كثيراً ما نكتب بأمر القراء تفاعلاً مع ملاحظاتهم الذكية أو شكاواهم الموضوعية، بالأمس كنا رهن إشارة بعضهم، واليوم ننفعل مع قارئ ومستمع ومشاهد جيد وحصيف من كوستي كان يتابع مساء أمس حلقة من برنامج «شاهد على العصر» الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية وينتجه ويقدمه المذيع مصري الاصل أحمد منصور الذي ينتج ويقدم أيضاً برنامج «بلا حدود»، كانت حلقة الأمس مع جيهان السادات أرملة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، لا أدري ما إذا كانت هي حلقة معادة من اللقاء السابق الذي كان قد أجراه هذا المذيع مع جيهان السادات كشاهدة على عصر زوجها قبل بضعة أعوام، أم أنه لقاء جديد، حيث لم أكن في تلك اللحظة أتابع البرنامج كما لم يستطع المشاهد أن يقطع بافادة قاطعة حول ذلك، وهذا ليس هو المهم، فالمهم هو الذي أثار هذا المشاهد السوداني وجعله يشعر بأن إساءة بالغة وجهها هذا المذيع للشعب السوداني لا يمكن تمريرها أو السكوت عليها ولهذا بذل جهداً كبيراً في الحصول على رقم هاتفي وبادر بالاتصال بي محدثاً عن الطريقة المستفزة والضحكة المستهزئة والكلمات المهينة التي علّق بها هذا المذيع المدعي ولا نقول تأدباً «الدعي»، على حديث السيدة جيهان السادات حين أتت على ذكر السودانيين وبالأخص المرأة السودانية بالخير... ولكن قبل أن نعرف ما هرّف به هذا المذيع في هذه الحلقة دعوني أروي لكم موقف سابق منه تجاه السودانيين جعلني أوقن من لحظتها بأنه «مجرد مؤذن مغمور-مع كامل الاحترام للمؤذنيين- وإعلامي درجة عاشرة تحوّل بفضل قناة الجزيرة إلى رجل علاّمة يفهم في كل شيء» كما يقول عنه كثير من الصحافيين والاعلاميين الكبار نتيجة لعنجهيته الفارغة وعنطزته المصطنعة التي لا «تخيل» فيه، فقد كان هذا المذيع قبل عدة سنين في زيارة للسودان لغرض لا أذكره ولكن ما أذكره هو أننا في هذه الصحيفة «الصحافة» إستضفناه على منبرنا للتحاور معه حول الهموم الاعلامية والشؤون الصحفية المشتركة وفي ظننا وبعض الظن إثم أن «القبة تحتها فكي» فاذا بنا أمام «همبول» فارغ أو بالاحرى «برميل» فارغ لا يحسن سوى إثارة الضجيج الذي يبعث على الضجر، وفي تخريمة من تخريماته بعد كلام كثير «خارم بارم» حول المهنة، قال هذا المدعي وهو يحسب أنه يقول حسناً أنه لاحظ أن الشعب السوداني لا يعرف كيف يأكل، قيل له كيف يا أشعب الأكول، قال إنكم تزدردون الطعام إزدراداً وتبلعونه بلعاً ولا تستخدمون الشوكة والسكين وقال أنه ينصح السودانيين بضرورة تجويد الطريقة التي يتناولون بها الطعام، كدت أن أقول له وهل يجيد أهلك في منية سمنود مركز أجا مسقط رأسك وموطنك الصغير الاكل على الطريقة «المنصورية»، ولكني سكت إحتراماً للمنبر وتقديراً للضيافة، والمذيع ذاته الذي يبدو أن طبعه مجبول على القذف بالاساءات في كل إتجاه كان قد أساء قبل بضعة أشهر للشعب السوري قاطبة وفي ذات برنامج «شاهد على العصر» حين قال في حق الشعب السوري بالحرف «هو الشعب السوري دا إيه، يوم يطلع لعبد الناصر يبوس لا مؤاخذة حذاءه ويشيل عربيته من على الارض..الخ» فتحركت سوريا عبر وزير إعلامها لوضع حد لهذا العبث فماذا يا ترى تفعل حكومتنا ووزير إعلامنا... قال محدثي أن السيدة جيهان وفي معرض ردها على سؤال هذا المذيع لها حول دورها باعتبارها زوجة الرئيس في تحقيق مكاسب للمرأة المصرية وانتزاع بعض الحقوق لها، أنها جعلت من التقدم الذي أحرزته المرأة السودانية في هذا المجال مثالاً لم تبلغه نظيراتها الأخريات في الدول العربية فما كان من هذا المذيع إلا أن قاطعها بضحكة جوفاء صفراء حملت كل معاني الاستهزاء قائلاً بسخرية واستخفاف: «السودان، سودان دا إيه اللي بتقدميهو نموذج، أصلو هو أميركا عشان تستشهدي بيهو» أو كمال قال هذا المدعي الاجوف الذي ثبت أنه لا يعرف أن ما بلغته المرأة السودانية لم تبلغه غيرها في المحيطين العربي والافريقي وهذه معلومة بدهية تكشف جهله ولكن من يوقف عبثه، هل تبادر الجزيرة بالاعتذار ام يحتاج الامر لتدخلات رسمية من هنا وهناك، هذا أو ذاك إلا أنه لا ينبغي أن تمر هذه الاساءة مرور الكرام...