لولايات المتحدة تبيع الترماج للإنقاذ زين العابدين صالح عبد الرحمن من الفكاهات المصرية حول قضايا النصب و الاحتيال في مصر يقال أن مصريا حاول أن ينصب علي أحد الأشخاص فذهب معه إلي حيث الترماج و هو يتبع لوزارة المواصلات المصرية و قال له هذا الترماج للبيع و لم يصدق الشخص أن هذا الترماج المزدحم ذهابا و أيابا سوف يكون من صيبه و دفع الفلوس و في النهاية اكتشف أن هذا الترماج تابع للحكومة و أن الشخص قد نصب عليه هذه الخدعة و عملية النصب تعرضت لها الإنقاذ من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية عدة مرات و أعوذ بالله لا أريد أن أقول سذاجة سياسية و لكن عمي السلطة و القتال من أجل الاحتفاظ بها هو المشكلة. في المرة الأولي عندما عين الرئيس الأمريكي جورج بوش دانفوث مبعوثا أمريكيا خاصا للسودان من أجل العمل علي وقف الحرب الدائرة في جنوب السودان قرابة العقدين و جاء دانفوث و التقي بقيادات الإنقاذ ووعدهم إذا استطاعوا وقف الحرب و توقيع اتفاقية مع الحركة الشعبية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية سوف ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و رفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولاياتالمتحدة و أيضا المساهمة في تنمية السودان و بعد توقيع الاتفاقية لم تف الولاياتالمتحدة بما وعدت به بل جاءت بشرط أخر فقالت إذا وقعت الحكومة اتفاقية مع حركات دارفور عندما كانت المحادثات دائرة في أبوجا أن الحكومة الأمريكية سوف تنفذ كل وعودها ووقعت الحكومة مع حركة تحرير السودان و لم تف أمريكا بالوعود التي قطعتها بل تصاعد الضغط علي السودان من خلال اتهام عددا من قيادات الإنقاذ بالإضافة للرئيس عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية و أصبحت الإنقاذ بين فكين فك عقوبات الولاياتالمتحدة المفروضة عليها و فك الاتحاد الأوروبي المؤيد للمحكمة الجنائية الدولية و أصبحت حكومة الإنقاذ معلقة بين الفكين ألأمر الذي أضعفها أكثر مما هي عليه من ضعف لكي يمرروا كل أجندتهم و لم تجد الإنقاذ غير طأطأة الرأس حتى تمت كل الإجراءات التي تؤدي للانفصال. بعد موت الدكتور جون قرنق تصاعدت حدة الخلافات بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني و اتهمت الحركة شريكها بأنه يماطل في تنفيذ الاتفاقية ثم بدأت لغة الانفصال تتصاعد من قبل عددا من قيادات الحركة و أقنعت الحركة الشعبية الإدارة الأمريكية بمقصدها في قيام دولة جنوب السودان و أن أغلبية الجنوبيين يتطلعون للانفصال عن الشمال و فتحت كل الأبواب لقيادات الحركة للالتقاء بأهل القرار في الولاياتالمتحدة و أعضاء الكونجرس ثم تغيرت الإدارة الأمريكية بعد فوز الرئيس باراك أوباما و جاء الرئيس أوباما و سارت إدارته في ذات الاتجاه و عين الجنرال أسكوت غرايشن مبعوثا له خاصا للسودان ووعد إذا سارت قضية الاستفتاء بسلاسة و اعترفت الحكومة السودانية بنتيجتها و لم تضع العراقيل و تعاونت في إيجاد حلول في القضايا المعلقة بين الحكومة و الحركة فأن الولاياتالمتحدةالأمريكية سوف ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و رفع العقوبات الاقتصادية ووافقت الحكومة ووعدت إنها سوف تتعاون في ذلك بل قدمت خطابا مهورا بالتوقيع من رئيس الجمهورية حمله جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس حتى لا تتراجع الإنقاذ بما وعدت ووقعت عليه. عندما حان موعد الانتخابات العامة في السودان اتهمت قوي المعارضة المؤتمر الوطني إنه يستخدم كل مؤسسات الدولة و إمكانياتها و يسخرها لدعم مرشحيه في الانتخابات و غضت الولاياتالمتحدة الطرف عن ذلك الاتهام و رغم أن الانتخابات كانت فيها تجاوزات كثيرة جدا تجاهلتها الولاياتالمتحدة و الدول الغربية و تجاهلت اتهامات المعارضة و اعترفت بنتيجة الانتخابات باعتبار أنها تمهد لقيام استفتاء جنوب السودان اعتقدت الإنقاذ أن غض طرف الولاياتالمتحدة و الدول الأوروبية عن تجاوزات