حينما سمح بزواج القاصرات من سن 10 سنوات في حال وجود مصلحة راجحة دون تحديد هذه المصلحة في زواج طفلة، وانتقدت الناشطة في حقوق الاطفال ناهد جبر الله اباحة القانون لزواج القاصرات مشيرة الى ان نسبة زواج الطفلات تبلغ 36% في الفئة العمرية الاقل من 18 عاما حسب المسح السوداني للاسرة، وعبرت عن اسفها لتحفظ السودان على المادة الخاصة بتحريم خطوبة وزواج الاطفال في اتفاقية حقوق الطفل الافريقي .
ويقول رئيس حزب الامة القومي الامام الصادق المهدي في هذا الشأن بأن الاستشهاد بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها غير صحيح، مشيرا الى ان زواج القاصرات يتعارض مع مقاصد الشريعة. وزاد قائلا ان الاحكام في الاسلام تدور مع العقل فزواج الصبي والمجنون والطفلةحرام قطعا مستشهدا بقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم فيهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم )، وهذا يعني والحديث مازال للمهدي ان صاحبة المال لاتستطيع ان تتصرف في شؤون اموالها وهي طفلة، فإن كانت لاتستطيع ان تتصرف في مالها فكيف تتصرف في نفسها ...؟؟؟
كذلك القانون كفل للزوج الطلاق دون اسباب او مبررات كما اعطاه حق ارجاع مطلقته قبل اكمال عدتها بغير رضاها، اما الزوجة فليس لها حق تطليق زوجها الا في حالات معينة وبإثباتات وشروط معقدة تستغرق فترات طويلة تصل الى سنوات واجراءات مضنية داخل المحاكم، وكشفت دراسة حديثة عن اثر القانون وتطبيقه على النساء اجرتها المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) ان تطبيق القانون ينقصه الاتساق والانسجام والتطابق ويشوبه الكثير من الاعتباط والذاتية وعدم التوافق، هذا فضلا عن معاناة النساء في سبيل الوصول والحصول على العدالة خاصة النساء المستضعفات على وجه الخصوص، واللاتي اكدت الدراسة معاناتهن من اثر التمييز والعنف المنزلي والمجتمعي والمؤسسي في اطار محاولتهن الوصول الى الاجهزة العدلية، وتفاوتت سن الفئة المستهدفة بالبحث مابين اقل من 20 واكثر من 50 عاما، الا ان 50% منهن لاتتجاوز سنهن ال 30 عاما، فيما 81% منهن في الفئة العمرية 20-40 عاما ،واوضحت ان 40% من العينة غير مرتبطات وهن اما مطلقات او منفصلات او مهجورات او ارامل ،اما السن التي تم فيها الزواج فمداها بين 11عاما و42، ووجد ان 44% منهن قد تزوجن دون الثامنة عشرة و60% دون العشرين .
وحول الوعي والمعرفة بقانون الاحوال الشخصية فقد اشارت الى انها ضعيفة ومشوشة بما فيها الفئات المرتبطة بالعمل القانوني، اذ ان 72% من مجموع النساء اللائي لجان للمحاكم ليست لديهن معرفة بالقانون، اما من لديهن معرفة وسمعن فلا تتجاوز نسبتهن ال 28% ، وحسب الدراسة فإن عدم الوعي والمعرفة لاينحصر على النساء المتضررات فقط، فالباحثات الاجتماعيات والاختصاصيات النفسيات اكدن عدم سماعهن بالقانون وما وصل اليهن انه قانون يحكم النساء في حياتهن من خلال قضايا الطلاق والنفقة والميراث، اما المجموعة الحقوقية بالامم المتحدة والمهتمة بالعدالة النوعية تتفق بأن هناك عدم وعي وسط النساء بمساوئ القانون .
