بمناسبة الإفطار السنوي لجمعية الدفعة «24» الخيرية بتاريخ 24 رمضان 1431ه الموافق الجمعة 3/9/2010م بنادي الضباط. ٭ مدخل: ٭ اصبح في علم الكافة ومن الثوابت ومن المتفق عليه، عراقة القوات المسلحة وتميزها، وتفردها في تقاليدها الراسخة التي تعتبر قوة وقوة «تتحدى الصعاب». ٭ ان وجود القوات المسلحة شرط جوهري للسيادة الوطنية بوصفها ضمانة أساسية لاستقلال الوطن «كان للعسكرية السودانية دور بارز في استقلال السودان»، واحتضانه وتأمينه. والرابط بين السيادة الوطنية هو ان القوات المسلحة تعد احدى الجماعات العامة الاشد ترابطا بفضل التقاليد العسكرية «القانون غير المكتوب» الذي يحكمها. ٭ ينظر مجتمع العسكريين للقوات المسلحة على انها الام الرؤوم، وانها ليست مجرد تنظيم فحسب، ولكن مجتمع في مجال جغرافي محدود وكمؤسسة شاملة يعيشون فيها لفترة معينة حياة مشتركة في بناء رسمي، ثم تمتد تلك الفترة بعد نهاية الخدمة، لحياة مشتركة اخرى ولكن في بناء غير رسمي تحكمها التقاليد العسكرية. ٭ تتحكم في العلاقات بين افرادها عدة عوامل اهمها الضمير الاخلاقي Moral conscience وهو ذلك التأثير الذي تمارسه الذات الادارية على مجموع المحتوى العقلي، فتتيح او تمنع وتيسر او تقيد كل حركة تصدر عند الاندفاع التلقائي، فالضمير الأخلاقي هو الرقيب. التكافل في القوات المسلحة: ٭ برغم من وجوب رعاية الدولة للمحاربين والمصابين في الحرب واسر الشهداء وفقا لمنطوق الماده «18» من دستور السودان الانتقالي لعام 2005م «الدفاع عن الوطن شرف وواجب على كل مواطن ، وترعى الدولة المحاربين والمصابين في الحرب واسر الشهداء والمفقودين»، وهذا يعني ان دور الدولة في رعاية المحاربين يمتد حتى بعد انتهاء خدماتهم كالتقاعد وغيره، فإن الضباط العسكريين قد انتظموا في مجموعات على اساس «الدفعة وكونوا منظمات تكافلية هدفها مساعدة منسوبيها وتهيئة العيش الكريم لهم بقدر المستطاع، علاوة على ادامة الروابط الاجتماعية بينهم ووصلها، تلك التنظيمات التي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، وهي مستمرة حتى الآن، وحققت الكثير من أهدافها وحلت الكثير من الاشكالات، واصبحت مؤسسات اجتماعية راسخة «شالت الشيلة في احيان كثير عن الحكومة» في ظل ظروف اقتصادية معروفة، ولكن « ايد على ايد تجدع بعيد» «وتأبى الرماح اذا اجتمعن تكسرا»، وتجد صناديق الدفع بالقوات المسلحة تجربة اجتماعية رائدة لأنها تعني بشريحة مميزة في روح معنوية عالية في حضور ذهني وبدني مميز. الدفعة «24» نموذجاً: ٭ نحن الدفعة «24» قوات مسلحة، ضمن منظومة القوات المسلحة، ترس اساسي في دولاب تقدمها وعزتها، لسنا الوحيدين في الساحة العسكرية فهناك كثر، ولكن كل فتاة بأبيها معجبة، فإن كان لنا شأو كبير في مجال المهنية الرفيعة وصدق الانتماء للوطن والقوات المسلحة، فأيضا لنا باع كبير في مجال التكافل والتراحم والتعاضد، ولا اظنني ابالغ اذا قلت اننا رواد في هذا المجال دون منازع، مع كامل احترامنا وتقديرنا واعترافنا بما تبذله الدفع في هذا المجال الحيوي الانساني. ولربما تضافرت عوامل كثيرة لهذه