حضر (غاضبون) وغاب (درع السودان) وآخرين    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة الأمريكية والأهداف الخفية الخاصة بانفصال جنوب السودان
نشر في الصحافة يوم 05 - 10 - 2010

أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الأربعاء 22 سبتمبر/ايلول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن التوجه الجديد في سياسة الولايات المتحدة الخاصة بالمساعدات الخارجية يتجاوز إطار تقديم المساعدة المالية إلى فتح طريق أمام الشعوب للخروج من الفقر. وقال أوباما في قمة الأهداف الإنمائية للألفية أن التركيز ينبغي أن ينصب على التنمية، وليس على التبعية. وأكد الرئيس الأمريكي أن من صالح الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى مساعدة البلدان الأكثر فقرا في العالم على الرغم من الانكماش الاقتصادي. وأوضح قائلا: «في اقتصادنا العالمي فإن التقدم الذي يمكن أن يتحقق في البلدان الأكثر فقرا يمكن أن يساهم في رخاء وأمن شعوب أخرى بما في ذلك الشعب الأمريكي». وقال: «عندما لا يستطيع الملايين من الآباء إعالة أسرهم فإن هذا يؤدي إلى اليأس الذي قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار والتطرف والعنف». وأضاف أن بلاده ستقوم من جانبها بانتشال الملايين من وهدة الفقر. وقال أيضا إنه سيتم تشجيع الديمقراطية والحكم الرشيد ومحاربة الفساد. وتعهد الرئيس الأمريكي بمساندة التحول السلمي إلى الديمقراطية في السودان وذلك قبل الاستفتاء الشعبي على انفصال جنوب السودان المقرر في يناير/كانون الثاني القادم. وقال اوباما «سنتواصل مع البلدان التي تشهد تحولا من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية ومن الحرب إلى السلام». وقال أوباما انه يجب على دول العالم خلال خمس سنوات فقط المتبقية على انتهاء الفترة المحددة للوصول إلى الأهداف الإنمائية للألفية أن توحد جهودها من أجل إجراء تغيرات تاريخية في التنمية العالمية. وتشمل أهداف الخطة الإنمائية للألفية رفع مستوى الرعاية الصحية وزيادة فرص التعليم وتشجيع حصول النساء على فرص متساوية لما يحصل عليه الرجال. هذا وأصدرت قمة الأهداف الإنمائية للألفية في اليوم الأخير من عملها بيانا أكد على تمسك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتحقيق الأهداف المحددة، إلا أنه أشار إلى أن التقدم الذي وقع في هذا المجال منذ عام 2000م عندما انعقدت القمة التي حددت تلك الأهداف مازال محدودا. وأشار البيان إلى أن ما يزيد عن مليار شخص مازالوا يعيشون في ظروف الفقر والجوع، كذلك قبل الخوض في قضية الوحدة وانفصال جنوب السودان التي تجد الاهتمام الكبير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، يجب علينا تتبع السياسة الخارجية الأمريكية قبل وبعد الحرب العالمية الثانية، حيث نجد أنها تقوم على مصالحها الاستراتيجية وإن الشعارات التي ترفعها ما هي إلا تغطية وخداع للرأي العام إن كان داخل أو خارج أمريكا. وفي بداية النصف الأول للقرن الماضي اشترت أمريكا دولة الفلبين من البرتغال ومكثت أمريكا خمسين عاما في الفلبين دون أن يكون للديمقراطية والحرية مكان في السياسة الأمريكية في الفلبين، ودون أن تؤسس بنايات أساسية لها. وبعد خروجها مباشرة منها حكمت الفلبين بنظام ديكتاتوري كان حليفا مع أمريكا في المنطقة. وبعد الحرب العالمية الثانية دخلت الولايات المتحدة في الصراع الكوري، الأمر الذي أدى الى شطرها قسمين مؤسسا دولتين كوريا الشمالية والجنوبية، وظلت الدولتان بعيدتين عن الديمقراطية رغم أن كوريا الجنوبية تعد حليفا لأمريكا ولم تبدأ مشوارها الديمقراطي ألا متأخرا جدا ومازال متعثرا، وفي ذات الوقت دخلت أمريكا في صراع السلطة في فيتنام الأمر الذي أدى شطرها قسمين أيضا أثناء حرب فيتنام، ولكن إصرار الثوار في فيتنام الشمالية والتفاف الجماهير حولهم وخوض حرب عصابات ضد الولايات المتحدة اجبروها