السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قمة الدوحة» نجحت بفضل القيادة الحكيمة.. ومشاركة البشير كانت حدثاً كبيراً
سفير دولة قطر في الخرطوم يروي تجربته في محافل الدبلوماسية
نشر في الصحافة يوم 24 - 11 - 2010

«العمل الدبلوماسي ليس حريرا و لا عطرا، وإن بدا وكانت تلك ملامحه وقسماته، وانما هو عمل جاد لمصلحة الوطن، إن كثيرا من الناس يتوهمون ان العمل الدبلوماسي هو فضاء مخملي ملئ بمظاهر الرفاه والمتعة، ولكنه اكثر المهن التي تفرض على شاغلها سلوكا يتسم بالاحتشام والالمام بدقائق الأمور عن وطنه تاريخا وحاضرا وربما مستقبلا من كافة النواحي، وفي نفس الوقت ينبغي عليه الالمام بالبلد الذي يعمل به، ويتعين على الدبلوماسي المثابرة على الاطلاع والمعرفة والمتابعة، وأن يكتم انفعالاته وردود فعله تجاه كل حالة وموقف، فالعمل الدبلوماسي مثير وممتع، وله بريق على المستوى الرسمي وفي الجانب الشخصي، ولا بد أن يكون لدى الدبلوماسي الاحساس بتمثيل الوطن تمثيلا مشرفا».
بهذه الكلمات استهل السفير علي بن حسن الحمادي، سفير دولة قطر لدى الخرطوم، كتابه «في محافل الدبلوماسية فكرا وتجربة» الذي صدر في عام 2010م، ويسجل تجربته العملية في السلك الدبلوماسي، ويقدم خلاصة معرفته للدبلوماسية كعلم وفن في مختلف العصور، والسفراء في العصر الحديث والدبلوماسية في الإسلام، وذلك بأسلوب علمي رصين، يفيد ناشئة السلك الدبلوماسي، ولا غنى لأي مهتم بالدبلوماسية والعلاقات الدولية عن هذا الكتاب الذي يعد مرجعا مهما.
صورة من قريب
السفير علي بن حسن الحمادي من أرومة سامقة في دولة قطر، من بيت علم ودين، وانتماء اصيل للوطن، فهو معتز بتراثه، ومعبر عن تقاليده السمحة، ومتفائل بحاضره وبشريات مستقبله، ويتميز بخصال حسان يتفق بشأنها كل من عرفه، ومن ابرزها: الحصافة والكياسة والتواضع الجم، وحب المعرفة، والقدرة على الحوار الهادف الايجابي، والاناءة والتأمل، والانتماء الحميم لقضايا الوطن، والقدرة على بناء الوشائج الحميمة ودفء العلاقات الإنسانية، والتطلع الدائم لمزيدٍ من المعارف والمهارات.. وكل هذه الصفات جعلته نجاحا، ويقدم بذلك ما يعرف في علم الادارة ب «القائد صاحب الرسالة»، ومنهجه استلهام القيم الإسلامية وغرس وترسيخ قيمة «قبول الآخر»، ويقول عن نشأته «نشأت في بيئة متسامحة مستقرة، أعطتني مبكرا إمعان النظر للناس وللاماكن والاشياء بشيء من الاهتمام والتأمل، وجعلتني اختزن مشاهد ومواقف وملاحظات واحياناً اقوالا او احداثا، دفعتني للمثابرة على المعرفة»، ودرس التاريخ بكلية الآداب في بيروت، وبعدها اكمل دراسته في الاسكندرية لأنه علم يستهويه ويشده الى ماضي البشرية، تاريخ الحضارات والأمم والثقافات والامبراطوريات والممالك والفتوحات والتحولات والمتغيرات عبر العصور. وجاء التحاقه بالخارجية القطرية سلسا ومريحا، ووجد رؤساء وزملاء على مستوى عالٍ من الخلق والتفاهم والتعاون، واعانوه بخبرتهم ومعرفتهم من خلال الارشادات والتوجيهات التي عززت قدراته وزادت معرفته الدبلوماسية.
