نظم نادي الشعر السوداني بحدائق اليونسكو أمسية شعرية قدمها الشاعر عثمان سعيد وقد تخللت الامسية اضاءات حول كتابة الشاعر، الاضاءة الاولى قدمها الاستاذ محمود محمد حسن فقال: احتدام الصراع بين الادب الفصيح والعامي تتجلى عبقرية المبدع في ان يكون فصيحاً ويستغل طاقات العامية والعكس، واقول الحق في انني سمعت شعراً عامياً يستغل ليست طاقات العامية بل مهارات الشعر الفصيح وفي هذا الشعر وجدت انتقاء عاليا جداً للمفردة وبعض استخدامات الجناس وهذا مما لا يلتزم به شعراء العامية إلا فيما ندر.. ايضاً هذا الشعر فيه وطنية عالية ولكنها غير مباشرة، الشاعر شتم النيل ولكن في الباطن فان النيل هو الذي يشتمنا، سباب الحبيب للحبيب وهو اشبه بجلد الذات عبر الهجاء العميق، يدهشنا الشاعر بان يقدح ما تعودنا مدحه ايضاً الشاعر عنده نوع من المكابرة الشعرية فهو يكذب علينا حينما يدعى الكبرياء في الحب وهو قد استذل بالحب ومذلة الحب لا عار فيها، شعره ملئ بالصور اذا دلف منه الى كتابة القصة القصيرة لكان موفقاً جداً فهو شعر ممتاز على مستوى الصورة والموسيقى والقدرة على ادهاش القارئ وله رصيد جيد من المخزون التراثي.. اختلفنا أم اتفقنا هذه المعالم معالم صحيحة من الطريق الذي ينبغي ان تسلكه القصيدة العامية. وقدم الاضاءة الثانية الناقد عز الدين ميرغني فقال: ميزة الشعر عند عثمان فهو يحول لغة العامية اليومية الى القصة رومانسية، مخزونه اللغوي فيه كثير من التراكمات خاصة في منطقة الشمال وغيرها من مناطق السودان المختلفة، النص عند عثمان مثقف جداً استخدم كلمات غير عربية مثل يوتوبيا.. العصافير عنده تمثل الانسان الذي يبحث عن الحرية ويستخدم تقنية الاستنتاج في الشعر، يحب الوطن جداً.. استفاد من انه تشكيلي فهو تشكيلي يكتب الادب وهذه ميزة لا تتوفر في كل انسان من معانيه دائماً يعري المدينة وزيفها ويعري الحب الذي اصبح مادياً ويعري الادعاءات العنصرية كأنه يقول دعوها انها نتنة. وفي ختام حديثي أؤكد ما ذهب إليه الاستاذ محمود اذا كتب القصة القصيرة سيكون ممتاز جداً. أدارت الجلسة الشاعرة ايمان آدم والتي تحدثت ايضاً عن الكتابة عند عثمان سعيد قائلة: عثمان سعيد يكتب كما يشرب الماء.. وحيث يكتب لا يماري .. عشق صداح، غضب صداح، حتى الحيرة عنده تبدو حيرة واضحة، ووضوح الفكرة لا يعني سذاجة التعبير أو المباشرة التي يمكن ان تتلف النص وتغلق نافذة الخيال والاجتراح عن المتلقي اطلاقاً.. استخدامه للمفردة من الحكي اليوماتي وتحميلها بما يكسبها كثافة ويحيلها او يخرجها من عاديتها الى شاعريتها وصوره الشعرية تحسها باحساسك كما يقول امير الصعاليك عثمان بشرى.. ولعل عثمان لم يترك طرقاً للكتابة إلا سلكها في كتابة المربعات الشعرية.. أو الكتابة بالفصحى وان عانت النصوص من انكسار طفيف في اوزانها لخضوعها لسودانية احساس عثمان وتغلب روح العامية على شعره وسطوة سحرها عليه.. لكن اقول ان عثمان في كل احوال كتاباته يعاني من الجمال.. الصدق، البوح الصداح والغضب العارم.. وعثمان يحيل كل الغبائن الى موضوع يبهج عند تناوله لكل ذلك اللطف وهو هكذا يرسم عالم حب أو عالما مكروها باحثاً عن عالم مغاير وهنا نرى عثمان التشكيلي المختبئ في اردان عثمان الشاعر.