على الانسحاب، ورجعت فيتنام دولة واحدة، وبعد اتفاقية التسوية السياسية وإعلان أمريكا خروجها من فيتنام عرض وزير الخارجية الأمريكي هنري كسنجر في ذلك الوقت على الرئيس الفيتنامي الجنوبي «بوب» وأعضاء حكومته اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، وقال بوب قولته المشهورة أفضل تماما مواجهة الموت في بلدي من الذهاب لاجئا لأمريكا، وأنني قد خنت نفسي وشعبي عندما صدقت أمريكا وحلمت بدولة ديمقراطية في فيتنام، حيث ليست لمصالح الشعوب مكانة في السياسة الأمريكية إنما المصالح الأمريكية فوق كل الاعتبارات، ودعوتها من اجل الحرية والديمقراطية ما هي إلا خداع للشعوب. ثم حاولت الولايات المتحدة أيضا الدخول في حرب كمبوديا، وأخيرا موقفها من قضية تايوان حيث رفضت الولايات المتحدة عودة تايوان إلى البلد الأم الصين وظلت تحتضن النظام التايواني وتمده بكل الأسلحة الاستراتيجية المختلفة في محاولة لخلق توازن للقوة مع الصين، ثم جعلت بحر الصين مقرا لحاملات طائراتها وغواصاتها النووية، وكل ذلك لعدم رجوع تايوان إلى الدولة الأم، أذن السياسة الخارجية الأمريكية هي تقسيم الدول وليس المحافظة على وحدتها، كما أن تجربة الحرية والديمقراطية هي شعارات فقط لعملية تمرير أهدافها ومصالحها الخاصة، وخير دليل مساندتها للأنظمة الديكتاتورية والتيلتورية «دول الموز» في أمريكا اللاتينية، حيث ما كانت تتحدث عن الديمقراطية والحرية، وظلت شركاتها العابرة للقارات تحكم تلك الدول من خلال أنظمة قمعية دموية. وأخيرا حديث الولايات المتحدة عن سياسة الشرق الأوسط الجديدة التي أعلنتها في تل أبيب غونزاليس رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في عهد الرئيس جورج بوش أثناء عدوان إسرائيل على لبنان وحربها مع حزب الله، ثم تخلت عنها وعن كل شعارات الحرية والديمقراطية عندما عرفت أن الديمقراطية إذا طبقت في دول الشرق الأوسط سوف تأتي بقوى سياسية تتعارض مع السياسات والمصالح الأمريكية المساندة لدولة إسرائيل، ففضلت الرجوع عن تلك السياسة والتعامل مع الأنظمة القائمة، ولكي لا ننسى هناك دليل آخر الأسباب الزائفة التي ساقتها لحرب العراق وأفغانستان وحالات التعذيب التي مارستها والاغتيالات التي قامت بها وسجونها الطائرة لعدد من دول أوروبا كلها تكشف زيف الشعارات. في ظل كل تلك التجارب جاءت قضية السودان تحمل في أحشائها دعوات الانفصال وتقرير المصير منذ استقلال السودان ولكن لم تكون هناك مغريات وكانت الولايات المتحدة مشغولة بقضية صراع الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق ولكن بعد اكتشافات البترول ودخول الصين في السودان بسبب الطاقة حزمت الولايات المتحدة الأمريكية أمرها للوقوف مع مبدأ الدولتين في توافق جواري مع بعضهما البعض رغم أن الولايات المتحدة لم تتحدث عن قضية الانفصال بشكل مباشر ولكن كل قرائن الأحوال وتصريحات بعض المسئولين ألأمريكيين تؤكد إنها تسير في الاتجاه الذي تسير عليه الحركة الشعبية خاصة عندما يؤكد المبعوث الأمريكي الخاص للسودان أسكوت غرا يشن إنهم سوف يقدموا حوافز ألي حكومة السودان إذا ساعدت لقيام الاستفتاء في موعده دون عوائق تعترض طريقه كما أن الولايات المتحدة سوف تستخدم العقوبات إذا حاولت حكومة السودان تعطيل أو تأجيل الاستفتاء رغم أن الرئيس البشير أكد أن الاستفتاء سوف يقوم في موعده ويجيء اهتمام الولايات المتحدة بقضية الاستفتاء و قيامه في الموعد المنصوص عليه في الاتفاقية لأنها تعلم أن شعب الجنوب سوف يختار ألانفصال بعد ما أكدت اختبارات الرأي أن أغلبية الجنوبيين سوف يصوتون للانفصال. ولم تبق القضية محصورة في وزارة الخارجية الأمريكية المعروف أنها أكثر تشددا من الإدارات الأخرى ولكن جاء حديث الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع إذاعة «اكس أم» الأمريكية يؤكد أن قضية الانفصال تهتم بها أعلى قمة في هرم السلطة الأمريكية، حيث قال