الدبلوماسية القطرية
اتاحت ظروف العمل للسفير الحمادي التعرف عن قرب على همة وقدرات معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية «ابو الدبلوماسية الحديثة» الذي قام بجهد متميز ومبدع في تنظيم الوزارة واعطاها من ذات نفسه الكثير، حتى أصبحت شخصية اعتبارية نظمت العلاقات الخارجية بينها وكل الوزارات، ووضعت في موقع الصدارة دولة قطر في المحافل الدولية، ووضح انه تعلم من شيخه «الاقدام والمبادرة والمقدرة على الاختراق الايجابي في مواجهة الأزمات الحادة والحنكة والبصيرة النافذة في ادارة الحوار والموهبة الاقناعية في اجتياز العديد من الأزمات»، وله في ذلك نجاحات في الاختراق الايجابي في مواجهة الأزمات الحادة، ومن أمثلة ذلك العراق، اليمن، لبنان، فلسطين، اريتريا، جيبوتي، السودان، واسهمت حنكته وبصيرته النافذة في ادارة الحوارات، وموهبته الاقناعية في اجتياز العديد من الازمات. وقد استن معاليه سنة حميدة بتعميم تجربة بناء مقار للسفارات مملوكة للدولة، والعلم القطري يرفرف فوقها في معظم دول العالم. وايضا زامل سعادة السيد أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي كان وقتئذٍ من القادة التنفيذيين وتسنم ارفع المناصب الى ان اصبح وكيلا للوزارة، ثم وزير دولة. ويشهد له المؤلف بمميزات واضحة في التخطيط والتنفيذ والمتابعة، مما جعله قدوة يترسم خطاها الكثير من الدبلوماسيين، ومن مميزاته متابعاته الشخصية للأمور، والحرص الشديد على الأداء الجيد للدبلوماسي حتى يتمكن من توضيح دور بلاده في القضايا التي يشارك فيها، مما دفع بالدبلوماسي القطري لأداء مهامه بكل دقة وحرص شديدين في سبيل خدمة الوطن.
تجارب ورؤى
تعود فاتحة تجارب وخبرات السفير الحمادي في العمل الدبلوماسي لعام 1976م، حيث كان ضمن نخبة تم اختيارها بعناية لكي تكون المجموعة الوطنية الرائدة في العمل الدبلوماسي في دولة قطر. وكانت تجربته الأولى في الديوان العام لوزارة الخارجية التي تنتظم في بوتقة إدارات متخصصة، اتاحت له فرصة الفهم المتكامل للعمل الدبلوماسي، وكانت موريتانيا المحطة الأولى بالنسبة له في العمل الدبلوماسي، حيث انفتح انفتاحا ذكيا متبصرا على البيئة الموريتانية الاجتماعية والثقافية، ويحدثنا بأن الكثير من الادباء العرب يطلقون على موريتانيا بلد «المليون شاعر»، وعاد مرة ثانية الى ديوان الوزارة . وكانت تجربته في الكويت عام 1979م ولاربع سنوات اضافة ثرة وعميقة لمعارفه وتوجهاته. وبعد عودته الى ديوان الوزارة شارك في كثير من الاجتماعات والمؤتمرات الاقليمية والدولية، منها اجتماع الدورة «39» للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك عام 1984م، وزادته هذه التجربة فهما أعمق للسياسة الدولية وتفاعلاتها، وإلماما بأساليب الحوار وصنع القرار فيها في إطار المصالح القطرية والاقليمية. وانفتحت امامه ثقافة جديدة في تفردها وتنوعها عندما حط الرحال في بلجيكيا وعاصمتها بروكسل مقر الاتحاد الاوروبي، وتنقسم الى بلجيكيتين تتحدث احداهما باللسان الفرنسي والاخرى باللغة الهولندية، ورغم هذا الاختلاف فإن المجتمع يتمازج ويتفاعل في اطار الدولة الواحدة. واهم الدروس العملية كانت في التعامل مع القضايا الدولية والايمان بالحوار وتبادل وجهات النظر مع الآخر. وكان مكلفاً بالقيام بأعمال سفارة قطر في لشبونة «البرتغال». وقادته الوحدة الاوروبية الى التفكير والمقارنة بين الوضع في الاتحاد الاوروبي والواقع في العالم العربي حينئذٍ، فقال «كان يراودني تفكير عن واقعنا العربي، حيث إن الامة العربية تتماثل في كل شئ، الدين واللغة والتاريخ والثقافة، إلا أنها لا تتفق في كيفية إدارة مصالحها، ولم تمنح المصالح المشتركة الاهتمام