إنتهى عقد القران وزف العروسان بايقاعات يتبعها موكب الفرح.. الزغاريد.. والعديلة.. وإيقاع الدلوكة الذي يعلو ثم يهبط والكل في حلبة الرقص.. هكذا إستمرت السهرة دون الشعور بعقارب الساعة.. انتهت السهرة ليبدأ لوناً آخر من الفرح.. سرعان ما عم الصمت المكان وإنتظمت الساحة فبدت العروس والعريس وحولهما نسوة من خالات وعمات لتبدأ مراسم فرح جديد يسمى «الجرتق» بصينيته المستديرة التي توضع أمام العروسين وينبعث منها البخور ورائحة الصندل تجد فيها ذلك الوعاء مخروطي الشكل أحمر اللون الذي يسمى ب «الحق» وفي الغالب يُوضع في الصينية اثنان من هذا النوع ويوضع في داخله مسحوق ذي رائحة مميزة يسمى «بالضريرة» المكونة من المحلب والصندل ويزين عنق الشكل المخروطي عقد من «السكسك» باللون الأسود يسمى سبحة اليسور تتدلى حتى تلامس صينية الجرتق.. وعلى ذات الصينية يتمدد الحرير بلونه الأحمر الاخاذ تتخلله حبات من السكسك بلون أزرق أي بما يعرف بالخرز ويسمونه «لضم الجرتق» أي جعله ملفوفاً في يد العروسين بعدها يجلجل صوت احدى الخالات وهي تقول: «اهيلا.. هيلا العديل والزين ان شاء الله العديلة تقدموا وتبرا» ويردد الحاضرون ذات المقطع إيذاناً ببدء مراسم الجرتق.. تلف الحريرة يد كل من العروس والعريس ويوضع ذلك المسحوق أي الضريرة على رأس العروسين ومن ثم ينهض العريس ويرش الحاضرين بعطر فتلحق به الزغاريد، أما العروس فتملأ فمها باللبن وترشه على العريس هذه العادة موجودة حتى الآن في كثير من قبائل السودان اعتقاداً بأن اللون الأبيض يكون فيه الخير للحياة الجديدة. والجرتق طقس من طقوس العرس السوداني يلازم كل فرح بتفاصيله المعروفة حتى ولو بدأ التغيير يأخذ مكانه في هذا الاتجاه الفولكلوري ذلك حسب ما شاهدناه في بعض الاعراس التي تحولت فيها صينية الجرتق إلى تربيزة زجاجية شفافة بلون ذهبي غابت فيها تفاصيل الصينية الجميلة.. هل يا ترى تكون تربيزة الجرتق الجديدة مثل زفة «اتمختري يا حلوة» تجتاح جميع الاعراس؟.