لا يفوت على خاطر إنسان السودان أن الخضرة والماء والوجه الحسن يعملن على ذهاب الحزن غير أن اهل دنقلا وسكان الولاية الشمالية عموما مهددون بفقدان أحد تلك المقومات بالرغم من وقوع مناطقهم على مرمى حجر من مجرى أعظم نهر يجري على البسيطة، وذلك بفعل الزحف الصحراوي الذي يهدد بالتهام الارض .. لم يعد لأهل الشمالية غير الشريط النيلي الضيق الذي لا يتعدى عرضه الكيلومتر من مجرى النيل لتكون باقي أراضيهم عرضة للزحف الصحراوي الذي يغطي كل ملمح بالمدن والقرى فتعالت صيحات الأهالي أن : (أوقفوا هذا الطوفان الصحراوي !) غير انه لا حياة لمن تنادي . الصحافة تجولت في ربوع دنقلا ووقفت على آثار الزحف الصحراوي بالمدينة وشوارعها التي تشكو لطوب الأرض من فعل وهجمات الزحف الصحراوي الذي عمل على تضييق مجاريها ولم يتوقف عند هذا الحد ليمتد ويتمدد لتهديد المباني والعمران ،حيث أن كثيراً من المباني داخل المدينة مهددة بالانهيار جراء تحامل الكثبان الرملية عليها حتى غدت غير قادرة على حملها الأمر الذي قاد إلى تكبيد المواطنين خسائر مالية كبيرة بسبب تحمل نفقات إعادة بناء الجدران . المواطن مرتضى عبد الله الذي يقطن بحي جبرونا قال للصحافة إن الزحف الصحراوي اصبح يشكل مهددا أمنيا واقتصاديا لحياة إنسان الولاية الشمالية بصفة عامة فقد قضى على الأراضي الزراعية ولم يشبع نهمه وها هو يمد أياديه القذرة إلى داخل المدن فهجر المواطنون الولاية الشمالية بسببه والذين آثروا البقاء ظلوا يواجهون آثار الزحف الصحراوي داخل المدن والقرى واصبحت الصورة واضحة للعيان لكل من يمر بأية قرية أو مدينة بالولاية الشمالية ، فانسان الشمالية رغم تناقص مصادر دخله اليومي يجد نفسه امام تبعات سداد فواتير إعادة تأهيل جدران أسوار المنازل التي غطتها الرمال قبل انهيارها . وطالب مرتضى السلطات بالولاية الاهتمام بمقاومة الزحف الصحراوي باعادة الغطاء النباتي وان تستحث المنظمات العالمية للمساعدة في أمر مقاومة الزحف الصحراوي الذي وصفه بالمقلق والهاجس لانسان الشمالية . أما أم النصر الحسن التي تشارك مرتضى السكن بذات الحي قالت إن الصورة مؤلمة ويشعر بها كل من يزور المنطقة وان الزائر يشعر بخطورة الموقف عندما يشعر بذرات الرمال وقد قذفها تيار الهواء إلى داخل عينيه بفعل الزحف الصحراوي الذي اجتاح كل انحاء الولاية الشمالية وقالت ام النصر إن الزحف الصحراوي يعتبر موتا بطيئا للحياة الطبيعية بالولاية الشمالية وما لم تتخذ السلطات خطوات جادة ومتسارعة للقضاء عليه أو على الأقل تخفيف شدته، فإن الحياة لن تكون إلا على الشريط النيلي الضيق بالولاية الشمالية وانه لمن المؤسف تنامي الزحف الصحراوي مع انبلاج كل فجر والسلطات لا تقوى على فعل شيء لكبح جماح جيوشه النهمة وقالت أم النصر إن الحال بداخل المدن والقرى ليس بأفضل من البقاع خارجها فمظاهر الخضرة وتمدد الأراضي التي تصلح للزراعة أصبح في عداد المفقودات. وختمت كان الله في عون إنسان الولاية الشمالية الذي تهاجمه عوامل الطبيعة من كل مكان اذ أصبح بين مطرقة الهدام وسندان الزحف الصحراوي. وقال محمد الشيخ الذي سكن بحي الباجة إن الزحف الصحراوي يهدد بقاء إنسان الولاية الشمالية خاصة الشرائح الفقيرة التي تعاني نفقات إضافية تتمثل في اعادة بناء ما سقط بسبب كثبان الزحف الصحراوي حيث يجدون أنفسهم ينفقون أموالا طائلة في إعادة بناء أسوار جدران الحيشان التي تتداعى أمام الزحف الصحراوي علاوة على الآثار السالبة للزحف الصحراوي على الأراضي الزراعية التي تقلصت مساحتها. وطالب الشيخ الحكومة بإيلاء قضية الزحف الصحراوي القدر الكافي من الاهتمام وإلا زادت اعداد المهاجرين وفاقدي مصادر الدخل الثابت الذين لا يجدون بدا من الاتجاه إلى العاصمة التي ناءت على سعتها من قاصديها من منكوبي الولايات اقتصاديا وأمنيا .