عادت مجدداً الخلافات والصراعات داخل وزارة الصحة بصورة أشد مما كانت عليه في السابق ومن الواضح ان فترة الهدوء النسبي لم تعجب البعض فقرروا تفجير الاوضاع وصناعة ضجة كبرى حول مدى وحجم صلاحيات الوزير مقارنة بصلاحيات الوكيل دون أدنى إعتبار للمجلس الإستشاري الذي توافق عليه الجميع ليكون هادياً ودليلاً لكافة اعمال الوزارة ، نعم إن المستفيدين من استمرار الصراع داخل هذه الوزارة قررواإرسال رسالة واضحة الى الكبار بأنه لم يعد بالإمكان إيجاد أرضية مشتركة بين الوزير والوكيل ولابد من ذهاب احدهما مفسحاً المجال لغيره ليقود الخدمات الصحية الي بر الأمان دون أن يضطر متخذ القرار الى الإعتذار للشعب السوداني عن التردي في الخدمة في المستشفيات الحكومية . لقد كتبنا وقتها ان الاعتذار مقبول وهو من الفضائل ولكن يتوجب ان يتحمل المسؤولية من يتحملها فليس من المقبول ان يحوج الصغار الكبار للإعتذار دون ان يتخذ الكبار القرارات المناسبة لإعادة الامور الى نصابها ، لقد تحملت الجهات العليا من قبل مسؤولية حسم الصراع بوزارة الصحة وتمت إقالة وكيل الوزارة السابق د. عبدالله سيد أحمد رغم ما افرزته الخطوة من تأثيرات الا ان الحسم كان واجباً وناجعاً ومن الواضح ان القيادة تحتاج الى خطوة عاجلة لإنهاء حالة الصراع المانع للتطوير في مجال الخدمات الصحية والخلافات المستمرة الناشبة بين وزير الدولة ووكيل الوزارة . سنستعرض طبيعة الخلافات بين الرجلين عبر هذه الحلقات بيد اننا نريد في هذه الإفتتاحية ان نشير الى آخر مستجدات الصراع فقد اصدر وكيل الصحة في السابع والعشرين من الشهر الماضي قراراً إدارياً بإعفاء مساعده لشئون الطب العلاجي وتعيين آخر بديلاً منه وهو الامر الذي وجد إستياءاً من وزير الدولة فأصدر بدوره قراراً وزارياً بإلغاء قرار الوكيل وإعادة تعيين المساعد المعفي في مكانه وهي خطوة يعتبرها المراقبون فصلاً متقدماً من الصراع بين الحرس القديم الممسك بتلابيب الامور داخل الوزارة والمجددين القادمين من الدائرة الصحية للحزب الحاكم لمعالجة إشكالات الخدمات الصحية. نعم يجب ان نضع النقاط فوق الحروف فلم يعد ممكناً استمرار التعايش السلمي بين الوزير والوكيل ولابد من معالجة الامر جذرياً ومتخذ القرار أدرى بمن سيكون عليه اللحاق بمن سبق لأن المواطنين المساكين بدورهم يحتاجون لمن يحسم الصراع لمصلحة العمل فهم المتضررون الوحيدون من تردي الخدمات في المستشفيات الحكومية ومن المعروف ان الكبار يجدون متسعاً من المال للتداوي في المستشفيات الخاصة باهظة التكاليف او بالخارج ولذلك من العدل ان يتم حسم الصراع بالصحة لصالح الجماهير ولصالح العمال والموظفين الذين ظلوا يضربون مراراً وتكراراً عن العمل بسبب تغييب استحقاقاتهم المالية . كل الامور ترتبط ببعضها البعض فالفشل في خدمات العلاج بالمستشفيات يتحمل مسؤوليته من ؟ وحقوق العاملين المباشرين للتعامل مع المواطنين بالمستشفيات من المسؤول عن ضياعها او تضييعها ؟ وبماذا كانت الجهات المختصة منشغلة حتى وصلت الامور الى التردي المريع الموجب للإعتذار ؟ وهل سبق وان تلقت الجهات العليا شكوى من انعدام التنسيق بين قيادات الوزارة وضرورة حسم هذه المشكلة ؟ كل هذه الاسئلة سنحاول تسليط الضوء والإجابة عليها مساهمة منا في حسم وفك طلاسم الصراع بوزارة الصحة . ولكن دعونا قبل تحليل الوضع الحالي الإستفسار عن الاسباب الجوهرية التي حدت بوكيل الصحة إعمال صلاحياته الإدارية وإعفاء مساعده لشئون الطب العلاجي ومدى اتساقها مع واقع الحال وبراءتها لأن الرد على هذه الخطوة جاء قوياً وتطلب اصدار قرار وزاري فلماذا عمد الوكيل الى هذه الخطوة اذا كان بالإمكان إعمال مبادئ الشورى وإطلاع المجلس الإستشاري للوزارة بالأمر قبل اعتماده وارسال صورة لمدير مكتب الوزير ؟