لا تقف معاناة انسان الخرطوم عند غلبة الحياة المادية وافرازاتها وحسب، بل أن البيئة المحيطة به تزيد من أسباب المعاناة، فالاختناقات المرورية التي باتت أبرز علامات العاصمة وأسراب الناموس التي تهاجمه وأطفاله والانفجارات المتواصلة لخطوط الصرف الصحي وعدم تصريف مياه الامطار وشح مياه الشرب، كلها تطل بصورتها القبيحة لتزيد معاناة المواطن، في وقت تفتقر فيه المدينة لأسباب الترفيه من حدائق ومتنزهات عامة تضفي على بؤسه بعض أسباب التنفس. وإذا كان المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم للخمسة والعشرين عاما القادمة الذي اجازه مجلس الوزراء الاتحادي، قد جاء مبشرا ليس بمعالجة المشاكل المذكورة، فإنه يتجاوزها للمساهمة بقوة في إحداث حراك مجتمعي كامل، مما يعني خلق فرص العمل وتجاوز أسباب الفقر. وإذا كان أهل الخرطوم يتحرقون شوقا لبدء انفاذ المخطط، فإن والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن احمد الخضر، قد أكد بدء العمل في تنفيذه، وأن تدشين عمل وحدة متابعة انفاذ المشروع ستشهده قاعات فندق الفاتح من سبتمبر صباح الغد. «الصحافة» ايمانا منها بأهمية الحدث، تعمد عبر المساحة التالية للوقوف بشيء من التفصيل، على معاني ودلالات الحدث. ويشير الدكتور صلاح النص مدير وحدة متابعة انفاذ المخطط الهيكلي العمراني بولاية الخرطوم، الى ان المخطط الهيكلي العمراني يُعنى بالرؤى المستقبلية للتنمية العمرانية المتكاملة بالولاية، ويقصد بها كل ما يهم المواطن من مسكن وخدمات وعمل وتنمية زراعية وصناعية، وتوفير فرص العمل، وخلق الاستقرار الاجتماعي والترابط بين الريف والحضر. وبمعنى أدق فإن المخطط الهيكلي ينظم استخدامات الأرض بصورة تتوفر فيها الخدمات لكافة الشرائح الاجتماعية. ويذهب مدير وحدة متابعة إنفاذ المخطط الهيكلي الدكتور صلاح النص، الى أن المخطط يعمل على تصنيف ومعالجة هموم وقضايا المواطن الآنية والآجلة، بما فيها من شبكات المواصلات والطرق والصرف بشقيه الصحي والسطحي والامداد المائي المستقر، وغيرها من خدمات صحية وتعليمية وترفيهية، كما يعمل المخطط على تنظيم الواجهات المائية حتى تغدو جاذبة للاستثمار، وفي ذات الوقت تكون متاحةً لجميع المواطنين. ويذهب الدكتور صلاح النص إلى أن وحدة متابعة إنفاذ المخطط تُعنى بالتنسيق والتشبيك بين الوزارات والمحليات العاملة في ولاية الخرطوم، حتى تأتي سياستها بصورة متوائمة مع مخرجات المخطط، تفادياً للتضارب المخل واهدار الجهود، كما تُعنى الوحدة بمتابعة وتقويم مخرجات الوزارات والمحليات الخاصة بالمخطط، واعداد تقارير دورية عن الموقف ورفعها لوالي الخرطوم، كما تتبنى الوحدة فكرة تحالف المدن السودانية لنشر ثقافة العمل الاستراتيجي واستدامة التنمية بالولايات، كما تعتبر الوحدة ذراعا تنسيقيا بين الوزارات والمحليات والهيئات التي تُعنى بالتنمية العمرانية. ويقول المهندس فايز عباس مستشار والي الخرطوم لإنفاذ المخطط الهيكلي، إن رؤية الوحدة تقوم على تقديم أُنموذج عملي وعلمي في فن إدارة استراتيجيات التنمية العمرانية المتكاملة تنسيقاً ومتابعةً ومراجعةً وتحديثاً، لذلك جاءت رسالة وحدة الإنفاذ لتقوم بالتنسيق والتشبيك بين كل الأجهزة الحكومية على المستوى الاتحادي والولائي والمحلي، بما يحقق الغايات المنشودة. وأشار المستشار إلى أن المدى الزمني لاستراتيجية التنمية العمرانية يمتد حتى عام 2033م، مقسمة إلى خمس خطط خمسية تنتهي كل خطة بمراجعة شاملة للاستراتيجية. ومن جانبها ذهبت مخطط المدن زكية بشير التيجاني منسق قطاع الخدمات والبيئة بالوحدة، إلى أن القطاع يُعنى بستة محاور رئيسية هي: الخدمات الصحية والتعليمية، الأمن، الزراعة، البيئة ومحور السياحة والترفيه. وتذكر زكية أن محور السياحة والترفيه الحضري من أهم مقومات التماسك الاجتماعي والانتماء للمدينة، فيما يشكل محور الزراعة والتصنيع الزراعي أهم المحاور التي تُعنى بخلق العلاقة المتوازنة بين الريف والحضر. المهندس الكندي يوسف منسق قطاع الرصد والمتابعة، أشار إلى أن الوحدة تستخدم أحدث تقنيات النظم والأرشفة والمكتبات وتحديث المعلومات، خاصة أن الوحدة استصحبت المشكلات الناجمة عن عدم ضخ المعلومات المناسبة في الوقت المناسب لمتخذ القرار. غداً تُدشِّن وحدة متابعة إنفاذ المخطط أعمالها.. فهل تعجل كل جهة معنية بتنفيذ ما يليها بسرعة تتجاوز بمواطن الخرطوم أزماته المتلاحقة الناجمة عن عدم الالتزام بكل المخططات السابقة..؟!