استبق عدد من المشاركين في الندوة التي عقدها مركز لينا للسلام وفض النزاعات بمركز الشهيد الزبير محمد صالح امس استبقوا الجدول الزمني للمفوضية و المتعلق ببدء حملات التبشير قبل الوصول للصناديق وحمل الناخبين الي اختيار احد الخيارين استبقوا كل ذلك بالدعوة لخياراتهم وسط حالة من الانقسام مابين المعسكرين الوحدوي الذي كان يقوده المؤتمر الوطني ومعظم الشماليين المشاركين ومعسكر اخر وقفت فيه الحركة الشعبية والتي دعت للانفصال الصريح عبر اتيم قرنق القيادي البارز بالحركة الشعبية وسط حالة من الهرج والمرج السياسي بالرغم من الدعوات المتكررة من مدير المنصة بالالتزام بالمبادئ العلمية في الطرح الموضوعي والالتزام بعنوان الندوة «تبعات خياري الوحدة والانفصال بجنوب السودان » وتجاوز الجميع الحديث عن المستقبل متناولين الجوانب المتعلقة بالارث التاريخي فيما يتعلق بقضية الجنوب واندلاع التمرد في الفترات الاولي او حتي تلك التي تعلقت بالنزاع في فترة الانقاذ وتوقيع الاتفاقية، في نقاش لم يخرج من اطار الاتهامات المتبادلة ما بين الشريكين وتنفيذهم لها امر لايجعلهم يخرجون من الالتزام الاساسي في ضرورة قيام الاستفتاء في مواعيده ومهما كلف الامر من جهد وهو امر اشترط فيه ممثل المؤتمر الوطني ماجد حاج سوار توافر ما اسماه بالشروط الموضوعية لقيامه ولم تغب الرؤية الثالثة خارج اطار كل معسكرات الساسة قدمها رجل عرف نفسه بمحمد الفاتح وصفته بمواطن اكتفي من عبث الساسة مختصرا كل المشكلة ما بين الشمال والجنوب قائلا « ان المشكلة في النفوس ولن تعالجها النصوص » في اشارة منه لنيفاشا وواصل متحدثا عن الاستفتاء قائلا « كل الجنوبيين يريدون الانفصال ولكنهم يخافون من تبعاته بينما يرفض الشماليون الانفصال ويخافون في الوقت نفسه من الوحدة » اول المتحدثين كان وزير الشباب والرياضة حاج ماجد سوار ممثلا للمؤتمر الوطني الذي قال انهم يرفضون ان يحملوا وحدهم وزر الانفصال لو حدث باعتبارهم لم يأتوا بهذا الخيار وانما جاءت به القوي السياسية الاخري التي تحاول التنصل الان من تبعاته وتحميله لجهة واحدة ، وقال ان اتجاه الحركة الشعبية لتبني خيار الانفصال الان هو تنصل من التزاماتها واعتراف بان نموذجها احادي الجانب الذي تحاول فرضه وطمس الهوية السودانية قد فشل ، وقال ان توقيعهم للاتفاقية كان بغرض قطع الطريق امام التدخل الاجنبي في الشؤون السودانية ولكن التدخل عاد الان من خلال التواجد الكثيف ليوغندا في الجنوب الذي تستفيد منه من نواحي اقتصادية وتجارية وربما ديموغرافية والتي قال انها ستزيد في حال اختار الجنوبيون الانفصال والذي وصفه بانه سيكون ذا اثر سالب في مسيرة الامة السودانية في زمن يتجه فيه الجميع نحو الاتحاد، وقال ان واحدة من اهم الاثار السالبة تكمن في عدم التزام الطرفين او اي منهما بما جاء في الاتفاقية وتنفيذها علي ارض الواقع، واكد سوار الذي قال ان رؤيته الشخصية التي ينطلق منها تتطابق تماما ورؤية المؤتمر الوطني مؤكدا التزامهم التام بقيام الاستفتاء في مواعيده والقبول بخيار الاخوة الجنوبيين مهما كانت نتائجه ولكن بشروط منها الالتزام بترسيم الحدود والتزام الجيش الشعبي باتفاقية الترتيبات الامنية ورفعه يده عن الاستفتاء تماما وفتح المجال امام الجميع للتعبير عن ارائهم، وقال ان الفرصة ما زالت مواتية للقيام بذلك، واكد علي رفضه استخدام الاستفتاء كاداة يتم من خلالها ابتزاز المؤتمر الوطني. وفي رد علي التصريحات التي انطلقت مؤخرا من قادة المؤتمر الوطني ودورها في زيادة التوتر، قال ان الحركة الشعبية هي التي تقوم بهذا الفعل، مشيرا لحديث سلفاكير عن قضية ابيي وتصويت المسيرية في استفتاء المنطقة، وقال انها تصريحات غير مسؤولة، وابان ان انفصالا تتبعه حرب هو اسوأ السيناريوهات والتي لا يتمنون حدوثها وقال ان حل القضايا العالقة يجب ان يتم قبل الاستفتاء للحفاظ علي خيار السلام ، وقال انه في حدوث الانفصال فان جنوبيي الشمال سيبقون ولكن كاجانب