الرئيس أوباما «إن واشنطن سوف تفعل كل ما تستطيع من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير في جنوب السودان المقرر في التاسع من يناير المقبل، وأضاف اوباما قائلا «نحن نرسل رسالة واضحة إلى الخرطوم إلي حكومة السودان والمجتمع الدولي بأننا نهتم اهتماما كبيرا بالموضوع وبأننا سنشمر عن سواعدنا وبأننا سنفعل كل شيء نقدر عليه لنتأكد بأن الاستفتاء سيتم دون أي معوقات» وحديث الرئيس أوباما يمكن فهمه على صورتين أم انه حديث يحاول كسب الرأي العام الأمريكي و هذا يعنى أن الحركة قد كسبت التعاطف العام الأمريكي أم أن الولايات المتحدة قد حزمت أمرها تماما من اجل قيام الاستفتاء للتعجيل بإنشاء الدولة الجديدة و لكن كلا الطريقين ليس في مصلحة الوحدة والحكومة السودانية.رغم أن قضية الانفصال ليس في مصلحة الإستراتيجية الأمريكية في إفريقيا بعد الاكتشافات البترولية الجديدة في عدد من الدول الإفريقية أن كان في غرب أو وسط وشرق إفريقيا حيث إن انفصال الجنوب سوف يعقد القضية الأمنية خاصة إنه سوف يزيد من الصراعات العرقية والإثنية ومطالبتها بالانفصال عن دولها الأم الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التوتر في القرن الإفريقي ولكن الإدارة الأمريكية التي تواجه أزمة اقتصادية إضافة إلى المنصرفات الباهظة على العمليات العسكرية في كل من العراق وأفغانستان وزيادة نسبة العطالة ونقص في الإيرادات تتطلب البحث عن مصادر جديدة للإيرادات المالية إلى جانب الضغط الذي تواجهه الإدارة الأمريكية من الشركات العاملة في مجال البترول من جراء التنافس الذي تواجهه من قبل الدول الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل كل تلك لم تجعل هناك خيارا أمام الإدارة الأمريكية سوى مساعدة الحركة الشعبية في إتمام عملية الاستفتاء وقيام الدولة الجديدة التي سوف تكون تحت الرعاية الأمريكية الكاملة. كانت قضية الانفصال جزءا من برنامج الحركة الشعبية منذ مؤتمر واشنطن الذي تبنت فيه الحركة الشعبية مبدأ تقرير المصير شعب جنوب السودان وأكد على ذلك الدكتور جون قرنق في مؤتمر كمبالا عام 1993 ثم في مؤتمر نيروبي عام 1994ثم مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية رغم أن الدكتور قرنق كان يؤكد أن هذا الخيار مرهون بعملية التغيير السياسي وتأسيس دولة السودان الجديد فالدعوة لتأسيس دولة الجنوب لم تجيء بين ليلة وضحاها أو بعد اتفاقية السلام الشامل إنما كانت ثقافتها قد تعمقت داخل الحركة الشعبية وخاصة بين مقاتلين الجيش الشعبي لأنها كانت واحدة من أعمدة التوجيه المعنوي و يقوم عليها التجنيد للجيش الشعبي وقيادات الحركة الراهنة لا تخف ذلك ولديها خطابان الأول موجه ألي أبناء الجنوب إن كانوا في داخل السودان أو خارجه و هو خطاب يهدف إلى تعبئة وتهيئة أبناء الجنوب من اجل التصويت للانفصال في الاستفتاء وهذا ما أكده السيد رئيس الحركة الشعبية السيد سلفا كير ميارديت أخيرا لوكالة «رويترز» حيث قال إن الوحدة ليست خيارنا وقال أيضا في واشنطون أمام جمع من السودانيين «أن شعب الجنوب سوف يصوت بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال وأكد ذات الاتجاه الأمين العام للحركة الشعبية ووزير السلام بحكومة الجنوب السيد باقان اموم، حيث قال في واشنطن أن خيار الوحدة قد فات أوانه ولم يبق ألا أن يقول شعب الجنوب كلمة الفصل في 11 يناير القادم وفي الخرطوم قال أمكواج تينق وزير الشباب في حكومة الجنوب أمام جمع من أبناء الجنوب أن التصويت في الاستفتاء سوف يكون لصالح الانفصال وبداية العام القادم ليس هناك نائب أول لرئيس لجمهورية إنما هناك رئيس لجمهورية الجنوب إذن الحركة قد حسمت أمرها وذهبت في اتجاه الانفصال منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005م وكانت تبحث لها على تبريرات لتكون مسوغات لدعوات الانفصال لذلك ركزت على الخلافات مع الشريك رغم إنها حاربته