في الأنباء أن هنالك ترتيبات تجري لإدماج فاتورتي الكهرباء والماء في فاتورة واحدة يدفعها المستهلك عند منافذ بيع الكهرباء، ويتضح من هذه الخطوة أن الحكومة قد قررت تغيير خطتها الجبائية المائية بعد فشل كل الخطط السابقة في تحقيق أعلى ربط ممكن، فآثرت أن تلعبها هذه المرة مع المستهلكين على طريقة «دبل كيك» «Double kick»، لعبة مزدوجة تصطاد بها عصفورين بحجر واحد، عصفور الكهرباء الذي أمسكت به تماماً منذ تاريخ إدخال «الجمرة الخبيثة»، وستضيف إليه الآن عصفور الماء بعد دمج الخدمتين في فاتورة واحدة بحيث يتعذر على المستهلك الحصول على الكهرباء إن لم يدفع «حق» الماء، الآن وفوراً وإلا لفقد الخدمتين معاً وأصبح بيته مثل عش الصقور كما يقال «لا موية لا نور»، والحكومة بهذا الاجراء تبدو وكأنها تلجأ لحيلة التاجر المشرف على الإفلاس، وهي كذلك بما تواجهه من ضوائق مالية حالية ومرتقبة، ولهذا عكفت على مراجعة دفاترها القديمة و(فلفلتها) علها تجد فيها بعض المخارج وكان أن وجدت أحدها في فاتورة الماء والبقية تأتي.... صحيح أن إجراء دمج خدمتي الماء والكهرباء في فاتورة واحدة هو ترتيب معمول به في بعض بلدان محيطنا العربي القريب، وصحيح أيضاً أنه الاجراء الأكثر ناجزية وفعالية في تحصيل فاتورة الماء التي فشلت كل الطرائق والوسائل السابقة في تحسين مستوى التحصيل والارتفاع به إلى السقوفات التي تنال رضاء القائمين على أمر الخدمة، ولكن يبقى من العسير جداً الجمع بين خدمتين لم يجمع الله بينهما، فحين يقول الله سبحانه وتعالى «وجعلنا من الماء كل شئ حي» فذلك يعني أنه لا يمكن موازاتها أو مساواتها بأي خدمة أخرى، كما لا يفوت على (فطنة) الحكومة أيضاً أن الذي تسبب وسيتسبب في عثرها وتعسرها المالي هو بالضرورة على حال المواطنين أعثر وأعسر بالدرجة التي لا تمكن الشرائح الضعيفة منهم وهي شرائح غالبة في المجتمع من دفع الفاتورة المدمجة فيفقدوا جرّاء ذلك الماء الذي لا غنى عنه قياساً بالكهرباء التي هي أصلاً لا تصل لقطاع واسع من أفراد الشعب السوداني، ولكي لا يفقد الناس حتى الماء بسبب الفاتورة المزمعة فذلك يتطلب مراعاة أوضاع وأحوال أفقر وأضعف الشرائح، إما بالدعم المباشر أو بأي طريقة أخرى لا تجعلهم يفقدون الماء بسبب الفاتورة الجديدة التي لا قبل لهم بها، وبقدر ما تنجح الحكومة في إجتياز هذه المعادلة الدقيقة سينجح مشروع الفاتورة المدمجة، وإلا فانها ستبؤ بغضب الله قبل غضب الجماهير واللهم قد بلّغت فاشهد....