رغم غلاء (خروف الضحية) والارتفاع الجنوني في اسعار السلع الاستهلاكية، وقلة وسائل الترفيه وبرامج التلفزيون البايخة، الا ان العيد له نكهته المميزة في السودان وتتمثل في لمة الناس واجتماعهم في ساعة خير (وايه الدنيا ايه غير لمة ناس في خير او ساعة فرح)..؟! العيد مظهر احتفالي انساني رائع في سلام الناس وكلامهم وامنياتهم المتفائلة التي تتجسد في تهاني العيد (كل سنة وانت طيب وكل عام وانت بخير والسنة الجاية عريس) الامنيات تعكس تفاؤل الناس وروحهم الجميلة التي تتمنى الخير للناس واشتياقهم لعرس العزابة والامنيات نفسها عبقرية سودانية في تقديم التهاني (فالسنة الجاية عريس) توحي بأن الشهور المتبقية اعداد لمارثون الزواج وهو مظهر ديني واجتماعي وانساني يكتسب اهميته، ولكن لماذا لا تتكرر مقولة (السنة الجاية عروس)؟! هل لأن الفتاة ليست مبادرة وما روته احدى النساء المشتغلات في الحقل السياسي بأن والدها لم يعارض انضمامها للعمل السياسي ولكنه كان يقول لها (بس عاوزك تعرسي يا بتي) فردت عليه قائلة (طيب خلاص اطلع الشارع واهتف بالصوت العالي.. انا عندي بت عاوز ليها عريس!! وبعد ان تزوجت هذه السياسية كان زوجها يداعبها (عارفة انا واحد من الذين ندهوهم في الشارع)...! ولكن الفتاة الآن اصبحت مبادرة ويمكن ان تخطب وليس بطريقة مباشرة وانما بالتلميح (وان كيدهن عظيم)... و(السنة الجاية عروس)!! بالمناسبة مبروك لكل العرسان الذين تزوجوا في هذا العيد والذين لم يتزوجوا (السنة الجاية عريس والسنة الجاية عروس).... اعود للحديث عن حكايات عيد الاضحى المبارك او عيد الفداء العظيم وهو يرتبط بذبح الاضحية الشعيرة العظيمة تقربا لله سبحانه وتعالى ويرتبط بحج البيت العظيم وهنيئا لحجاج بيت الله الحرام وحجا مبرورا وسعيا مشكورا... وهذه مبادئ غابت عن كثير من الاجهزة الاعلامية التي اغرقتنا في موجة وطوفان البرامج الغنائية وفي قناة النيل الازرق تدخل الغناء في كل البرامج لدرجة ان برنامجا رياضيا ممتعا قدمته ميرفت حسين وامجد تم ادخال الغناء فيه، وفي التلفزيون القومي تواصلت موجة البرامج الغنائية الا قناة الشروق الفضائية.. تميزت في الاخبار كعادتها ولم ينام ديسك الاخبار في العيد وقللت الشروق من البرامج الغنائية.. والحديث عن برامج العيد ما لها وما عليها سيكون موضوع صفحة «اوراق الورد» الخميس القادم وسأكتب رؤية نقدية عن غياب الافكار الجديدة وتشابه الافكار والوجوه وقصة المجاملات والعشوائية ولا انسى اصدقائي الذين سوف ينالهم النقد اللاذع وارجو الا يزعل احد ويكون الناس روحهم رياضية. والدنيا عيد وكل عام وانتم بخير.. وفي العيد شكل المسرح حضورا هذا المرة ورغم انني لم اشاهد الاعمال المسرحية المقدمة حتى الآن الا انني احيي المسرح القومي والمسرح الوطني «البقعة» على تقديم اعمال مسرحية في العيد بعد مواسم من التوقف في الاعياد. ومن المظاهر السلبية في الخرطوم وام درمان وبحري هي الاوساخ التي تكدست في الشوارع ويبدو ان عمال النظافة اخذوا اجازة في العيد وهذه الدولة الوحيدة في العالم التي تغيب فيها النظافة في العيد واذا استمر الوضع على ما هو عليه مع تكدس بقايا خراف الاضاحي والمخلفات والاوساخ في الشوارع يمكن ان تكون فترة ما بعد العيد موسما للامراض والاوبئة ويبدو ان تلك هي عيدية ولاية الخرطوم لمواطني الولاية..!! ان محليات الخرطوم ما زالت مشغولة بالجباية ولو وجدت طريقة لمارست الجباية في العيد وبعض مسؤولي المحليات لا يفهمون عملهم ويريدون ان يتحدثوا في القضايا السياسية وقضايا الوحدة والانفصال وقضايا السودان الخارجية..! ورغم كل هذه الاثافي الا ان العيد مختلف في السودان، انها تجليات وعبقريات الشعب السوداني، ولكن من اشراقات العيد توقف حملات الجباية المرورية، وقلة الاختناقات المرورية في الخرطوم ويبدو ان الجباية المرورية ستعود بعد العيد...! باللائحة «الجديدة».. ومن عبقريات الادارة العامة للمرور انها زادت اللائحة المرورية ولما اعترض الناس تم العودة للائحة القديمة وقالوا انهم طبقوا اللائحة (الجديدة)..! في إيحاء، وكأن الامر تم فيه تخفيض..! وادخلت ادارة المرور (ربط الحزام) في عاصمة شوارعها تحتاج الى ربط احزمتها قبل ربط حزام السائقين..! هذا العيد في الخرطوم بكل حزنه وألمه وفرحه ورغم كل شئ الناس تتفاءل .. وكل سنة وانت طيب.. والسنة الجاية عريس..!