الكافي خاصة في ذلك الوقت، في حين أن الاوربيين، رغم اختلاف لغاتهم ومذاهبهم الدينية والحروب التي مروا بها، إلا انهم وضعوا مصالحهم المشتركة في المقدمة، وتمكنوا من تكوين كيان يضم دولهم وهو الاتحاد الاوروبي». وفي عام 1991م عاد الى ديوان الوزارة في ادارة الشؤون القنصلية اولا ثم ادارة الشؤون العربية التي يراها محطة مهمة في تجربته الدبلوماسية، حيث تعرف عن قرب على القضايا العربية ومنهجية العمل في جامعة الدول العربية، واتيحت له فرصة العمل بسفارة وطنه في القاهرة، كما مثل بلاده مساعدا للمندوب الدائم لدولة قطر بجامعة الدول العربية، الأمر الذي اتاح له فرصة الاسهام في التحضير لعدة اجتماعات للقمة العربية، ومعايشة ما خلصت اليه من قرارات حول الاوضاع في العالم العربي، ومن اهمها اعتماد آلية الانعقاد الدوري السنوي المنتظم للقمة العربية الذي اتخذ في القمة العربية غير العادية في القاهرة في اكتوبر 2000م، ويخلص الى القول إن «الجامعة ينبغي أن تكون اداة لصنع الرخاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي للامة العربية، رغم بعض السلبيات التي تطفو على السطح من حين لآخر».
بلاد النيلين
تم اختيار الحمادي ليكون سفيراً لدى جمهورية السودان في مطلع عام 2003م ولايزال في منصبه، وسجل تجربة أمينة في ارض النيلين، واستطاع بفضل كياسته أن يبني علاقات قائمة على المحبة والاحترام والمصالح المشتركة وعلاقات حميمة مع السودانيين، بدءا بفخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير ونائبه الأستاذ علي عثمان محمد طه والعديد من الوزراء، سواء من الشمال أو الجنوب، منهم السيد علي كرتي وزير الخارجية، ورموز المجتمع السوداني في كافة المجالات الذي وصفه ب «مجتمع الثقافة والفكر»، وأعطى لجوهر منصب السفير معناه الحقيقي والاصيل، وتولى عمادة السلك الدبلوماسي، والعمادة تعد تكليفا وليست تشريفا، ومنصبا يتمتع به السفير تلقائيا لاقدميته بين زملائه، وهو ممثل جميع السفراء، ويكون في بعض الاحيان نقطة الوصل بين الحكومة المعنية والسفراء، ومهامه بعضها تمثيلي بروتكولي والبعض منها غايته الدفاع عن مصالح وامتيازات وحصانات الدبلوماسيين، فالعمادة زادت من خبراته وضاعفت مسؤولياته. ومن المواقف التي ظلت خالدة باقية، واشدها تأثيرا في حياته، ما حدث خلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، امير البلاد المفدى، الى السودان في فبراير 2009م، وعقب المباحثات الرسمية في «بيت الضيافة» في الخرطوم لفت نظره التفاتة للرئيس عمر البشير على سمو الأمير وهو يتحدث لسموه «سفيركم .. عرف الحياة السودانية وأنه ما من مناسبة إلا وجدته في مقدمة الحضور» والتقط الحديث الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس حيث قال «لقد جمع السفير اهل السودان في دار دولة قطر على محبة وتفاهم وود واحترام»، وهذا الموقف يعتبره شهادة رفيعة ووساما غاليا يعتز به، وفي جانب آخر يوضح نظرته الى الرئيس عمر البشير كما عرفه «انسان طيب المعشر، حسن الخصال، ودود في تعامله على المستوى الانساني، ومتواضع ويتواصل مع الجميع بلا تكلف او تصنع». ويعتبر الحمادي الشخصية السودانية ذات صفات حميدة وتنسج علاقات محورها المحبة والتقدير والاحترام. ومن الشخصيات التي عرفها أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني الذي يتميز بالحنكة في الإدارة، والدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية الذي تربطه به علاقة أخوية واحترام متبادل، وأيضا الراحل السفير أحمد عبد الحليم مندوب السودان في الجامعة العربية الذي كان يطلق عليه «عم أحمد»، والدكتور حسن أبشر الطيب الرجل الموسوعة والخبير الإداري.