الانتخابات تؤكد أن هذه الدول صادقة في قولها و أنها سوف ترفع العقوبات عن السودان و ساقها الاعتقاد أن غض الطرف يعني أيضا تأييدا صريحا لحكومة الإنقاذ و بدأت تمارس سياساتها وفقا لهذا الاعتقاد ثم تساهلت في كل الأشياء و تمنت أن يجري الاستفتاء قبل موعده لكي تحصل علي الجائزة التي وعدت بها ثم جاء رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي جون كيري ووعد الحكومة أنها إذا أوفت بالالتزامات التي قطعتها في إجراء الاستفتاء في موعده دون تأجيل و الاعتراف بنتيجة الاستفتاء أن الولاياتالمتحدة سوف تكون صادقة في وعدها و تشرع مباشرة برفع العقوبات عن السودان. تم إجراء الاستفتاء كما أرادت الولاياتالمتحدة و الحركة الشعبية و تم اعتراف الحكومة بنتيجة الاستفتاء من أعلي قمة الهرم و أصبحت قضية الانفصال و تكوين الدولة الجديدة مسألة إجراءات لا تستطيع الإنقاذ أن توقفها فذهب أسكوت غرايشن و عين برستون ليمان مبعوثا خاصا و في أول لقاء له مع الصحفيين في أديس أبابا قال أن الإدارة الأمريكية شرعت في رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب و لكن هناك مشكلة بالنسبة لرفع العقوبات لأنها مرتبطة بحدوث تقدم في قضية دارفور ثم جاءت انتقادات وزيرة الخارجية الأمريكية لحكومة المؤتمر الوطني ألتي تعرقل قضية التواصل في " الفيس بوك" و قبل ما يفيق المؤتمر الوطني من هذه الانتقادات جاء تقرير وزارة الخارجية الأمريكي الذي يتهم الإنقاذ بممارسات انتهاكات لحقوق الإنسان و تمارس القتل خارج دائرة القضاء و تقوم باعتقالات تحفظية مخالفا لقواعد القانون و الدستور و تمنع التظاهرات السلمية كل هذه الاتهامات قالت الحكومة علي لسان دبلوماسيتها لا تعنيها في شيء رغم أنها تعنيها و تعطل أحلامها في رفع العقوبات عنها. كل هذه الخبطات التي تلقاها المؤتمر الوطني و التي تؤكد أن الإدارة الأمريكية قد باعت الترماج للمؤتمر الوطني و قد نفذت سياسة الجزرة بقدر عالي من الذكاء حيث عرفت الإدارة الأمريكية أن حزب المؤتمر الوطني لا يهمه قضية ديمقراطية أو حرية و تنمية و تحسين معيشة المواطنين هم قيادات المؤتمر الوطني فقط من قمة الهرم حتى أدناه لا يهمهم تنمية أو ديمقراطية أو حرية أنما البقاء و الاستمرارية في السلطة حتى و لو ضاع ثلاثة أرباع الوطن لذلك تعاملوا معهم بتقديم الحوافز التي يسيل لها لعابهم أن يبقوا في السلطة خالدين فيها أبدا دون منازع برضي من قبل الولاياتالمتحدة لذلك سعت قيادات الإنقاذ في تقديم الجنوب مهرا لكي يظلوا في السلطة لذلك ليس غريبا استخدام سياسة السيد الوزير و قوله "كان رجال يطلعوا بره" اعتماد علي القوة و استخدام المؤسسات القمعية و لكنهم فعلا فشلوا في تحقيق مقاصدهم و جاء أخيرا خطاب من عدد من نواب الكونجرس إلي الرئيس الأمريكي بعدم رفع العقوبات عن السودان إلا إذا استوفي سبعة شروط إنهاء أزمة دارفور و حل مشكلة أبيي و وقف الدعم عن المتمردين الجنوبيين و جيش الرب و التعاون مع المحكمة الدولية و معالجة قضايا ما بعد الاستفتاء و أخيرا العمل من أجل التحول الديمقراطي هي شروط تعجيزية الهدف منها عدم رفع العقوبات. رفض الإنقاذ في التفاهم مع القوي السياسية السودانية و العمل من أجل التحول الديمقراطي الحقيقي الذي يسهم في مشاركة أكبر قطاع من الجماهير في القرارات السياسية هو الذي جعل حكومة الإنقاذ تقع بسهولة في مصيدة الولاياتالمتحدة التي بدأت ليس فقط في الضغط علي حكومة السودان التي تجد معارضة كبيرة و لكن تمارس شيء من الابتزاز المستمر و استطاعت النخبة الجنوبية من خلال علاقاتها مع الولاياتالمتحدة أن تمارس هذا الابتزاز باعتبار أن كل القوي السياسية السودانية معارضة لحكومة الإنقاذ و لكن لا اعتقد مهما كانت العلاقة مع الأخوة الذين كانوا في الماضي يقاسموننا الوطن و أصبح الآن لهم وطن أخر يحاولون الدفاع عنه و أيضا نحن مطالبين بالدفاع عن وطننا الباقي و لن نفرط فيه فقط من أجل ترضيات لعلاقات كانت سابقة و الله الموفق.