النجاحات: منها اننا اكبر دفعة على مستوى القوات المسلحة « دفعة السبعمية»، وانتشار الدفعة في كل السودان وكثير من المدن العربية والآسيوية والافريقية والاروبية والاميريكية، بجانب ترجل عدد كبير من الدفعة في وقت مبكر، اضافه للارادة الاجتماعية القوية التي يتحلى بها افراد الدفعة، كذلك لروح التفاني ونكران الذات. ٭ الدفعة «24» التي دخلت الكلية الحربية في 16/3/71 وتخرجت في 1/1/73 ، انتظم صندوقها الخيري «صندوق الدفعة 24» في عام 1979 وولد باسنانه وكانت نهاية تسعينيات القرن الماضي هي انطلاقة جديدة لمسيرته، حيث تم تقييم التجربة، وكانت الانطلاقة المتطورة التي شهد لها الجميع، وكانت بمثابة تقديرالجميع خاصة اسر الشهداء والمرضى والمتوفين من الدفعة، بجانب كل من مد يده يطلب العون والمساعدة من خارج الدفعة. وكان من اسباب هذا النجاح الانفتاح الذكي للجنة الصندوق، واختيار اصدقاء للصندوق الذين كان لهم القدح المعلى في تطويره. فعلى سبيل المثال لا للحصر يمكن استعراض بعض نجاحات الصندوق من خلال الاتي: ٭ لم شمل كل المشتتين من الدفعة داخل وخارج العاصمة وخارج السودان، وادامة الاتصال معهم من خلال الاجتماعات والاتصالات الالكترونية. ٭ اقامة اجتماع شهري يوم 24 من كل شهر، عدا شهر رمضان يوم 24 رمضان، وذلك للتفاكر والتواصل ومعرفة اخبار الدفع الاخرى من خلال نشرة ابتكرها الاخ العقيد يحيى عباس، فاكهة الدفعة. ٭ الافطار السنوي في 24 رمضان من كل سنة الذي يؤمه حوالي اربعمائة من الدفعة «هنالك الذين خارج العاصمة والسودان والشهداء والموتى والمرضى يقدر عددهم بحوالي «190»، لا يحضرون المناسبة لكن أبناء بعض الشهداء والموتى يحضرون نيابة عنهم»، بجانب الضيوف من معلمي الكلية الحربية واصدقاء الدفعة وممثلين الدفع وبعض مؤسسات القوات المسلحة. ٭ التفقد المستمر للمرضى واسر الشهداء والموتى وكل ذي حاجة وتقديم الدعم المادي والمعنوي. ٭ المساهمة في حل كثير من الاشكالات لمنتسبي الدفعة من خلال علاقة الصندوق المتميزة. ٭ توزيع كيس رمضان وفرحة العيد ل «400» منسب بجانب حوالي «100» من خارج الدفعة باعتباره نوعاً من التعاضد والتعاون والترابط «المنسبون خارج العاصمة يرسل لهم نصيبهم ويتحمل الصندوق العتالة والترحيل ونثريات المندوب». ٭ الصندوق له محطات فرعية في كل من بورتسودان، عطبرة، القضارف، كوستي، الابيض، ويسعى لفتح المزيد من المحطات في حالة وجود عضوية حتى ولو قليلة، كذلك هناك مقر الصندوق الرئيسي شرق عفراء ولديه مكاتب في العاصمة في كل من الخرطوم بحري والثورة. ٭ للصندوق اتصال الكتروني بكل أفراد الدفعة يزودهم بالاخبار اولا بأول، ويستقبل اخبارهم لبثها، بجانب عمل نشرة دورية لتجميع الاخبار وتمليكها للقاعدة. ٭ عدد كبير من منتسبي الدفعة يتبوأون مناصب رسمية وأهلية، فهنالك مثلاً الوزراء والولاة والمعتمدون، بجانب أساتذة الجامعات ورجال الاعمال ومديري الشركات والمهندسين والضباط الاداريين والاكاديميين الذين تحصلوا على درجات علمية رفيعة، بجانب عدد لا بأس به وصل هيئة القيادة ولا زال هنالك من يواصل العمل مثال: الفريق اول