قمة الدوحة
وسجل السفير الحمادي تجربته في مؤتمر القمة العربية «قمة الدوحة» التي عقدت في 30 مارس 2009م، في ظل تطورات ذات وتيرة دينامكية إقليميا ودوليا، حيث كانت القيادة الحكيمة المتمثلة في دولة قطر وفي حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وجهود معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر، رئيس الوزراء وزير الخارجية، والخبرات والكفاءات المتخصصة لكل الأجهزة، على مستوى التحدي العظيم في التنظيم والترتيب والدقة ونجاح «قمة الدوحة» التي اتسمت بنشاط كثيف وحيوية بالغة، واحتلت الصدارة، وأخذت حيزا في التغطية الإعلامية وفي نشرات كل الفضائيات. وأشاد مراقبون ومحللون بالنظام والانضباط والكفاءة وما وفرته دولة قطر للزعماء العرب إلى جانب الوفود العربية، مما أدى إلى هذا النجاح، حيث باتت الدوحة ذات خبرة متميزة في تنظيم المؤتمرات الدولية. وكانت الإشادات الرفيعة تتوالى للإدارة الحكيمة والحنكة لسمو الأمير لمداولات القمة وأسلوبه السديد والمرن في معالجة كل موقف، مما جعل القمة العربية تعبر عن ثقتها التامة في أن رئاسته تقود العمل العربي المشترك إلى مرافئ الأمان وخير الأمة العربية. وارتبطت بهذه القمة مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير في ظل قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، وقد طرحت تساؤلات، هل يجازف الرئيس بالسفر إلى الدوحة وهو مهدد من مدعي عام المحكمة بالاعتقال أو خطف طائرته؟وكانت الدوحة قد تلقت إفادة بمشاركته في القمة، الأمر الذي كان مؤشرا ايجابيا وعاملاً من عوامل النجاح، حيث أحدث وصوله إلى الدوحة دويا إعلاميا كبيرا وتصدر النبأ الفضائيات.
مواقف وأحداث
زيارة مدينة القدس الشريف ستظل محفورة في ذاكرة وجدان السفير الحمادي، ويصعب نسيانها، فقد تنسم عبرها عبق التاريخ التليد، والزيارة جاءت بتكليف رسمي باعتباره عضوا في لجنة قطرية لتوفير احتياجات مدينة القدس، وتوافق ذلك مع رغبته في زيارتها، لتأمل معالمها والصلاة في المسجد الأقصى، وكانت الزيارة بتوجيهات كريمة لتفقد المدينة المقدسة، وكانت الصلاة في المسجد الأقصى بكثير من الخشوع والهيبة والطمأنينة والسكينة، وسأل السفير الحمادي الله سبحانه وتعالى، سرا وجهرا، أن تعود القدس إلى سيرتها الأولى.
