البحث عن المواقع والرموز الوطنية والتاريخية كان حاضراً في كل الحملات الانتخابية وكل حزب يبحث عن سند تاريخي أو وطني أو قومي يتكئ عليه في حملته الانتخابية. وكان ياسر عرمان الشمالي القيادي بالحركة الشعبية ومرشحها لرئاسة الجمهورية قد اختار منزل قائد ثورة 1924 اللواء الابيض المناضل علي عبد اللطيف وبصورة زينته مكان الاحتفال بمنزل علي عبد اللطيف بحي الموردة جمعت بين قرنق مؤسس الحركة وعبد اللطيف لتقول الصورة أو هكذا أراد مصمموها ان الجنوب حاضر في تاريخ السودان بقوة، ولم ينسَ المرشح ياسر عرمان البطل الجنوبي الآخر عبد الفضيل الماظ ولكن لم يشر ياسر عرمان إلى دلالة الاسماء لدى البطلين (عبد اللطيف) و(عبد الفضيل) وهي أسماء جنوبية مسلمة قاتلت من أجل تحرير السودان بكامله من المستعمر وقدمت أنموذجاً للوحدة في الدفاع ، ولكن يبقى الهدف ان مرشحي الرئاسة يبحثون عن تلك الرموز الوطنية اذا كانت أماكن أو شخصيات. أما المرشحة فاطمة عبد المحمود فقد اختارت مكاناً غير أم درمان التي اختارها البشير وعرمان والمهدي فقد ذهبت الدكتورة فاطمة عبدالمحمود إلى شمال بحري واختارت منطقة الدروشاب ،ولم يخلُ اختيارها أيضاً من رمزية تاريخية فقد دشنت حملتها من سراي الزبير باشا، والرمزية أن الزبير باشا ايضاً له دور وطني في مناهضة الاستعمار وهو من التجار المشهورين الذين ارتبط عمله بالشمال والجنوب في تجارة سن الفيل والأبنوس وغيرها من المنتجات التي يزخر بها الجنوب. فإذا كان العامل المشترك في البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة هو العمل من أجل الوحدة فان هذه الرموز التاريخية التي يتكئ عليها مرشحو الرئاسة في اشارات للوحدة. أما السيد الصادق المهدي فقد اختار دار حزبه القريبة جداً أو بالأحرى جزء من تلك المنظومة التي تقع في مكان واحد مثل (بيت الخليفة) و(فيه المهدي) وحوش الخليفة، ويبدو ان الصادق المهدي لا يحتاج أن يتكئ مثل عرمان وعبد المحمود فعلاقته مباشرة بالسيد محمد أحمد المهدي ودولته الممتدة من (1881م إلى 1898م) ولكن محتاج إلى تجديد تلك المعاني لاستنهاض جموع الانصار في كل السودان وقواعد حزب الأمة في كل الولايات. أما المرشح منير شيخ الدين فانطلقت حملته من الحاج يوسف، وهي من الأحياء العريقة في شرق النيل وهذه المنطقة أسسها الشيخ الحاج يوسف وكانت محل خلاوى لتحفيظ القرآن وهي امتداد لمناطق تحفيظ القرآن في شرق النيل مثل أم ضواًبان والعيلفون وود أبو صالح وود الفادني وود حسونة وبها شيوخ عرفوا بكراماتهم. ويبدو ان المرشح منير شيخ الدين اتكأ على هذا الارث التاريخي للمنطقة بالاضافة إلى التطور الذي صاحب المنطقة وأصبحت تضم جماعات مختلفة من أهل السودان من الجنوب والغرب والشمال بالاضافة إلى سكان المنطقة الأصليين. وقد يختلف المرشح عمر البشير الذي اختار استاد الهلال في (العرضة) ليستعرض قواعده وليخيف منافسيه مثلما كان المهدي يستعرض جنوده في هذه المنطقة ولذلك سميت بالعرضة.