سنين عددا وتعرف سياسته وهي ذات الأشياء التي تشتكى منها الآن وتجعلها مسببات للانفصال. واستطاعت الحركة الشعبية أن تقنع الإدارة الأمريكية الحالية بضرورة مبدأ الانفصال كما أنها استطاعت أن تكسب لصفها العديد من منظمات المجتمع المدني الأمريكية و الغربية لكي تقف معها ورغم أن الحركة الشعبية بدأت تاريخها السياسي ماركسية الهوى ولكن بعد انهيار نظام منقستو هيلا مريام والتحولات التي حدثت في الخارطة السياسية العالمية اتجهت غربا واستطاعت أن تضع كل ملفاتها وأجندتها في مناضد الدول الغربية في غياب كامل ليس للمؤتمر الوطني ولكن لحلفائها في التجمع الوطني الديمقراطي حيث استغلت الحركة التجمع الوطني الديمقراطي في الترويج عن تجارتها وأهدافها في الغرب عندما كان دكتور جون قرنق يطوف عواصم الدول الغربية ويلتقي بمفرده مع صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ويكثر من الحوار مع الكتاب والصحافيين المؤثرين في الرأي العام في الغرب
وفتح العديد من المكاتب في تلك الدول كان أبرزهم إستيف وندو في واشنطن وادورد لينو في ألمانيا ووليم نون في بريطانيا كان التجمع الوطني غائبا عن كل ذلك وكانت حكومة الإنقاذ غائبة أيضا. كان السيد رئيس التجمع يتجول علي أماكن أقامته الأربع في كل من القاهرة واسمرا ولندن وجدة دون الالتقاء بصناع القرار في تلك الدول أنما كانت كل لقاءاته مع عدد من التوكنقراط في تلك الدول الذين ليس لهم إلا كلمات المجاملة والطمأنة البروتوكولية وكانت لقاءات المسؤولين الغربيين مع بعض قيادات التجمع تأتي بطلب منهم وليست بمبادرة من قيادات التجمع خاصة إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة عندما تريد أن تستفسر عن أشياء ترسل عناصر مخابراتها في السفارة الأمريكية في كل من القاهرة واسمرا لذلك شكل التجمع الوطني الديمقراطي غيابا كاملا عن حوارات قضية السودان مع أمريكا والغرب وخير دليل على ذلك اللقاء الذي عقدته وزيرة الخارجية الأسبق مادلين أولبرايت في كمبالا في النصف الثاني من عقد التسعينات في القرن السابق مع زعماء المعارضة حيث كان لقائها مع الدكتور جون قرنق دون قيادات التجمع الوطني فغياب التجمع الوطني كان غياب للحديث عن الوحدة حيث استطاعت الحركة توصيل أهدافها الرامية لتأكيد مبدأ تقرير المصير وترسيخه كثقافة في الأدب السياسي والتهيئة للانفصال والغريب إن الحركة كانت تتحدث بلسان جميع أعضاء التجمع مع موافقة سكوتية من قبل قيادات تلك الأحزاب.إحجام القوى السياسية المعارضة «تحالف جوبا و عدم نقدها لسياسة الحركة الشعبية وتبنيها لخيار الانفصال كحل لمشكلة السودان منذ أن بدأت تظهر تصريحات الانفصال علي خطاب بعض قيادات الحركة أدي لتعزيز الخطاب الانفصالي ثم سماح المؤتمر الوطني لبعض قياداته أو المحسوبين عليه في تأسيس جريدة تعمق موضوع الانفصال كان أيضا سببا في نشر دعوات الانفصال و الحديث عنها بصوت عالي ساعد في زيادة عملية الاستقطاب في المجتمع و خلق مبررات للحركة الشعبية ، فتأسيس ثقافة الانفصال قد شاركت فيها كل القوى السياسية بدرجات مختلفة إن كان يتحمل الوزر الأكبر المؤتمر الوطني الحزب الحاكم ثم الالتفات لقضية الوحدة مؤخرا كتبرير فقط للمحاولة.إذا كانت ألولايات المتحدة الأمريكية تبنت أطروحات الحركة الشعبية و بدأت بطريق غير مباشر مساندة عملية الانفصال نكاية في المؤتمر الوطني ورفض لكل سياساته إذن أين دور القوي السياسية الأخرى حليفة الحركة الشعبية وتقديم وجهة نظرها للإدارة الأمريكية والتي كان من المفترض أن تكون طريقا ثالثا لحل المشكلة السودانية ولكن حالة الضعف والإعياء الشديد الذي تعيش فيه المعارضة جعل هناك صراعا بين رؤيتين واحدة مهملة وواحدة تجد المساندة لدعوتها للانفصال التي تتوافق مع تاريخ تجارب السياسة الخارجية الأمريكية مع انتظار للمعارضة خارج أسوار حلبة اللعب والصراع.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.