* أحسب ان وزارة التعليم العالي أصبح شأنها شأن محلية الخرطوم، فالاخيرة - أي المحلية - تتفاجأ كل عام بأن فصل الخريف قد هبط فجأة من السماء دون ان تستعد له المحلية. فعند هطول أول مطرة تتساقط كل الشعارات التي تنادي بتماسك البنى التحتية وجعل الخرطوم عاصمة حضارية نظيفة، فنجد منظر الشوارع المغلقة والحفر التي تسدها كل عام هو أمر طبيعي يحدث أمام المحلية وامام الوالي كشاهد علي الاخفاق وسوء التخطيط . * ولكأني بوزارة التعليم العالي قد تفاجأت بأن الاستفتاء وحق تقرير المصير سيكون بعد ثلاثة أشهر، الامر الذي يتبعه انتقال المؤسسات والجامعات الجنوبية الي الجنوب في حال أن حدث انفصال وذلك يتم بالترتيب والتحضير والانتقال التدريجي لهذه الجامعات لا تتضرر هي ولا منسوبيها. الا أنني تفاجأت بقرار وزير التعليم العالي بترحيل كل كليات الجامعات الجنوبية الي الجنوب قبل نهاية العام الحالي «أي خلال شهرين فقط » واضعين في الاعتبار ان هذه الكليات تحتاج الي موارد مالية ترهق خزينة الدولة مالم يتم انتقالها تدريجياً كما تحتاج الي كوادر بشرية مدربة تدير هذه المؤسسات بالجنوب، ولا أحسب ان ذلك يتأتي خلال شهرين فقط. والذي يقرأ تصريحات الوزارة بالصحف يحسب أنها تفاجأت بقرار حق التقرير الأسبوع الماضي في حين أن الاتفاقية التي ضمنت حق تقرير المصير وتفاصيلها التي تعني انتقال الجامعات الجنوبية الي الجنوب قبل الاستفتاء تم توقيعها قبل خمس سنوات. * أما الطلاب «منسوبو تلك الجامعات» فمن الصعب توفيق اوضاعهم حال انتقال هذه الجامعات الي الجنوب خلال شهرين فقط. فكثير ممن التقيهم لا يريدون الذهاب الي الجنوب حال انتقال كلياتهم الي هناك فكما يقولون بأنه لا أحد يعلم ما ستؤول اليه الاوضاع هناك بعد الاستفتاء!! ولا أظن ان سياسة توزيعهم علي الجامعات والكليات الاخري بالخرطوم تجدي وذلك نظراً لاختلاف المناهج وطريقة التدريس، اذا قامت الوزارة بادماج منسوبي الكليات الجنوبية الذين لا يريدون الانتقال الي الجنوب لاكمال دراستهم. * جرس أخير: * إن سياسة «الترحيل غير العادي» التي يريد وزير التعليم العالي القيام بها هي قفزة في الظلام وغير محسوبة النتائج، وأخشي ان تأتي خصماً على هذه المؤسسات العلمية الرفيعة وعلي منسوبيها. فنحن نعلم ان الجنوب به عدد كبير من الكوادر البشرية المؤهلة التي تستطيع ادارة هذه الجامعات في أفضل ما يكون الا أن معظمهم يعمل بالخارج وعودتهم الي الوطن قطعاً تحتاج لأكثر من شهرين ، اذا وضعنا في الاعتبار انك تؤهل المباني والبني التحتية والاساتذة قبل أن تقوم بترحيل هذه الكليات بطلابها وليس العكس كما تريد ان تفعل الوزارة الان. * نقترح علي الوزارة ان تقوم باستقدام الخبرات الجنوبية بالخارج اولاً وتؤهل البني التحتية لهذه الجامعات وتوقف القبول بالشمال حتي لا يتضرر الطلاب المقبولون في كليات الشمال ليتم القبول عبر الجنوب ويتم الانتقال التدريجي فبهذه الطريقة لا تتضرر الكلية ولا يتضرر طلابها.