عبد الرحمن محمد زين الامين العام لوزارة الدفاع، والفريق اول على الشريف الطاهر المفتش العام، كذلك للدفعة عدد كبير من الشعراء والادباء والفنانين والرياضيين. ٭ يتيح الصندوق لعدد محدود، سنويا، الفرصة لاداء فريضة الحج من خلال قرعة تجرى قبل شهر رمضان من شروطها عدم اداء فريضة الحج من قبل، وتجرى الاتصالات لتوفير فرص للعمرة ايضا. ٭ لائحة الصندوق توفر تداول العمل في لجنة الصندوق. وتحاسب الجمعية العمومية اللجنة سنويا من خلال تعليقها على خطاب الدورة وخطاب الميزانية، وتعدل اللائحة اذا رأت ذلك. كذلك اللائحة توفر دعما معقولا لحالات الوفاة والمرض والعلاج بالخارج والحاجة الماسة. ٭ الصندوق أول من سن سنة خصم الاشتراكات من معاشات الضباط بعد موافقتهم وشهادة محامي الدفعة العقيد عبد القادر التويم والقضاء العسكري، وبذا سهل موضوع دفع الاشتراكات باعتبارها مساهمة فاعلة في التكافل وهامش جدية. ٭ تجرى اللمسات الاخيرة لتشييد مقر الدفعة باركويت من عدد من الطوابق من خلال شركات استثمار بجانب «المكون المحلي من الدفعة واصدقائها» ٭ تحويل الصندوق من صندوق زمالة الى جمعية خيرية تسمى «جمعية الدفعة 24 الخيرية» في عام 2000م تتمتع بمزايا كثيرة وفقا لقانون العمل الطوعي لعام 1995م، ولوائحه لعام 1999م المعدلة لعام 2006 أعطتها مساحة كبيره لتقديم العون والمساعدة لاكبر عدد من أعضائها. ختام: ٭ أحد اسباب كتابتي لكتاب «ملامح من التقاليد العسكرية السودانية» ما يقوله بعض المغرضين ان «خوة الكاب لحد الباب» اي ان أخوة العسكرية تنتهي مع نهاية الخدمة، وهذا كذب وافتراء، فالواقع يقول عكس ذلك تماما «فخوة الكاب تستمر لخارج الباب وحتى بعد القبر» ، حيث تجد اسر الشهداء العناية الفائقة من الزملاء. ونقول لهؤلاء المغرضين اذا وجدت مناسبة حزينة او فرح ووجدت الذين يؤمونه كثر، فقطعا صاحب هذه المناسبة من قبيلة العسكريين. وحتى في المقابر اذا وجدت الجمع غفيرا فحتما ان المتوفي من اصحاب الكابات، وكذا المستشفيات..!! ٭ فالزمالة العسكرية متميزة، لانها تحافظ على كيانها المؤسسي وتحافظ على بنائها الداخلي من خلال فضيلة التراحم، حيث أن هذا التراحم هو الذي يساعد على استمرارها وترابطها وتحقيق الاهداف ومواجهة الازمات. والزمالة الحقة تقرب العسكريين من بعضهم البعض في حدود الضبط والربط، واذا لم تسد روح المودة والاحترام المتبادل لانهار المجتمع العسكري. ٭ التحية لشهداء القوات المسلحة الذين هم أفضل منا جميعا، والتحية لقيادة القوات المسلحة، والتحية الخاصة لابناء وأسر ضباط الدفعة «24» الاحياء منهم والاموات، راجيا التوفيق للجميع، ولا يفوتني ان أزجي آيات الشكر والتقدير للجنة الصندوق لجهودها الكبيرة، وعلى رأسهم سعادة الفريق يوسف ابراهيم «ود اللواء» رئيس الصندوق ونائب مدير الطيران المدني، لجهده غير المسبوق، ولاجتهاده المتواصل الذي لا يخفى على كل ذي بصيرة، كما أرجو من اخوتي منتسبي الدفعة أن يكونوا كما عهدناهم، وان يلتفوا حول لجنة الصندوق وأن يؤازروها، فنحن الآن أشد حاجة لبعضنا من ذي قبل. والله من وراء القصد. الدفعة «24»