إذا كانت هناك معايير لتصنيف أكثر المناطق بؤسا وفقرا وترديا في الخدمات ستأتي مدينة أبوقوتة والقرى المحيطة بها في المرتبة الأولى دون منازع ..وإذا كانت هناك جوائز تمنح للمواطنين الأكثر صبرا على ضنك العيش والأوضاع الحياتية القاسية ستذهب طائعة مختارة لأهل أبوقوتة بولاية الجزيرة ..فهذه المنطقة التي يربو عدد سكانها عن مائة وثمانية ألف مواطن موزعون على 144 قرية و22 كمبو ،تبدو خارج سياق الألفية الجديدة وهي تجسد مشاهد مدن القرون الوسطى التي طالعناها في أوراق التاريخ ،ومواطنها ظل قابضاً على جمر الصبر حتى اكتوى بنيرانه ،ورغم المعاناة وتجرعه لكأسات الظلم والتهميش ظل متمسكاً بالأمل ويحلم بأن يأتي الغد أفضل من حاضره الذي تشير مشاهده الحزينة وعناوينه البارزة الى أن الأمل لايعدو أن يكون سراب بقيع يحسبه الظمآن ماءً. والانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدتها ولاية الجزيرة والمنطقة أحدثت حراكا واسعا وغير مسبوق ،أرسل من خلالها السواد الأعظم من مواطني المنطقة رسائل لجهات متعددة في الحزب الحاكم مفاده أن المواطنين ضاقوا ذرعا بالتهميش والظلم وتردي واقعهم على الأصعدة كافة ،وأشاروا من خلال مناصرتهم للمرشح المستقل مبارك قسم السيد أن اليوم ليس كالأمس وأن التغيير بات خيار المرحلة المقبلة وأن هناك رفضاً كاملاً لإستمرار المنطقة كحديقة خلفية لولاية الجزيرة ومحلية الحصاحيصا . ومنطقة أبوقوتة التي ترفد خزينة محلية الحصاحيصا بتسعين ملياراً سنويا لازالت غارقة في الظلام ولم تحظَ سوى ست قرى فقط من مجموع 166 قرية بالكهرباء ،والمنطقة ظلت تواجه معاناة حقيقية في مياه الشرب التي ظلت قضيتها تراوح مكانها دون أن تجد الإهتمام والحل النهائي ،ولأن شر البلية مايضحك يتندر السكان على أنفسهم بخصوص المياه ويشيرون الى أن مواطني الكثير من القرى يحضرون الى سوق أبوقوتة (كل إثنين وخميس ) وهم يحملون (الجركانات والبراميل ) لملئها بمياه الشرب بدلاً من شراء الخضروات ،أما في الطرق المسفلته فهذه الثورة التي انتظمت معظم مناطق السودان لم تطال المنطقة التي لم يعرف الأسفلت اليها سبيلا ،ليس طرقها الداخلية ،فهذا ترف وحلم بعيد المنال ،بل الطرق التي تربطها بالعاصمة (40 كيلو ) وأبوعشر (45 كيلو) فهذان الطريقان الحيويان يمثلان هاجساً للمواطنين وذلك لانه لم تتم سفلتتهما منذ أن خلق الله أبوقوتة ،وأجمل الصور الحزينة في مدينة أبوقوتة هي لافتة المستشفى التي كتب عليها مستشفى أبوقوتة التخصصي ورغم ذلك لايوجد غير ثلاثة أطباء عموميين ومن يريد مقابلة اختصاصي فعليه تكبد المشاق والسفر الى الخرطوم ،القطينة والحصاحيصا وابوعشر ،وهنا لابد من الإشارة الى أن هناك الكثير من القرى بالمنطقة هجرها اهلها تماما بداعي التصحر وعدم وجود مياه الشرب . يقول الناشط والقيادي الخاتم الشيخ يوسف إن كل صور المعاناة تتجسد في مدينة أبوقوتة و القرى التابعة لها ،وقال إن هناك ترديا كبيرا في الخدمات المختلفة ويضيف:ظلت هذه المنطقة منذ عشرات السنين تتعرض للظلم والتهميش من السلطات