من المواقف أيضا مقابلته الأستاذ محمد حسنين هيكل، حيث دار بينهما حوار مثمر تركز حول ضرورة التواصل والتعاون بين الشعوب والدول العربية لصون مصالحها ومقدراتها ومواردها، وان تعرف الأمة العربية قدرها ومقدراتها ومواردها الهائلة وقوتها الكامنة في موقعها وإمكانياتها ومواردها.
ومن لطائف الكتاب، عند مشاركة السفير الحمادي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع بالدار البيضاء بالمملكة المغربية ديسمبر 1994م، وبعد انتهاء أعماله، كان في جولة في أسواق الدار البيضاء، وفي محل للتحف حيث قال صاحبه انه من عائلة «العلمي» وكان الاعتقاد أنها من فلسطين، لكن صاحب المحل قال إن أصلهم من المغرب، وكانوا أثناء رحلة الحج يمرون بفلسطين واستقر بعضهم هناك، وكانت هذه معلومة مهمة ولطيفة.
وراء كل لوحة حكاية
وكان السفير الحمادي قد أكمل مهام عمله في مصر، واشترى لوحات تشكيلية، لكنه توقف أمام لوحة عليها لفظ الجلالة «الله» وكانت مبهرة من حيث الألوان والخط، لكنه اكتشف أن ما تبقى من نقد لا يفي ثمن اللوحة، وشعر بعدم الرضاء لعدم اقتنائها، وغادر المحل وفي قلبه شيء من عدم القبول، ولكن كانت المفاجأة انه تلقى في اليوم الثاني «طردا» من صديق ملفوفا بعناية، وكانت ذات اللوحة الرائعة، وقد تعجب كيف تيسر لهذا الصديق اختيار هذه اللوحة، ولم يجد تفسيرا لهذا الموقف سوى أنها «هدية ربانية».
خير جليس
الكتاب يقع في «263» صفحة، ويحتوي على أربعة فصول وخاتمة، وملحق صور للسفير الحمادي تسجل محطات مهمة مع شخصيات بارزة في العديد من عواصم العالم. وسجل بروفيسور حسن أبشر الطيب شهادته عن هذا السفر، في مقدمته حيث ذكر: «كتاب جدير بالاقتناء والقراءة والتأمل والثناء، يحفل بثراء التجربة الدبلوماسية، واستشراف الفكر الإسلامي والعربي، وما قدمه من أطروحات ومبادئ وقيم في ميادين الدبلوماسية والعلاقات الاقليمية والدولية، وتتمازج هذه التجارب الثرة، وهذه الرؤى والأفكار، في إطار منظومة موحية شادها المؤلف على قاعدة مبنية على الاصالة، وعلى الانتماء الحميم لوطنه والتراث الإسلامي والعربي، وعلى ما ينتج من كل ذلك من معطيات حضارته ومن مشاعر موحية وصادقة ومعبرة عن فهم عميق ومتكامل لمعاني الدبلوماسية في أدق وأكمل معانيها».
أما البروفيسور علي محمد محمد شمو، فسجل شهادة جاء فيها: «امشاج من الخبرة والتجارب الدبلوماسية خطها المؤلف في هذا السفر الرائع الذي سيجد فيه القارئ ما لا يستطيع الحصول عليه في مؤلفات مماثلة.. ففيه الدبلوماسية عبر العصور والدبلوماسية والعلاقات الدولية في الإسلام.. وكيف كان الإسلام ديناً وثقافة وعقيدة قد انتشر عالمياً بالكياسة والحجة والمنطق.. وستجد فيه معلومات ثرة عن اصول الدبلوماسية وفروعها كالاتيكيت والبروتكول والمراسم .. عرضها المؤلف بطريقة ذكية لن تمل قراءتها.. فالمؤلف خبير في هذا المجال وعمل في السلك الدبلوماسي في أوروبا وأفريقيا وفي عالمه العربي، واستقر به المقام في السودان فأحبه أهله وأحبوه.. وبالرغم من كل ذلك فهو يرى أن «الدبلوماسية ليست حريرا ولا عطرا».. حقا أن الدبلوماسية مجموعة من المبادئ والقيم توظف لخلق مجتمع دولي متصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.