تفاقمت الاوضاع بمفوضية الاستفتاء عقب استقالة متحدثها الرسمى السفير جمال محمد ابراهيم ونشوب خلافات بين اعضائها، الامر الذى رسم صورة قاتمة لمقبل الايام حول سير العمل داخلها لاسيما في ظل حاجتها الماسة للمال للصرف على عملياتها وادت استقالته الى كشف بعض اوجه الخلل بالمفوضية وذهب بعض المراقبين الى ان عدوى الشريكين قد انتقلت الى ردهات المفوضية وأضافوا أن عدم رضا بعض اعضاء المفوضية عن ترتيبات عملية الاستفتاء التي يقع على عاتقها مسؤولية مصير السودان ، وأرجعوا تأزم الموقف بالمفوضية إلى التكوين المتأخر للمفوضية قبل (4) شهور من موعد الاستفتاء فى امر اتفقوا عليه قبل (40) شهرا وهى مدة كافية لترتيب الاوضاع والاستعداد الامثل للعملية بيد أن تفاقم الأوضاع بها أصبح أمرا واقعا معاشا لامفر منه . ووجه رئيس المفوضية بروفيسور محمد ابراهيم خليل خلال تسلم المفوضية للمعدات اللوجستية من مخازن الاممالمتحدةجنوب السوق المركزى بالخرطوم يوم السبت الماضى رسالة للمتفائلين بقيام الاستفتاء في مواعيده المتفق عليها ان المهمة شاقة وعسيرة ولكنهم سيمضون على اية حال الى نهاية المطاف حتى تكتمل عملية الاستفتاء وبعث خليل تطميناته هذه في حضور المبعوث الامريكى اسكوت غرايشن ونائب رئيس بعثة الاممالمتحدة جاسبير سينغ وأوضح خليل ان العملية اصبحت على وشك التنفيذ وقيام المراحل الفعلية وبدء عملية التسجيل وفتح المراكز قبل وقت كاف لاستقبال المستهدفين، غير ان المفوضية ظلت تجأر بالشكوى على مر الايام بتأخر اموال المانحين بل وذهبت الى ابعد من ذلك حينما ارجعت تماطل المانحين الى العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان من قبل الدول المانحة الا ان رئيس قسم الانتخابات والاستفتاء ببعثة الاممالمتحدة بالسودان «يونميس» دينيس كاديما قال فى تصريح «للصحافة» ان المانحين نجحوا حتى الآن فى توفير كل المواد المطلوبة الى جانب دعم العمليات اللوجستية وكشف ان المانحين التزموا بتوفيرمبلغ (63)مليون دولار «وفروا حتى الآن اكثر من نصفها « وكشف كاديما ان بعثة الاممالمتحدة بدأت بالتعاون مع المفوضية فى ايصال الاستمارات وكل المواد اللوجستية من الخرطوم وجوبا الى نحو (3600)مركز فى المناطق النائية بالجنوب عبر طائرات الهيلوكوبتر واعتبر المسؤول الاممى ان ابرز التحديات التى تواجه العملية هى ضعف البنية التحتية فى جنوب السودان للتحرك والتى تتطلب الاستمرار لثلاثة اسابيع واوضح ان الاممالمتحدة ستتولى نقل المواد الى ولايات دارفور كما ان منظمة الهجرة الدولية ستتكفل بنقل المواد الى مراكز المهجر فى الدول الثمانية الا ان المفوضية اقرت ان الحكومة التزمت بدفع الاستحقاقات المالية عبر وزارة المالية الاتحادية التى سلمت اموالاً تكفى لادارة المراحل الاولى حسنا ولكن خليل اكد بان المانحين اشترطوا تحمل حكومة السودان اولا التزاماتها المالية قبل المجتمع الدولى وهو الامر الذى ادى الى تضارب فى تصريحات المفوضية والمانحين فاذا كانت المعدات اللوجستية جاهزة بمخازن المفوضية والبطاقات والاستمارات ترحل الى المناطق النائية عبر وسائل نقل تابعة للامم المتحدة ما هى الاشياء المتبقية انجازها من قبل المجتمع الدولى علما بان هنالك اموال مرصودة فى المراحل المقبلة سيلتزم بها المانحون الا ان بعض الخلافات العاصفة التى تدور فى ردهات المفوضية من شأنها التأثير سلبا على تنفيذ العملية فى الوقت المحدد. وفى تطور لافت لمجريات الاحداث اعلن المتحدث الرسمى باسم المفوضية السفير جمال محمد ابراهيم عن تقديم استقالته لعدم تمكنه العمل فى اجواء مشحونة فى