المتعاقبة على ولاية الجزيرة رغم إسهام أهلها المقدر على الأصعدة كافة ،والناظر لحال المنطقة يقف على حجم معاناة المواطنين خاصة في الخدمات الأساسية التي تقع مسؤوليتها على عاتق الدولة في المقام الأول ،وإذا تحدثنا عن كل شئ بالمنطقة نجد هناك قصوراً وعلى سبيل المثال صحة البيئة التي تبدو معدومة تماما في السوق والأحياء والسلخانة رغم وجود 200 عامل نظافة وجيش جرار من الموظفين يتلقون مرتباتهم من أموال دافعي الضرائب، وكذا الخدمات الطبية وإفتقار المستشفى للاختصاصيين والأجهزة الحديثة أوضح مثال ،كما أن الكهرباء ومياه الشرب تمثلان أكبر المعوقات التي تواجه السكان وعلى إثر ضعف توفرهما هاجرالكثيرون الى مواطن أخرى بحثا عن الحياة الكريمة ،وفي مجال التعليم التردي سيد الموقف ولولا مساحيق التجميل التي تطال النتائج النهائية لوقف الجميع على حقيقة ضعف التعليم بالمنطقة والأسباب معروفة للجميع(ستون معلماً متفرغون للسياسة ويأخذون مرتباتهم غير منقوصة) ،والفقر مستشري في المنطقة وهناك مواطنون لايجدون مايسدون به الرمق والزكاة توزع قبل الإنتخابات فقط ؟؟وأرجع الخاتم التردي الذي ترزح تحت وطأته المنطقة الى خلافات قيادات الحزب الحاكم وعدم إهتمامهم بقضايا المواطن وقال إن هناك أكثر من قيادي ظلوا جاثمين على صدور المواطنين لعقود طوال وفشلوا في تحقيق إنجاز يحسب لهم ويفيد المنطقة ،وأن هناك قيادات لاتملك الفكر والتعليم الكافي الذي يتيح له دخول المجالس التشريعية بالمركز والولايات ،وأكد الخاتم أن التغيير هو شعار المرحلة القادمة والمطالبة بالحقوق سيكون ديدن مواطني المنطقة . من جانبه أكد المرشح المستقل في إنتخابات تشريعي ولاية الجزيرة التي جرت قبل أيام أنه لم يخسر بل كسب الكثير رغم أن صناديق الأقتراع جاءت بعكس مايشتهي اغلب مواطني المنطقة وأضاف :ترشحت ومن خلفي أكثر من أحد عشر ألف مواطن بداعي بحثنا عن التغيير وذلك لان القيادات الحالية هي السبب المباشر في إنهيار المنطقة وتدهورها على الأصعدة كافة ،والمواطن في أبوقوتة مغلوب على أمره وتتعرض إرادته للتزوير ولايستطيع المطالبة بحقوقه لانه ضاق ذرعا بالواقع بيد أن الإنتخابات الأخيرة أوضحت الكثير من الحقائق ولولا الدعم السياسي الكبير الذي حظي به مرشح الحزب الحاكم من قبل حكومة الولاية ومحلية الحصاحيصا لتغير الواقع ولبارحنا محطة التردي ، وهنا لابد من الإشارة الى أن برنامج التغيير لن يتوقف وذلك لان المنطقة في أمس الحاجة لمجهودات كل أبنائها المخلصين والحادبين على مصلحتها وليس أولئك الباحثين عن السلطة والمصالح الشخصية، وعبر الصحافة أناشد كل أبناء أبوقوتة بالداخل والخارج بان يتفاعلوا مع برنامج التغيير حتى نستطيع توفير أدنى مقومات الحياة الكريمة لاهلنا الأوفياء الذين صبروا كثيرا . أحدالشباب طلب حجب اسمه قال إن المنطقة تتعرض لظلم وتهميش من ولاية الجزيرة وأن الكثيرين يفضلون الانفصال عنها ويتمنون التبعية للعاصمة او ولاية النيل الأبيض حتى ينعموا بمياه الشرب النقية والكهرباء والطرق المسفلتة والتعليم الجيد والعلاج