عندما تحط قدماك مدينة نيالا ذات الكثافة السكانية والسحر الجاذب لطبيعتها التى تحيط بها الاشجار والحركة التى تجوب المدينة ،يلاحظ الحيز الكبير الذى تحتله الركشة وسط المجتمع بالمدينة وفى شكل ملفت لاى قادم جديد للمدينة، الارقام الكبيرة المكتوبة على الركشات تجعلك ان تتساءل عن ماهية الارقام التى لم تكن موجودة بجميع انحاء السودان على الركشات سوى نيالا ، فيقودك سؤالك لاقرب شخص منك الى هذا المضمون ، ان نيالاالمدينة الاكبر بدارفور من حيث السكان ومع الظروف التى مرت بها دارفور وما صاحبها من نزوح وغيرها دخلت المدينة عدد من الظواهر غير المالوفة لدى المجتمع مثل عمليات التهديد وسرقة الموبايلات تحت وضع التهديد بالسلاح والاغتيالات وعمليات السطو الليلى التى عمت المنطقة فى وقتها ، مما ادى الى تطور ملحوظ فى تنوع اشكال الجريمة التى ظلت تشهدها المنطقة بشكل مفجع ومخيف .ويعزى عدد من المواطنين ذلك الى دخول المنظمات التى غيرت فى بعض سلوك الناس فى ظل السيولة المتوفرة لدى الاجانب والموظفين المحليين العاملين بتلك المنظمات وحالة الثراء المفاجئ لدى بعض الناس فى المجتمع قاد البعض الى الطمع والجشع ، وخاصة ضعاف النفوس الى ارتكاب عدد من الجرائم وبوسائل مختلفة . وفى ذات السياق وجد المجرمون ضالتهم فى الركشة التى تعتبر مصدر دخل لعدد كبير من الاسر فى ظل الفقر المدقع الذى يعانيه سكان المنطقة من ويلات الحرب ، لذلك شكلت الركشة هاجسا امنيا للسكان والسلطات المحلية ، فالركشة وبسرعة حركتها وتغلغلها فى احياء المدينة والأزقة يرى البعض انها هى السبب فى تطور اشكال الجريمة بالمدينة وخاصة فى الجرائم التى تتم ليلا ، مما حدا بالسلطات المحلية ان تتخذ قرارا فى تقيد حركة الركشات اثناء الليل قبل عامين ،فاعطتها اعلى سقف للعمل الساعة التاسعة مساءا ،بجانب وضع ارقام متسلسلة بالخط العريض باللون الابيض على جنبات وخلف وامام الركشة بغرض تميزها ليلا حتى ولو فى الظلام الدامس ، فهذا مما جعل الكثيرين ان يحترزوا فى تعاملهم مع اصحاب الركشات ليلا ، وقد يقودك سؤالك احيانا لشخص ان ما هية الارقام المكتوبة اولا الى سب الركشات وسائقيها وينعلوا اليوم الذى دخلت فيه الركشة هذه البلدة التى كانت لا تعرف الا السكون ، وبعدها يجيبك على سؤالك ، واحيانا يرى البعض ان الركشة لها اهمية قصوى وسط المجتمع وخاصة انها تشكل مصدر عيش لعدد كبير من الاسر وقللت نسبة كبيرة من العطالة بجانب انها اسهمت فى استقرار عدد كبير من هذه الاسر ، وانها يقودها اناس محترمون وفى المقابل يوجد سائقون غير مسؤولين وخاصة الشباب فى سن المراهقة لهذا انها اسهمت فى تطور اشكال الجريمة فى اشارة الى ان هؤلاء الشباب لايهمهم سوى جمع المال وانهم لايرفضون اى طلب قدم لهم لاستئجار ركشاتهم وفى نفس الوقت تقوم العصابات باغرائهم بمبالغ كبيرة او تهديدهم فيضطرون للقيام بالمهمة ، ويوجد من تنفذ العملية الاجرامية بركشته وهو لايدرى لان غالبية المجرمين يقومون باستئجار الركشات وعندما يقومون بتنفيذ العملية يتركون الركشة فى مكان بعيد وبعد انتهاء العملية يأتون الى السائق ويقولون له اتحرك والسائق (اطرش فى الزفة ) . فى ذات السياق يقول احد سائقى الركشة بخط الكنغو يدعى احمد عرجة ان مسأله الارقام التى فرضتها السلطات المحلية فى بداية الامر شوهت سمعة سائقى الركشات وجعلتهم مجرمين فى انظار المجتمع لكنها لعبت دورا فى تميز الركشات وقللت من نسبة الجريمة والكل اصبح حريصاً فى ان يقوم بدوره بعيدا من الشبهة . ومن جانبه يرى ابوبكر احمد عبد الله ان الارقام لها كينونة خاصة وانها لم تأتِ من فراغ وهى ساهمت كثيرا فى معالجة بعض الاشكالات وانها مقيدة لدى شرطة المباحث والمرور لذلك وضعت بالخط العريض على جنبات الركشة لتميزها عن البقية .وقال انهم منزعجون من هذه الارقام لكن هذا قدر كتب لهم لا مفر منه لهذا انهم راضون بالواقع رغم عمليات السب والشتم التى يجدونها من المجتمع باعتبار ان شريحة سائقى الركشات كلهم شماشة وغير مسؤولين . وفى نفس الوقت الواحد بيكون عنده اسره كبيرة وترك المدرسه لكى يعمل سائقاً بالركشة لتوفير لقمة عيش لاسرته فى ظل انعدام فرص للعمل او محدودية دخل الاسرة جعلهم يتركون الدراسة والانخراط فى العمل بالركشة التى لا مجال لهم سوى الركشة المسكينة التى صممت وصنعت لقضاء اقراض الناس لصغر حجمها وجمالها لذلك نجد الركشات يقوم اصحابها بتسمية ركشاتهم باسماء دلع او الاسماء التى تميز بعض الاسر بنيالا. ويرى آخرون ان المجرمين غالبهم لايستخدمون الركشات فاتجهوا الى استخدام الدراجات النارية، الا اننا نجد ان استخدام الدراجات والركشات ليلا فى عمليات النهب والاعتداءات على المارة تلاشة شيئا ما الا ان المجرمين اصبحوا ينفذون عملياتهم الاجرامية مشيا على الاقدام وفى الساعات التى تكثر فيها الحركة لان المواطن بنيالا فرض حظر تجوال لنفسه أوتوماتيكياً ،منذ دخول الساعة العاشرة مساء يندر من يتحرك فى شوارع المدينة رغم دوريات الشرطة الليلية التي تجوب أحياء المدينة تأمينا لأرواح المواطنين