كان يوم الخميس 61/9/0102م يوماً مشهوداً حيث شهد أول مناظرة علنية بين دعاة الوحدة ودعاة الانفصال، جزى الله خيراً القائمين على أمر المنظمة الوطنية لدعم الوحدة الطوعية وعلى رأسهم استاذ الأجيال أ.د.الطيب زين العابدين العالم النشط، صاحب الفكر الثاقب الذي ابتعد مبكراً فاراً بتفكيره معتزا بتدبيره، ونحن حريصون على تتبع تنبؤاته وتوقعاته والتي غالبا ما تصح 001% ولو بعد حين، خاصة التقديرات السياسية، وعندما فكر في قيام هذه المناظرة من خلال منظمته سالفة الذكر كان يريد ان يبين أكثر كل ما قاله المخلصون سابقا في أمر الوحدة وهو كان أول المخلصين. أكثر ما أثارني حديث منبر السلام والذي مثله العميد سوركتي وكانت حيثيات دفاعه عن فصل الشمال عن الجنوب كالتالي كما جاء في مقال أ.د.الطيب زين العابدين في جريدة «الصحافة» في 91/9/0102م: 1 - رفض مبدأ فصل الدين عن الدولة والتفريط في إسلامية الدولة على مستوى الشعارات والسلوك والتشريع. 2 - العقلية الجنوبية المعادية للشمال وثقافته ولا ينبغي اكراههم على وحدة لا يريدونها. 3 - التمرد الذي بدأ في الجنوب قبل الاستقلال كان هدفه الانفصال وليس الوحدة وأي رجوع للوحدة يعني الرجوع للحرب مرة أخرى. 4 - ترتيبات الانفصال من جانب الحركة قد بدأت بالفعل على كل المستويات وصارت حقيقة واقعة يجب الاعتراف بها والتعامل معها. 5 - اتفاقية نيفاشا كانت ظالمة للشمال لأنها أعطت الحركة الشعبية حكم الجنوب كاملاً واشركتها في حكم الشمال وينبغي رفض استمراريتها التي اضعفت وضع القوات المسلحة وأجهزة الأمن من اداء دورها في حماية الوطن. 6 - أدت حرب الجنوب المتطاولة الى تخلف السودان وضعف تنميته. انتهت مرافعة ممثل منبر السلام العادل، ثم تأتي ملاحظاتنا على هذه البنود الستة التي أوردها. أولاً :رفض مبدأ فصل الدين عن الدولة، نقول للاخ سوركتي هل الجنوبيون وحدهم الذين يرفضون ادخال الدين في الدولة، اذا التفت لأقرب شمالي او اقرب ضابط متقاعد بجوارك وسألته لعرفت ان هناك آراء كثيرة حول هذا الموضوع من الشماليين أنفسهم، بل ان احزابا معروفة انشئت لهذا الغرض،والجدل بين الفرضية الدينية التي جاءت بها الانقاذ، امر فيه اختلاف كثير، ولمجرد ان الحركة الشعبية تعمل على مبدأ فصل الدين عن الدولة تستسلم لأفكار الحركة الشعبية، كما أن الاخ سوركتي يهمه مجرد الشعار الديني بدليل انه قال عدم التفريط في إسلامية الدولة على مستوى الشعارات والسلوك والتشريع. قل لي يا أخي العميد أين هي التطبيقات التشريعية عملياً في الدولة السودانية الآن، اللهم الا اذا كانت الشعارات، وهل هذه تؤهلنا لفصل ثلث البلاد ولكل اهلها وما لها. ثانياً هو يقول العقلية الجنوبية معادية للشمال.. قل لي بربك من أين أتيت بهذه الفرية والتحليل الخاطئ، أتظن ان الجنوب هو بعض أعضاء الحركة الشعبية الذين يجاهرون بالعداء للشمال.. طبعاً لا تثريب عليك لأن العقلية الانقاذية جيرت الشمال كله للانقاذ والمؤتمر الوطني وطبيعي أن ينداح هذا الفكر الى ملكية الجنوب للحركة الشعبية، يا اخي هناك ملايين الجنوبيين يعشقون الشمال والشماليين، بدليل هروبهم الى الشمال عندما تحل بهم الكوارث، وبدليل وقوفهم مع الشماليين مع استقلال السودان، وبدليل مؤتمر جوبا عام 7491م الذي أمن على وحدة السودان، يا اخي هم لم يفكروا في الانفصال الا بعد ان اعلنت الانقاذ إسلامية وعروبة السودان في اوائل التسعينات من القرن الماضي، ولكن طيلة الحروب السابقة لم يفكروا لحظة في الانفصال. اما ان التمرد في الجنوب كان هدفه الانفصال نرجو منك اعطاءنا الدليل الوثائقي والا يجب ألا تطلق الكلام على عواهنه، بل الآن انتم الذين سلمتم الآخرين