أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قمة الدوحة» نجحت بفضل القيادة الحكيمة.. ومشاركة البشير كانت حدثاً كبيراً
سفير دولة قطر في الخرطوم يروي تجربته في محافل الدبلوماسية
نشر في الصحافة يوم 24 - 11 - 2010

«العمل الدبلوماسي ليس حريرا و لا عطرا، وإن بدا وكانت تلك ملامحه وقسماته، وانما هو عمل جاد لمصلحة الوطن، إن كثيرا من الناس يتوهمون ان العمل الدبلوماسي هو فضاء مخملي ملئ بمظاهر الرفاه والمتعة، ولكنه اكثر المهن التي تفرض على شاغلها سلوكا يتسم بالاحتشام والالمام بدقائق الأمور عن وطنه تاريخا وحاضرا وربما مستقبلا من كافة النواحي، وفي نفس الوقت ينبغي عليه الالمام بالبلد الذي يعمل به، ويتعين على الدبلوماسي المثابرة على الاطلاع والمعرفة والمتابعة، وأن يكتم انفعالاته وردود فعله تجاه كل حالة وموقف، فالعمل الدبلوماسي مثير وممتع، وله بريق على المستوى الرسمي وفي الجانب الشخصي، ولا بد أن يكون لدى الدبلوماسي الاحساس بتمثيل الوطن تمثيلا مشرفا».
بهذه الكلمات استهل السفير علي بن حسن الحمادي، سفير دولة قطر لدى الخرطوم، كتابه «في محافل الدبلوماسية فكرا وتجربة» الذي صدر في عام 2010م، ويسجل تجربته العملية في السلك الدبلوماسي، ويقدم خلاصة معرفته للدبلوماسية كعلم وفن في مختلف العصور، والسفراء في العصر الحديث والدبلوماسية في الإسلام، وذلك بأسلوب علمي رصين، يفيد ناشئة السلك الدبلوماسي، ولا غنى لأي مهتم بالدبلوماسية والعلاقات الدولية عن هذا الكتاب الذي يعد مرجعا مهما.
صورة من قريب
السفير علي بن حسن الحمادي من أرومة سامقة في دولة قطر، من بيت علم ودين، وانتماء اصيل للوطن، فهو معتز بتراثه، ومعبر عن تقاليده السمحة، ومتفائل بحاضره وبشريات مستقبله، ويتميز بخصال حسان يتفق بشأنها كل من عرفه، ومن ابرزها: الحصافة والكياسة والتواضع الجم، وحب المعرفة، والقدرة على الحوار الهادف الايجابي، والاناءة والتأمل، والانتماء الحميم لقضايا الوطن، والقدرة على بناء الوشائج الحميمة ودفء العلاقات الإنسانية، والتطلع الدائم لمزيدٍ من المعارف والمهارات.. وكل هذه الصفات جعلته نجاحا، ويقدم بذلك ما يعرف في علم الادارة ب «القائد صاحب الرسالة»، ومنهجه استلهام القيم الإسلامية وغرس وترسيخ قيمة «قبول الآخر»، ويقول عن نشأته «نشأت في بيئة متسامحة مستقرة، أعطتني مبكرا إمعان النظر للناس وللاماكن والاشياء بشيء من الاهتمام والتأمل، وجعلتني اختزن مشاهد ومواقف وملاحظات واحياناً اقوالا او احداثا، دفعتني للمثابرة على المعرفة»، ودرس التاريخ بكلية الآداب في بيروت، وبعدها اكمل دراسته في الاسكندرية لأنه علم يستهويه ويشده الى ماضي البشرية، تاريخ الحضارات والأمم والثقافات والامبراطوريات والممالك والفتوحات والتحولات والمتغيرات عبر العصور. وجاء التحاقه بالخارجية القطرية سلسا ومريحا، ووجد رؤساء وزملاء على مستوى عالٍ من الخلق والتفاهم والتعاون، واعانوه بخبرتهم ومعرفتهم من خلال الارشادات والتوجيهات التي عززت قدراته وزادت معرفته الدبلوماسية.
