يقال للشخص، عادة، حينما ينال قسطا كبيرا من النوم خاصة حينما يكون خارجا عن العادة «نوم العوافي». وتحقق مقولة «نوم العوافي» اكثر من هدف منها أن يطمئن السائل على محدثه مستفسرا إن كان نومه الطويل لأسباب معافية وليست لأسباب مرضية او غير مطمئنة. وكان يوم الثلاثاء السادس عشر من نوفمبر 2010، أول ايام عيد الأضحى المبارك. واحتفل المسلمون بهذه المناسبة المباركة «وكل عام وانتم بخير». وتختلف طرق الاحتفال بالعيد، فبينما وصلت ايام الإجازة في السودان إلى العشرة ايام، كانت إجازتي هنا والتي اقتلعتها قلعا هي اربعة وعشرون ساعة فحسب. وقبيل ان أبدأ التذمر بدأت استدرك نفسي لأن هنالك من حضر إلى الصلاة ثم خرج منها إلى مكان العمل مباشرة، وهنالك من لم تمكنه الظروف من اداء مراسم صلاة العيد أصلا. وفي لحظة، كان من الصعب عليّ تصور المفارقات ما بين الجهد الذي نبذله نحن هنا من اجل الحصول على ساعات نؤدي فيها الصلاة وما بين العشرة ايام الكاملة التي تقدم في بلادنا إجازة بمناسبة العيد «الكبير» على طبق من ذهب. وأكاد استمع في هذه اللحظة إلى بضعة همهمات قد تكون صادرة عن فم القارئ. تقول الهمهمات ان ربما كان السبب وراء الإجازة الصغيرة التي نستقطعها هنا للاحتفال بعيديّ الفطر والأضحى هي ان هذا المجتمع لا يكاد يدرك ميعاد اعيادنا دع عنك ان تكون هنالك إجازات مخصصة لها. ولذلك وجدتني احاول حصر عدد الإجازات الرسمية بالولاياتالمتحدة، وهي عيد الشكر، الكريسماس، رأس السنة، ميلاد مارتن لوثر كينج، يوم الذكرى، يوم المحاربين،عيد الاستقلال، يوم العمال، وكل يوم بالمناسبة تكون إجازته يوما فعلا، فحينما يكون هنا عيد الاستقلال الإجازة الرسمية هي الرابع من يوليو لا تقل يوما ولا تزيد عنه ساعة. ويجد الموظفون انفسهم يعودون إلى اعمالهم في ثاني يوم وكأنه لم تكن هنالك إجازة اصلا. وبعملية حسابية بسيطة «جداً» نجد أن عدد الإجازات الرسمية بالولاياتالمتحدة هي حوالي ثمانية ايام فقط، أي ان ما حصل عليه المواطن السوداني كإجازة بمناسبة عيد الأضحى فقط يماثل ما تقدمه الولاياتالمتحدة لموظفيها في سنة كاملة. ليس الغرض من هذا العمود هو إبداء مشاعر «الحسد» على الإجازة الطويلة التي كان من الممكن لي الاستمتاع بها في حالة وجودي في السودان بدلا من الأربع والعشرين ساعة التي تحصلت عليها هنا. وليس الغرض هو عقد مقارنة عقيمة ما بين الإجازات الرسمية في السودان والولاياتالمتحدة، لكن هو حقيقة لإبداء الحيرة. إنه من المسلم به ان نحتفل بالعيد، فهو مناسبة دينية عظيمة ولا جدال، لكن تعطل مصالح المواطنين بسبب تعطيل المصالح الحكومية لعشرة ايام كاملة يحيرني. لقد كنا نسمع كثيرا المثل الذي يعني بأن كل من جد في حياته في يوم سيجد بينما كل من استراح «راح» ايضا. وكنت افكر في إننا نحتاج الى ان نعمل بكل جهدنا وطاقتنا من اجل النهوض ببلادنا، فنجد لكي نجد، وإلا نبقى في ايام راحتنا الكثيرة هذه، فنجد انفسنا تحت إيقاع الحياة السريع ايضا «نروح» وإجازة العوافي..!!