وقالت الدراسة ان الفترة التي قضتها النساء في المحاكم حتى صدور الحكم تراوحت بين اقل من شهر وحتى 12، اما وقد اجابت 50% من النساء بأن الفترة لم تتعد 6 اشهر غير انه في 31% من الحالات امتدت المدة الى اكثر من سنة، وحتى 3 سنوات فيما وجد ان هناك عددا من الحالات لم تحسم فيها القضية لاكثر من 12 عاما، بينما يتراوح الزمن الذي تنتظره المرأة داخل المحاكم في كل مرة بين الساعة وحتى عشر ساعات، الا ان معظم الحالات (اكثر من 50% ) تكون في فترة انتظار مابين 3-5 ساعات دون تفسير لذلك .
ورصدت الدراسة وجود انتهاكات من قبل القضاة والبوليس غير ان 25 % منهن ليست لديهن مآخذ على هذه المعاملة، بينما 15% يرين انهن يتعرضن لمعاملة سيئة او غير مقبولة من الجهات الرسمية، وفي احيان كثيرة تقارن اولئك النسوة بين ما يعانينه في الاسرة وبين المعاملة في المحكمة وبالمقارنة بين الواقع الملئ بالعنف والاضطهاد الذي يعشنه في المنزل فإن ما يعانينه في المحكمة يعتبر مقبولا ولايصل وفقا لمعاييرهن الي درجة المعاملة غير الكريمة،وعزا احد القضاة السابقين بالمحاكم الشرعية هذه الانتهاكات لصغر سن القضاة بالمحاكم الشرعية اضافة الى قلة القضاة الشرعيين مقارنة مع الكم الهائل والزيادة الملحوظة من القضايا في المحاكم، وقلة خبراتهم وضعف تأهيلهم. ورأى القاضي حسب افادته في الدراسة ان دمج النظام القضائي ادى الى غياب التخصصات فأصبح لاي قاض الحق في العمل في اية محكمة سواء شرعية او مدنية او جنائية، مشيرا الى ان التخصص ضرورة للوصول الى نظام قضائي جيد وعادل ولفت النظر الى نقطة مهمة فيما يتعلق بالقضاة خارج الخرطوم حيث نبه الى معاناة النظام القضائي بالولايات من شح القضاة وفصلهم في جميع القضايا الشرعية والجنائية والمدنية بواسطة قاض واحد ،واصفا الوضع بالخطير لاختلاف طبيعة القضايا خاصة الشرعية وزاد قائلا لابد من ان يكون عمر وتجربة القاضي الشرعي العملية اكثر نضجا.
ومن الاشكالات التي تواجه النساء في المحاكم وقد تؤدي الى بعض الالتباس ان 67% منهن يلجأن الى كتّاب العرائض غير الرسميين لعدم القدرة المالية بنسبة بلغت 39% او لعدم معرفتهن السابقة بأنهن يحتجن لمحام 47% ،الامر الذي يضطرهن الى الاستعانة بمن هو متاح، ويصبحن تحت رحمة العرضحالية وافتراضاتهم وتحيزاتهم الذاتية. وقليل منهن ممن استطعن الاستعانة بمحام يستطعن الاعتماد عليه في عرض الحالة .
وبالرغم من ان قانون الاحوال الشخصية قد نص صراحة وبشكل مباشر على نفقة الابناء الا ان مشكلة كبيرة تتعلق بقيمة النفقة التي تحكم بها المحكمة للزوجة حيث انها في العادة تكون قلية جدا بالمقارنة مع وضع الزوجة وابنائها خاصة ان الازواج عادة مايكونون اكثر حرصا على عدم اظهار مصادر دخلهم، وطالبت امال حسين بضرورة تحديد النفقة بأسس علمية بعد النظر الى الاطفال ومراحلهم التعليمية واحتياج الطفل من السعرات الحرارية بجانب تحديد حد ادنى للنفقة بغض النظر عن دخل الزوج.
وعلى الرغم من ان الجو العام لايوحي بفكرة تغيير القانون، الا ان الحاجة اصبحت ماسة لقانون بديل يهتم بتنظيم الحقوق والواجبات والحريات الاساسية والاحكام المتعلقة بالاسرة السودانية، يستقي احكامه من الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها السودان نصرة للقيم الايجابية والخيرة في جميع الديانات والثقافات والاعراف السودانية التي تدعو الى المساواة بين الناس والعدالة الاجتماعية واحترام كرامة المرأة والطفل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.