الدبلوماسية القطرية
اتاحت ظروف العمل للسفير الحمادي التعرف عن قرب على همة وقدرات معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية «ابو الدبلوماسية الحديثة» الذي قام بجهد متميز ومبدع في تنظيم الوزارة واعطاها من ذات نفسه الكثير، حتى أصبحت شخصية اعتبارية نظمت العلاقات الخارجية بينها وكل الوزارات، ووضعت في موقع الصدارة دولة قطر في المحافل الدولية، ووضح انه تعلم من شيخه «الاقدام والمبادرة والمقدرة على الاختراق الايجابي في مواجهة الأزمات الحادة والحنكة والبصيرة النافذة في ادارة الحوار والموهبة الاقناعية في اجتياز العديد من الأزمات»، وله في ذلك نجاحات في الاختراق الايجابي في مواجهة الأزمات الحادة، ومن أمثلة ذلك العراق، اليمن، لبنان، فلسطين، اريتريا، جيبوتي، السودان، واسهمت حنكته وبصيرته النافذة في ادارة الحوارات، وموهبته الاقناعية في اجتياز العديد من الازمات. وقد استن معاليه سنة حميدة بتعميم تجربة بناء مقار للسفارات مملوكة للدولة، والعلم القطري يرفرف فوقها في معظم دول العالم. وايضا زامل سعادة السيد أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي كان وقتئذٍ من القادة التنفيذيين وتسنم ارفع المناصب الى ان اصبح وكيلا للوزارة، ثم وزير دولة. ويشهد له المؤلف بمميزات واضحة في التخطيط والتنفيذ والمتابعة، مما جعله قدوة يترسم خطاها الكثير من الدبلوماسيين، ومن مميزاته متابعاته الشخصية للأمور، والحرص الشديد على الأداء الجيد للدبلوماسي حتى يتمكن من توضيح دور بلاده في القضايا التي يشارك فيها، مما دفع بالدبلوماسي القطري لأداء مهامه بكل دقة وحرص شديدين في سبيل خدمة الوطن.
تجارب ورؤى
تعود فاتحة تجارب وخبرات السفير الحمادي في العمل الدبلوماسي لعام 1976م، حيث كان ضمن نخبة تم اختيارها بعناية لكي تكون المجموعة الوطنية الرائدة في العمل الدبلوماسي في دولة قطر. وكانت تجربته الأولى في الديوان العام لوزارة الخارجية التي تنتظم في بوتقة إدارات متخصصة، اتاحت له فرصة الفهم المتكامل للعمل الدبلوماسي، وكانت موريتانيا المحطة الأولى بالنسبة له في العمل الدبلوماسي، حيث انفتح انفتاحا ذكيا متبصرا على البيئة الموريتانية الاجتماعية والثقافية، ويحدثنا بأن الكثير من الادباء العرب يطلقون على موريتانيا بلد «المليون شاعر»، وعاد مرة ثانية الى ديوان الوزارة . وكانت تجربته في الكويت عام 1979م ولاربع سنوات اضافة ثرة وعميقة لمعارفه وتوجهاته. وبعد عودته الى ديوان الوزارة شارك في كثير من الاجتماعات والمؤتمرات الاقليمية والدولية، منها اجتماع الدورة «39» للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك عام 1984م، وزادته هذه التجربة فهما أعمق للسياسة الدولية وتفاعلاتها، وإلماما بأساليب الحوار وصنع القرار فيها في إطار المصالح القطرية والاقليمية. وانفتحت امامه ثقافة جديدة في تفردها وتنوعها عندما حط الرحال في بلجيكيا وعاصمتها بروكسل مقر الاتحاد الاوروبي، وتنقسم الى بلجيكيتين تتحدث احداهما باللسان الفرنسي والاخرى باللغة الهولندية، ورغم هذا الاختلاف فإن المجتمع يتمازج ويتفاعل في اطار الدولة الواحدة. واهم الدروس العملية كانت في التعامل مع القضايا الدولية والايمان بالحوار وتبادل وجهات النظر مع الآخر. وكان مكلفاً بالقيام بأعمال سفارة قطر في لشبونة «البرتغال». وقادته الوحدة الاوروبية الى التفكير والمقارنة بين الوضع في الاتحاد الاوروبي والواقع في العالم العربي حينئذٍ، فقال «كان يراودني تفكير عن واقعنا العربي، حيث إن الامة العربية تتماثل في كل شئ، الدين واللغة والتاريخ والثقافة، إلا أنها لا تتفق في كيفية إدارة مصالحها، ولم تمنح المصالح المشتركة الاهتمام الكافي خاصة في ذلك الوقت، في حين أن الاوربيين، رغم اختلاف لغاتهم ومذاهبهم الدينية والحروب التي مروا بها، إلا انهم وضعوا مصالحهم المشتركة في المقدمة، وتمكنوا من تكوين كيان يضم دولهم وهو الاتحاد الاوروبي». وفي عام 1991م عاد الى ديوان الوزارة في ادارة الشؤون القنصلية اولا ثم ادارة الشؤون العربية التي يراها محطة مهمة في تجربته الدبلوماسية، حيث تعرف عن قرب على القضايا العربية ومنهجية العمل في جامعة الدول العربية، واتيحت له فرصة العمل بسفارة وطنه في القاهرة، كما مثل بلاده مساعدا للمندوب الدائم لدولة قطر بجامعة الدول العربية، الأمر الذي اتاح له فرصة الاسهام في التحضير لعدة اجتماعات للقمة العربية، ومعايشة ما خلصت اليه من قرارات حول الاوضاع في العالم العربي، ومن اهمها اعتماد آلية الانعقاد الدوري السنوي المنتظم للقمة العربية الذي اتخذ في القمة العربية غير العادية في القاهرة في اكتوبر 2000م، ويخلص الى القول إن «الجامعة ينبغي أن تكون اداة لصنع الرخاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي للامة العربية، رغم بعض السلبيات التي تطفو على السطح من حين لآخر».