اشارة للمفوضية وقال فى تصريحات لصحيفة (الشرق الاوسط )انه تقدم باستقالته لاسباب لايود الخوض فيها من خلال اجهزة الاعلام لكنه اشار الى وجود «خلافات مزعجة»مع بعض اعضاء المفوضية وزاد «لا اريد ان انقل للمفوضية احاديث سالبة»وقال ابراهيم «هنالك اشياء غير سليمة «وعلى الرغم من تأكيده على احترام رئيس المفوضية البروفسير محمد ابراهيم خليل فإنه قال «التعامل معه صعب «خليل» وحاولت ان اعالج الخلافات مع الامين العام للمفوضية السفير عثمان النجومى ولكننى فشلت « مشيرا الى وجود خلل فى ملابثات تعيينه وقال انه لم يتم تعيينه بشكل رسمى فى اشارة الى اعضاء المفوضية المعينين من رئاسة الجمهورية بينما تم تعيينه من قبل الامين العام مديرا لدائرة الاعلام وتابع « كنت لا انام ليلا عندما انظر الى ان البلد ستتقطع اوصاله ولكننا ارتضينا العمل بالمفوضية طوعا حتى تخرج عملية الاستفتاء بصورة سلسة ونزيهة واضاف «لكننى فضلت ان ابعد نفسى « ونفى ابراهيم وجود ضغوط من المؤتمر الوطنى لحمله على الاستقالة حتى يتم تأجيل الاستفتاء عن موعده وقال ان علاقاته مع طرفى اتفاقية السلام طيبة والصلات معهما جيدة وزاد «هنالك اشياء مزعجة داخل المفوضية لا أود الخوض فيها الآن « لافتا الى ان العمليات الفنية قد اكتملت مؤكدا وجود دعم لوجستى ومالى كاف وقال ان عملية المفوضية بات فى مرحلة جيدة للغاية . وكانت خلافات قد نشبت بين الشريكين حول منصب الامين العام للمفوضية ابان فترة تكوينها وارجع خليل تلك الخلافات فى تصريحات (للصحافة ) للاستقطاب الحاد بين الشمال والجنوب حول ايلولة المنصب الى كل طرف الا ان رئاسة الجمهورية حسمت الامر بتعيين السفير عثمان النجومى لمنصب الامين العام للمفوضية وانهت بذلك جدلا كثيفا كاد ان يخلق ازمة سياسية تعطل تكوين المفوضية وكان خليل قد اكد فى تصريحات صحفية ان المفوضية تواجه بعقبات كبيرة ابرزها تعيين (10800)عامل استفتاء للعمل بالمراكز الموزعة بين الشمال والجنوب. ويقول المحلل السياسى الدكتور الطيب زين العابدين (للصحافة ) ان المفوضية تواجه ضغوطا من اجل تنفيذ العملية فى الوقت المحدد بيد ان السيولة المالية غير متوفرة لديها للالتزام بمخصصات موظفى الاستفتاء وهى الاسباب التى تجعلها تناشد الاطراف الداعمة للايفاء بتعهداتها بعد ان قدمت لها مواداً عينية دون توفير مبالغ نقدية وقال بان هنالك ضيق فى الزمن ادى الى طلب الاسراع بضخ الاموال وتغذية حساب المفوضية واضاف ان المانحين قد أوفوا بالدعم اللوجستى ولكن ربما تتعامل مع المفوضية بنفس تجربة مفوضية الانتخابات وابان ان تأخر الدعم وضيق الزمن أديا الى خلق حالة من التوتر لدى المفوضية التى تمارس عليها ضغوطا من اجل إجراء الاستفتاء فى موعده. واعتبر زين العابدين ان تحميل المفوضية اكثر من طاقتها ربما تؤدى الى دفعها لانجاز استفتاء قد لاتعترف بنتائجها لعدم اتاحة الفرصة لاكبر قدر من المستهدفين للمشاركة فى عمليات التسجيل والاقتراع. ويقول محدثي إن جنوب السودان توجد به مناطق نائية يجب الوصول لقاطنيها باسرع وقت ممكن وحثهم على التصويت وذلك عن طريق الحملات الاعلامية قبل وقت كاف واستدرك أنه لا يعتقد ان هنالك وقتا يكفي لاكتمال مراحل الاستفتاء بكفاءة خاصة بعد تقليص فترة الثلاثة اشهرالتى تعقب نشر الكشوفات النهائية وهى الفترة القانونية الى خمسة ايام فقط وارجع ذلك الى التكوين المتأخر للمفوضية مشددا على ضرورة اتاحة الوقت الكافى للمفوضية لتهيئة نفسها وترتيب اوضاعها لمقابلة متطلبات الاستفتاء وتابع ان قيام العملية فى الموعد المحدد ربما تم اتخاذه مطية للطعن في نزاهته.