ضربت الخلافات الجوهرية مجدداً دهاليز وزارة الصحة الإتحادية تلك الوزارة التي باتت تشكل هاجساً وصداعاً مستديماً لدى كبار متخذي القرار رغم إجتهاداتهم المقدرة في الدفع بأصلب العناصر التنظيمية في القطاع الصحي ليكون وزيراً للدولة بالصحة ألا وهو اللواء طبيب حسب الرسول بابكر ، ورغم ان الرجل يعتبر أميراً للدائرة الصحية بعد ان تم ترفيعها من قطاع عادي الا انه ومن الواضح جداً يواجه تحديات حقيقية في العمل الصحي التنفيذي قد تعوق الخطط والبرامج المرسومة من قبل الدائرة الصحية التنظيمية والتي روعي فيها سمو الاهداف وحلحلة كافة إشكالات الراهن الصحي بالبلاد بدءاً من معالجة اوضاع الاطباء وإقناعهم برفع الإضراب ورعاية قضاياهم والعمل علي تطوير قدراتهم والحد من هجرة الكفاءات و مروراً بالمحاولات الجادة لتوطين العلاج بالداخل وإيقاف الاساليب الملتوية في الإتجار بالادوية والسموم واستجلاب المعدات والاجهزة الطبية غير المطابقة للمواصفات . ان الخلافات الجديدة التي ضربت وزارة الصحة ليس من المستبعد ان تكون ذات علاقة بالإصلاحات الجوهرية التي يجري تنفيذها بحكمة وروية فمتخذ القرار يدرس ثم يقرر ومن الواضح ان هذا الاسلوب لا يعجب الكثيرين ممن تعودوا على ( العزف المنفرد ) و اتخاذ القرارات الارتجالية والدفع بها للأعلى من أجل العلم فقط وكأن متخذ القرار الأعلى يعمل لدى متخذ القرار الأدنى ولعل هذا ما فجر أزمة إقالة مساعد الوكيل للشئون المالية والإدارية حينما تم تسريب إفادات تؤكد ان الوكيل لم يحصل له العلم بإقالة مساعده وان القرار جاء من أعلى والسؤال الذي يطرح نفسه متى كانت الإقالات تصدر من أدنى السلم الإداري ؟ والسؤال الثاني ماهي الاسباب الحقيقية وراء إقالة مساعد الوكيل وهل له علاقة بالاصول الحكومية والتلاعب فيها ؟ وما هي القرارات الاخرى التي ستأتي تباعاً وهل لها علاقة بما يجري في التأمين العلاجي وما علاقة كل ذلك بقرار سابق صدر يوجه بإيقاف العمل ببطاقة التأمين في المستوصفات الخاصة وجعله حكراً على الجناح الجنوبي والمركز التشخيصي المتطور مع ان الجهتين تتبعان لشركات خاصة ؟. ان الوزارة تعج بالمشكلات المتنوعة ومن المهم جداً متابعة العمل بهدف إحداث ثورة تصحيحية تصب لصالح توفير الخدمات الممتازة للمواطنين ففي ذلك مكسب للبلاد وللجهات الناشطة في هذا المجال ولكن على الجهات ذات الإختصاص الكبير ان تعمل حالياً على ( فرتقة ) الخيوط المتشابكة التي تحيط بالعمل الوزاري وتؤخره عن القيام بمهماته الموكلة اليه ، ان الإحتجاجات الصادرة بخصوص ان الاجراءات المالية والادارية داخل الوزارة والتعامل المباشر مع وزارة المالية من اختصاصات الوكيل وليس من اختصاصات الوزير او وزير الدولة تكشف تماماً العلة المزمنة التي تشكو منها الوزارة والتي تتمثل في وجود تنافر بين الوزراء الذين يتم تعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية وبين وكيل الوزارة الذي يعتبر نفسه الكل في الكل ، إنه وضع مغلوط وإلا فما الداعي الى تعيين وزراء اذا كانت الوزارات يتم تسييرها بالوكلاء والامناء العامين ..هل متخذ القرار الأعلى ( مخطئ) ليصنع المشاكسات ويستمتع بها أم ان العلة في الآخر الذي لا يرحب بمن يشكل تهديداً لمملكته الخاصة ؟ ان الامور اذا لم تستقم على اساس احترام المناصب الوزارية وتفهم العمل المكلفة به وحقها الاصيل في اتخاذ القرارات وفق التقديرات والحيثيات المعلومة فإن المسائل ستقود الى المزيد من الازمات بما يؤدي الى عرقلة وإفشال البرنامج الطموح للدائرة الصحية في تطوير العمل الطبي بالبلاد .