وثائق مقروءة ومكتوبة ومسموعة على رؤوس الاشهاد ممهورة بعقلية الانفصال. اما قولك ان ترتيبات الانفصال بدأت بها الحركة في كافة المستويات، لا، بل يا اخي ترتيبات الانفصال قمتم بها أنتم، منبر ما يسمى بالسلام والصحيح يجب ان يكون منبر الاستسلام ورفع الراية البيضاء ومكتوب عليها وووب عليّ وليس وييي.. ترتيبات الانفصال قمتم بها انتم منذ بدء تنفيذ اتفاق نيفاشا وكبيركم الطيب مصطفى لم يخف ذلك، ولسانكم «الانتباهة» لم تستح ان تقول ذلك للملأ، لعلمكم انه حتى عتاة الانفصال لم يعلنوا صراحة الانفصال وانما كان كلامهم دبلوماسيا غير استفزازي على شاكلة ان الشماليين لم يعملوا للوحدة الجاذبة، وان الحق حق الجنوبيين حسب الاتفاق، وانهم لن يكونوا مواطنين درجة ثانية وثالثة، ولكنها لا تعتبر وثائق انفصالية كما بيدنا عنكم. اما فرية ان الحركة أعطيت حكم الجنوب وشاركت في حكم الشمال فهذه مصيبة أخرى يرتكبها منبر السلام، اما انه لا يثقف أعضاءه بالمعلومات واما انه يستعمل أسلوب اليهود في دس المعلومات التي تضر به.. يا اخي هناك نسبة في الجنوب في الحكم لصالح الشماليين حسب اتفاق نيفاشا، عندما اعطوا فرصة اختيار ممثليهم في حكم الجنوب، اختاروا كل الطاقم من غير المسلمين، راجع ثقافتك في هذا الخصوص. اما الحرب في الجنوب جعلت من السودان دولة متخلفة هو الأمر ليس حرب الجنوب وانما العقلية التي في المركز الظالمة منذ الحكم الذاتي 2591م قل لي ماذا تقول للحرب في الشرق سابقا وفي دارفور حاليا، هل هذه ليست لها تأثيرات تخلفية في البلاد؟ يا اخي ويا ابن وطني سوركتي يجب علينا جميعا العمل على التخلص من هذه العقلية المركزية، والا فاننا سوف نفقد دارفور وغيرها في اقل من السنوات العشر القادمة.. وحتى مثلثكم مثلث حمدي ان لم تبقوا عليه عشرة، فسوف تجدون فيه تخريمات في بعض مثلثاته التي داخل المثلث الكبير. ان عقلية منبر السلام تنطلق من اشياء غير النقاط الست التي اعلنها سوركتي، الجميع يعرفها، منها ان بعض الإسلاميين امثال الطيب مصطفى وأمينه العام نظرتهم الإسلامية ضيقة حرجة كأنما تصعد صدورهم الى السماء. يذهبون الى أقرب ظل يستظلون به، حتى ولو كان بينهم والظل الوارف مجرد بضعة كيلومترات، بل يعتقدون ان الظل الذي اتكأوا عليه لا تزيحه الشمس عنهم بعد قليل وهذا تخلف علمي كبير. وهم ينطلقون من نظرية محمد علي جناح الفاشلة التي فصلت باكستان عن الهند فتطورت الهند وتخلفت باكستان، حتى الآن يتقاتل المسلمون فيها بين الشيعة والسنة، والهند قاب قوسين من ان تكون الدولة الثالثة في العالم، وهم ينطلقون من نظرية خالد مشعل الذي تقوقع في قرية اسمها غزة، اذا سقت فيها سيارة فلن تستطيع ان تكمل كل «التعشيقات» حتى تجد نفسك انك كملت السير على غزة. عقلية النفس القصير هي عقلية الإسلاميين الحديثين في كل مكان.. وقلت سابقاً لو بقيت توتي فقط لحكموها باسم الإسلام، والا فكان يجب عليهم ان يصبروا على الجنوبيين الذين يزعمون انهم كفرة وملحدون، هذا هو سوقك الحقيقي اذا كنت داعية أصلا، كما جاء ذلك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم القائل «بلغوا عني ولو آية»، والا فانهم كاليهود يرون ان الديانة يجب ان تقف عند نوع معين للبشر. الجنس المحبوب عند الله، الجنس الآري، فمعنى ذلك ان الجنوبيين لا يستحقون الدعوة للإسلام، اذن ألم يقرأ دهاقنة منبر السلام الآية الأولى في سورة النساء.. «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا» صدق الله العظيم. يا سوركتي وقبلك الطيب مصطفى والبقية.. أنتم والجنوبيون نفس واحدة، وهم أرحامكم بنص الآية.. وإلا أرجو أن تفصحوا لنا عن هويتكم الجديدة.. وكفاية تقية.