حقيقة كانت سعادتي غامرة يوم ميلاد جامعة كردفان، وسرعان ما نصبت نفسي، باحتكار وبلا ديمقراطية - رئيسة للجنة النسوية «العليا»! لدعم الجامعة في مهدها، واتت الجامعة مولودة جديدة يحملها د. غبوش الضاوي - رحمه الله - على كفيه، ليرسي قواعد جامعة عملاقة ولدت بأسنان قوية قادرة على «كد الدوم»..!! الذي تزخر به غابات كردفان، ثم سرعان ما مشت على قدمين، وفي وقت وجيز أصبحت تقوى على «الجري والطيران»!.. في وقت واحد..! وهكذا وقفت شامخة تحكي حكاية جيل بنى جامعة... واستحقت - كما يسميها طلابها - ان تسمى عروس الجامعات، ثم حدد أن تكون مكان اقامها في عروس الرمال... وهكذا من يومها اصبحنا نعيش الاعراس مجتمعات...! ذلك ليس تحيزا لانتمائي الكردفاني، ولكن لأن معايشتي بعدد من الجامعات بالسودان التي كان لي شرف التعاون معها، في خدمة التدريس التي أهواها. وتهيأت لي فرصة مقارنة «حرة ونزيهة» ! فأحسست في جامعة كردفان الانضباط والدقة.. في اعداد وتنفيذ المناهج والتوقيت والبرمجة واحترام الزمن في مجتمع يجهل قيمة الزمن وحسن إدارته. وحقيقة اقولها، ذكرني وجودي المتقطع بجامعة كردفان، ايام زمان.. ايام كنا طلبة بجامعة الخرطوم، حيث كانت وقتها قلعة للعلم ومرجعا ومعيارا للدقة والامانة العلمية والانضباط، إذ اذكر ان رفدت احدى صديقاتي لرسوبها بنصف درجة في مادة الاجتماع! الامر الذي مازال بذهني حتى الآن ...!! وجامعة كردفان تتميز ايضا بطلاب وطالبات اتت بهم الرغبة الجادة لتلقي العلم فيجلسون للعلم صاغرين.. وعندما صفق يومها طلاب خامسة بكلية الطب وهم يتلقون احدى محاضراتي في الاجتماع الطبي medical sociology اندهشت اعجابا بقدراتهم !! وشعرت بان لديَّ رغبة اقوى في ان اصفق لهم، لأن ذلك السلوك الجمعي التلقائي يعني ان الطلاب كانوا مع المعلم قلبا وقالبا، ويعني انهم بذلوا جهدا عقليا وحضورا حقيقيا وانصاتا واعيا لتلقي واستيعاب كل ما قاله الاستاذ.. فالتصفيق مني لطلاب جامعة كردفان ، تصفيقا «يرد الفرات زئيره والنيلا»! .. ثم وفي اطار تعاوني الذي ما انقطع مع جامعة كردفان، طلب مني د. شيح الدين فرح الدور في اواخر ديسمبر 2009م، تدريس كورس في تنمية المرأة لمجموعة خامسة تخصص في وحدة الارشاد الريفي، وسعدت لذلك الطلب، لأن تلك بلا شك ستكون فرصة طيبة للاطلاع على ما آلت إليه نظريات واستراتيجيات تنمية المرأة على المستوى المحلي والعالمي. وتطرقت خلال الكورس لإشارة عارضة على اتفاقية «سيداو» ، الا ان الرغبة بدأت «ترقص»! بداخلي في ان احول اتفاقية سيدوا لمحاضرة كاملة استعرض بنودها والآراء المتباينة حولها وقد كان ذلك. وأتت محاضرة حيَّة زاد من حيويتها وجود زائرة ايرلندية بيننا، إذ ان حضورها أثار مداخلات شيقة ومتباينة لاختلاف الثقافات، فنشكر اولا الزائرة «بندورة» على ذلك الحضور المتميز. اما اتفاقية «سيداو» لمن لم يطلع عليها فهي اتفاقية ضد كل أشكال التمييز النوعي ضد المرأة، اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة في ديسمبر 1979م، واصبحت سارية المفعول منذ عام 1981م، وتتألف هذه الاتفاقية من ثلاثين مادة وضعت في قالب ملزم للدول الموقعة، وتدعو الى سن تشريعات وطنية تحرم التمييز النوعي وتوصي باتخاذ كل التدابير لتحقيق المساواة بين الجنسين، قد وقعت حتى عام 2006م «170» دولة اكثرها من الدول النامية، و «17» دولة عربية، وبالدراسة المتأنية لاتفاقية سيداو وجدت - من وجهة نظري - ان للاتفاقية ايجابيات عدة الخصها في ما يلي: ٭ تلمست الاتفاقية كل أوجه التمييز النوعي ضد المرأة، إذ أنها عكست أضواء كاشفة على كل تلك المحاور التي يتم فيها تمييز على اساس الجنس. ٭ سندت الاتفاقية تلك القضايا الانحيازية على قوة القانون والتشريعات التي يجب أن تسنها الدول الموقعة للوصول الى الحلول الممكنة، كما حددت الاتفاقية الآليات لتنفيذ بنودها والقيام بالمتابعة والتقييم المستدام. ٭ نادت الاتفاقية بتعزيز مشاركة المرأة في كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على قاعدة المساواة المطلقة بين الجنسين، محاربة بذلك كل اشكال التمييز النوعي. ٭ ثبتت الاتفاقية حقوق المرأة في مجالات التعليم في كل مراحله، مع المناداة بتوحيد المناهج والمساواة في فرص التدريب، كما ونادت بتوفير الصحة والرعاية الصحية للجميع، هذا وقد عكست الاتفاقية حق العمل بالنسبة للنساء والتعامل معهن بندية للرجل في الاجر وشروط الخدمة. ٭ نادت الاتفاقية بوضع التدابير اللازمة لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة وعدم استغلالها للدعارة. ٭ نادت الاتفاقية بضمان حق المرأة في القروض المصرفية والرهون العقارية والتمويل. ماجستير تنمية- ولاية شمال كردفان