شهد الأسبوع المنصرم زيارة لنائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه لمحلية سودري بولاية شمالة كردفان وذلك لإفتتاح عدد من الحفائر والخزانات التي تم تشييدها في محلية سودري ضمن برنامج حصاد المياه الذي تنفذه هيئة تنفيذ السدود والذي تم من خلال دراسات فنية، وسمحت الأمطار الغزيرة التي هطلت هناك خلال الخريف الحالي بأن تتوفر لمواطني سودري كمية مقدرة من المياه لم تكن متاحة في السابق . وقد جاء المشروع متأخرا لكونه مع غيره من المشروعات هو الحل لمشكلة المياه المزمنة لسودري التي يمكن أن تعتمد على حصاد مياه الأمطار وحجزها لبعض الوقت في الأودية والكثبان الرملية لكي تنبت النباتات والأشجار وتوقف آفة الزحف الصحراوي . وقد تأخر هذا المشروع ولكن لأن تأتي متأخرا أفضل بكثير من ألا تأتي .ومن الأفضل كذلك النظر لحصاد المياه من الزاوية التي ذكرتها وهي ري الأرض ومن ثم حجز الماء لأن حجز الماء ليس كل شئ في هذه المناطق بل أحيانا يضر بالبيئة . والمصدر الثاني للماء بسودري أو بالأحرى الأول هو المياه الجوفية وهذه متوفرة بالمنطقة ويمكن إستغلالها في الزراعة وتوطين الرحل . وهناك مصدر مجيد في حالة تنفيذه وهو مد ترعة من النيل الأبيض عبر وادي المقدم لاستصلاح الأراضي الواقعة شرق الترعة وغربها في مساحات مهولة . ومما يسر أن السيد نائب رئيس الجمهورية قد أكد على المضي قدما في مشروع حصاد المياه لتغطية حاجة المنطقة للماء كما أعلن عن دعمه لمشروع توصيل الماء لمدينة سودري والمتوقف بسبب التمويل منذ مدة طويلة وهذا أمر جيد للغاية ويحقق الإستقرار والتنمية الإقتصادية لسودري . وكما قال نائب الرئيس في كلمته :حيثما ذكر العطش ذكرت سودري فهذه حقيقة لكون ندرة الماء قد جعلت من سودري منطقة هامشية ولا تتوفر بها خدمات أساسية كالتعليم الذي يعتمد في هذه المناطق على الدعم الكامل من قبل الدولة وقد ساهمت منظمات المجتمع المدني في تشييد المدارس في مرحلة الأساس وتبقى حاجة أهل المنطقة للداخليات من الأمور الأساسية والتي لا غنى عنها للتعليم ولولا الداخلية لما كان كاتب هذه السطور قد تعلم في هذه المنطقة وتخرج في مدارسها التي كانت داخلياتها هي الحاضنة الأساسية لطلاب العلم . وحسب ما توفر لي من معلومات فقد وجه نائب رئيس الجمهورية حكومة شمال كردفان بالإهتمام بخلاوي القرآن بالمنطقة وهو أمر مطلوب وإذا توفر هذا الضرب من التعليم يلائم أبناء المنطقة الذين يتميزون بالبداهة والذكاء والقدرة على حفظ القرآن الكريم ومنهم من برز فيه وحقق نجاحا مقدرا . وبقيام المدارس القرآنية ومدارس الأساس سوف تواجه المنطقة مشكلة في التعليم الثانوي مما يتطلب بناء مدارس ثانوية مزودة بالداخليات وكان هناك إتجاه من قبل قدامى الأساتذة والمعلمين بالمنطقة ( منهم الأستاذ أبدومة وابوشورة ) لبناء مدرسة أو مدرستين نموذجتين بالمنطقة وتشجيع المدارس الخاصة لأن هذه المنطقة أنجبت أول السودان في يوم من الأيام ولابد من تحية للجهود التي بذلها الأستاذ والمعلم الأول بالمنطقة فضل الله محمد حسين الذي عمل على تشييد مدرسة في قرية رهد النمر ورعاها وأرجو أن تطلق وزارة التعليم بشمال كردفان إسمة علي مدرسة رهد النمر لتكون مدرسة الناظر فضل الله محمد حسين . وعلى حكومة الولاية والمحلية التي يقودها الشاب الطموح والمجتهد للغاية البشير خوجال متابعة توجيهات السيد نائب رئيس الجمهورية المتعلقة بالتعليم والصحة والمياه والطرق في المنطقة لكون المتابعة والتنفيذ على أرض الواقع هو التحدي أمام القرارات المهمة . وهناك مشكلة أساسية خاطبها نائب رئيس الجمهورية بصورة مباشرة وهي توصيل الطريق بين سودري والأبيض ، رئاسة الولاية ، وهذا حل لأكبر معضلة تعاني منها هذه المنطقة وهي رداءة الطرق وصعوبة المواصلات التي تواجه الناس هناك وتحرم المنطقة من الإستفادة من كثير من المزايا التي تتميز بها وتنطوي عليها وهي خيرات كثيرة لدرجة أن الأخ ابن عمر محمد أحمد قال لي مرة من المرات إن سودري معناها أرض الذهب ، وهي أول منطقة عناها الباحثون عن الذهب في السودان منذ زمن بعيد، و قبل مناطق الشرق والجنوب والنيل الأزرق ولكن المنطقة بها صعوبات من هذه الشاكلة وبزوال الصعاب يتوفر لأهلها إمكانية إستغلال الخيرات التي تعج بها من ذهب وبترول وثروة حيوانية وسياحة وغيرها .