الهوية هي أن يكون لدى الشخص مفهوم محدد عن ذاته ومجتمعه وليس بطاقة تعريفية توضع في الجيب وتبرز عند الضرورة. أما أن يفقد مفهوم الهوية فتلك هى أزمة لأنها تنطوي في الاساس على معان رمزية وروحية وحضارية تعطي الفرد احساساً بالانتماء الى جسم أكبر وتخلق لديه الولاء والاعتزاز بهذا الجسم الاكبر وعلى ذلك فان ازمة فقدان الهوية هي عدم معرفة الشخص لذاته سواء من حيث تكوين الشخص لماضيه أو لحاضره. أما عن الانتماء فلا يستقل كثيراً عن الهوية وان من يمتلك هوية ما، فهو منتم ، ومن يفقد هويته فلا انتماء له ومعظم العوامل التي تفقد الشباب هويته هي ذاتها التي تفقده انتماءه. وبعد تفشي أزمة الهوية والانتماء التي صارت ملاحظة عند الشباب السوداني التقت (شباب وجامعات) بالشباب لتمنحهم فرصة التعبير عن آرائهم وخرجت بالحصيلة التالية: نجوى أحمد خريجة وعلى باب العطالة ابتدأت قائلة لو لم أكن سودانية الجنسية لتمنيت ان اكون سودانية بالرغم انه تمر علي احياناً فترة أتمنى فيها تمزيق اوراقي الثبوتية كيف لا واحياناً لايكون لديك هدف أو طموح في بلد ملئ بالحروب والنزاعات والاطماع الشخصية ، مما يجعل حق الشباب فيها مهضوماً. واضافت ان المشكلة ليست في الشباب وحده بل ان السودان نفسه فاقد للهوية فمرة نحن افارقة وتارة اخرى عرباً فأين نحن افارقة أم عرب؟. أما محمد عثمان خريج جامعة النيلين بكلية الدراسات التجارية فيقول لو كان أحد يستطيع ان يبدل جنسيته لبدلها، لانه كخريج وطالب لم يقدم له الوطن شيئاً ، مضيفاً من نحن؟ والى أية هوية ننتمي؟ نحن اناس ضائعون في الوسط ما بين صراعات وثقافات اخرى. وفي ذات الصياغ تحدثت مودة أحمد طالبة جامعة الخرطوم قائلة بأنها لا تلوم الشباب لفقدهم الاحساس بالهوية والانتماء لأن السودان لم يعطهم اسباباً تمنحهم الاحساس بالانتماء فلو كانت هنالك هوية سودانية لما كانت هنالك حاجة لتقرير مصير السودان في الفترة القادمة ولكانت الوحدة هي خيار ابناء الجنوب والشمال معاً؟ وقد اختلفت مآب عصام طالبة جامعة السودان (هندسة طيران) معهم في الرأي قائلة : (الله ثم الوطن) فكيف لا احس بانتمائي له، فهناك فكرة خاطئة عند الشباب ومبرر واهي وهو ماذا قدم لنا الوطن ولكن السؤال الصحيح ماذا قدموا هم أنفسهم لهذا البلد فان لم يجدوا عملاً فلم لم يزرعوا هذه الاراضي البور، فالشباب في الشارع العام افتقد الى الروح السودانية فتراه صورة باهتة لمسخ يقلد الشباب في الغرب والشارع الامريكي، فلماذا يلتجئ الشباب السوداني لتقليد اناس ليس لهم تاريخ ونحن لدينا حضارات وتاريخ. وترى وعد محمد طالبة الهندسة ان السودان بكل مشاكله وسوءاته الا انه وطن جميل فكيف لا أحس بانتمائي له، فان كانت هنالك صراعات داخلية من اجل السلطة والمال وان كان الشباب عاطلاً فما هو ذنب تراب الوطن. (ت . ب ) وهو مهاجر للولايات المتحدةالامريكية حاملاً الجواز الامريكي في اثناء الحوار معه تحس بانه فاقد الانتماء والهوية السودانية بالرغم من أنه يحاول عكس ذلك وعند سؤالي له اجابني ان كانت البلد قدمت لي شيئاً فلماذا كان علي ان اهاجر لبلاد الغير واحمل انتماءً لها؟ معللاً بأن الخلل في التربية الوطنية يبدأ منذ الصغر فترى الآباء عند سؤالهم عن جنسياتهم تجد ان الرد عبارة عن الى أية قبيلة ينتمي هذا جعلي وهذا شايقي وذاك نوبي فاين هي الجنسية السودانية لماذا لا يكون الرد أنا سوداني؟ أما احمد جلال يرى ان فقده للانتماء والهوية السودانية ناتج لأنه لم ينشأ هنا وكان السودان محطته فقط للاجازات الصيفية فأهله مقيمون في دولة الامارات العربية ويضيف للأسف الاعلام السوداني يلعب دوراً في فقد الهوية والانتماء فهو في كثير من اطروحاته لا يعكس عن السودان شيئاً بكل ثقافاته المتعددة الا في البرامج التوثيقية وهي برامج يبتعد الشباب عن مشاهدتها في الغالب فلماذا نلام عندما نفقد الانتماء والهوية؟ فنحن اصبحنا نحمل ثقافات بلدان اخرى ورددت اناشيد وطنية لبلدان اخرى لا تحمل الطابع السوداني (نحن جند الله جند الوطن) الذي لم اردده قط الا في مبارات كرة القدم . الباحثة الاجتماعية حنان الجاك تقول ان الهوية واقع يجب ان لايؤثر عليه البعد الزمني او المتغيرات التاريخية وان ما حدث من افتقاد الشباب للهوية والانتماء ظهر نتيجة لعدم التطور والتفاعل مع المعطيات الاجتماعية والسياسية والثقافية ولتلك الهوة السحيقة عند هؤلاء الشباب وكذلك ايضاً لغياب المرجعيات الثقافية التي تبني طاقة توظف المفاهيم الايجابية لارتباط الشباب بهويته القومية التي هي لا تكتسب بل جزء من التكوين النفسي والاجتماعي والثقافي عند الشباب ومن أهم عوامل فقدان الهوية غياب التوازن البرامجي الذي يحتاج الى تحالف اعلامي ثقافي اجتماعي قومي يؤثر في المكونات النفسية للشباب ايضاً تأثير الفضاء الاعلامي الذي يبث افكاراً تخلو من القيم السودانية ذات الأثر الكبير وايضاً نحتاج لتوظيف اسباب الترفيه البرامجي والتثقيف والتعليم وتوظيف الفراغ النفسي لدى الشباب حتى لا يضيع ضمن مؤثرات الغرب وعوامل الانتماء القيمي والديني حتى نزيل الصراع الداخلي لفقدان الهوية والانتماء. واضافت الباحثة حنان الجاك ان الاعلام لا يبث الاناشيد الوطنية المؤثرة على الشباب الا عند الازمات او الكوارث وهذه تعد من أكبر المؤثرات. الدكتور عبدالرحيم بلال باحث وناشط اجتماعي ابتدأ قائلاً بان قسوة الحياة هي التي تدفع بالشباب للبحث عن هوية اخرى وفقدان للانتماء كما ان العطالة وعدم الوضوح في المستقبل من اهم الاسباب والتثقيف المدني أو الوطني غير موجود وذلك لأن الاسلاميين قد حولوه الى تثقيف اسلامي ونسوا ان يربطوا الاجيال ببعضها فليس غريباً ان تجد شاباً لا يعرف عبدالله خليل أو عبود وحتى المشاريع الوطنية والتاريخ لم يعد له وجود وكذلك يعتقد د.عبدالرحيم بان الاعلام لم يلعب دوره في التثقيف كما يجب ولم يكن جيداً في طرحه.