وليس كمواطنين. من جانبه قال المهندس فاروق جاتكوث في مداخلته ان زمن الوحدة قد ولي وعلي الجميع القبول بمبدأ استقلال الجنوب الان والاعتراف بفشل النخب السياسية المتعاقبة علي ادارة التعدد في البلاد وخصوصا النخبة الشمالية ووصف الساسة الجنوبيين الاوائل بانهم كانوا اكثر وطنية عندما طالبوا بخيار الفيدرالية التي رفضت ، وقال انهم ضاقوا ذرعا بهذه الوحدة وسئموا من لعب دور الحصان الذي يركبه الاخرون لتحقيق امالهم وطموحاتهم ، واضاف ان الانفصال صارالخيار الاخير وهو شر لابد منه لاعادة بناء الدولة السودانية واللحاق بركب الامم ، وقال متهكما عن اي وحدة تتحدثون في ظل هذه الفوارق الكبيرة ما بين الجانبين، وقدم شكره للشعب الشمالي الذي استضافهم في فترة الحروب التي اشعلتها النخبة من اجل سيادة ثقافة العروبة والاسلام وفرضها علي الاخرين، والانفصال يمثل اخر الخيارات لضمان عدم تجدد الحرب ما بين الطرفين وموت مزيد من الشباب وقطع الطريق امام الساسة لاشعال فتيل جديد للحرب وقال ان الذين يطالبوننا بالوحدة اليوم هم انفسهم من قاتلونا بالامس تحت راية الدين والجهاد. القيادي بالحركة الشعبية ونائب رئيس البرلمان اتيم قرنق شن هجوما عنيفا علي المؤتمر الوطني وحمله مسؤولية الوصول لهذا المنعرج الخطير وبدأ حديثه محييا حاج ماجد بلقب المجاهد السابق والذي عندما انتكس في مرحلة لجأ لخيار السلام ويبدو ان انتكاسة «الجماعة» في عملية تطبيق الاتفاقية جعلتهم يحنون مرة اخري للعودة لمربع الحرب ، وقال قرنق ان خيار الوحدة الان بات غير مجد في ظل التناقض مابين الاطروحات فهنالك الان وحدتان علي السطح هي وحدة قرنق التي رفضها نافع ووحدة نافع التي ليس لدينا استعداد للاستمرار فيها، وفي ظل استمرار سياسات المغالطة بين الجانبين فاننا سنختار الانفصال،وقال اتيم قرنق انهم حاربوا المركز ولم يحاربوا الشمال ولا يحملون اي مشاعر للكراهية تجاهه، وقال ان الجهاد لم يكن باسم الشماليين وانما كان باسم الجبهة الاسلامية القومية، وقال قرنق انه بعد الانفصال لن يغادر الشمال وسيبقي فيه غصبا عن كمال عبيد وعن حاج ماجد سوار، ورفض ما اسماه بعملية الابتزاز التي يمارسها المؤتمر الوطني علي جنوبيي الشمال والتهديد بالطرد والابعاد، قائلا ان مثل هذه الامور تخضع الان لنقاش مابين الشريكين ويحكمها القانون الدولي ورفض الاتهامات التي يوجهها المؤتمر الوطني للجيش الشعبي واتهامه مسبقا بتزوير عملية الاستفتاء قائلا ان الجيش الشعبي واستخباراته مؤسسة نظامية تحكمها قوانين واجراءات يلتزم بها الجميع معلنا عن فتح ابواب الجنوب امام المبشرين بخيار الوحدة والتزام الحكومة هناك بتوفير الحماية والرعاية لهم من اجل ضمان استفتاء امن وسلس، وقال ان الذين يقولون بفشل حكومة الجنوب واهمون وحتي ان فشلت فان الامر يعود لانها خرجت من دولة فاشلة هي دولة الشمال، ورفض اتيم التزامهم بشروط المؤتمر الوطني لاجراء الاستفتاء ، ناعتا هذه الشروط بشروط «حاج ماجد » وقال انه حتي في حال الانفصال فان العلاقات مابين الشمال والجنوب ستستمر ولن يستطيع احد سوى الله قطعها، مشيرا لان اكثر من ثمانية ملايين من مواطني الشمال يقضون ستة اشهر مع ابقارهم داخل الاراضي الجنوبية ويمكن لحكومة الجنوب ان تتعامل معهم بمثل التعامل الذي ينتهجه المؤتمر الوطني، وقال نحن في الجنوب نحتاج لشمال قوي ولكن الاخوة في الشمال يسعون لاضعاف الجنوب وهذا الامر ليس من مصلحة البلدين ولا يصب في اطار الجوار الامن والسلام المستديم، وقال ان تصوير الجنوبيين بانهم يتحركون وفقا لمطالب الاخرين في الغرب ويوغندا هو امر يقلل من مقدراتهم وهو مرفوض تماما من قبلنا ،فالجنوبيون هم من يحدد مصيرهم ويمتلكون المقدرات لتحقيق ذلك . انفضت الندوة علي ارتفاع صدي اصوات الشريكين دون الوصول لتحديد تبعات ما بعد الخيار الذي يبدو انه يتجه وبخطي متسارعة نحو انفصال قد يكون سلسا وقد يكون غير ذلك فاتحا الابواب امام مجموعة من الاحتمالات في قادم المواعيد.