بلاد النيلين
تم اختيار الحمادي ليكون سفيراً لدى جمهورية السودان في مطلع عام 2003م ولايزال في منصبه، وسجل تجربة أمينة في ارض النيلين، واستطاع بفضل كياسته أن يبني علاقات قائمة على المحبة والاحترام والمصالح المشتركة وعلاقات حميمة مع السودانيين، بدءا بفخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير ونائبه الأستاذ علي عثمان محمد طه والعديد من الوزراء، سواء من الشمال أو الجنوب، منهم السيد علي كرتي وزير الخارجية، ورموز المجتمع السوداني في كافة المجالات الذي وصفه ب «مجتمع الثقافة والفكر»، وأعطى لجوهر منصب السفير معناه الحقيقي والاصيل، وتولى عمادة السلك الدبلوماسي، والعمادة تعد تكليفا وليست تشريفا، ومنصبا يتمتع به السفير تلقائيا لاقدميته بين زملائه، وهو ممثل جميع السفراء، ويكون في بعض الاحيان نقطة الوصل بين الحكومة المعنية والسفراء، ومهامه بعضها تمثيلي بروتكولي والبعض منها غايته الدفاع عن مصالح وامتيازات وحصانات الدبلوماسيين، فالعمادة زادت من خبراته وضاعفت مسؤولياته. ومن المواقف التي ظلت خالدة باقية، واشدها تأثيرا في حياته، ما حدث خلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، امير البلاد المفدى، الى السودان في فبراير 2009م، وعقب المباحثات الرسمية في «بيت الضيافة» في الخرطوم لفت نظره التفاتة للرئيس عمر البشير على سمو الأمير وهو يتحدث لسموه «سفيركم .. عرف الحياة السودانية وأنه ما من مناسبة إلا وجدته في مقدمة الحضور» والتقط الحديث الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس حيث قال «لقد جمع السفير اهل السودان في دار دولة قطر على محبة وتفاهم وود واحترام»، وهذا الموقف يعتبره شهادة رفيعة ووساما غاليا يعتز به، وفي جانب آخر يوضح نظرته الى الرئيس عمر البشير كما عرفه «انسان طيب المعشر، حسن الخصال، ودود في تعامله على المستوى الانساني، ومتواضع ويتواصل مع الجميع بلا تكلف او تصنع». ويعتبر الحمادي الشخصية السودانية ذات صفات حميدة وتنسج علاقات محورها المحبة والتقدير والاحترام. ومن الشخصيات التي عرفها أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني الذي يتميز بالحنكة في الإدارة، والدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية الذي تربطه به علاقة أخوية واحترام متبادل، وأيضا الراحل السفير أحمد عبد الحليم مندوب السودان في الجامعة العربية الذي كان يطلق عليه «عم أحمد»، والدكتور حسن أبشر الطيب الرجل الموسوعة والخبير الإداري.
قمة الدوحة
وسجل السفير الحمادي تجربته في مؤتمر القمة العربية «قمة الدوحة» التي عقدت في 30 مارس 2009م، في ظل تطورات ذات وتيرة دينامكية إقليميا ودوليا، حيث كانت القيادة الحكيمة المتمثلة في دولة قطر وفي حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وجهود معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر، رئيس الوزراء وزير الخارجية، والخبرات والكفاءات المتخصصة لكل الأجهزة، على مستوى التحدي العظيم في التنظيم والترتيب والدقة ونجاح «قمة الدوحة» التي اتسمت بنشاط كثيف وحيوية بالغة، واحتلت الصدارة، وأخذت حيزا في التغطية الإعلامية وفي نشرات كل الفضائيات. وأشاد مراقبون ومحللون بالنظام والانضباط والكفاءة وما وفرته دولة قطر للزعماء العرب إلى جانب الوفود العربية، مما أدى إلى هذا النجاح، حيث باتت الدوحة ذات خبرة متميزة في تنظيم المؤتمرات الدولية. وكانت الإشادات الرفيعة تتوالى للإدارة الحكيمة والحنكة لسمو الأمير لمداولات القمة وأسلوبه السديد والمرن في معالجة كل موقف، مما جعل القمة العربية تعبر عن ثقتها التامة في أن رئاسته تقود العمل العربي المشترك إلى مرافئ الأمان وخير الأمة العربية. وارتبطت بهذه القمة مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير في ظل قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، وقد طرحت تساؤلات، هل يجازف الرئيس بالسفر إلى الدوحة وهو مهدد من مدعي عام المحكمة بالاعتقال أو خطف طائرته؟وكانت الدوحة قد تلقت إفادة بمشاركته في القمة، الأمر الذي كان مؤشرا ايجابيا وعاملاً من عوامل النجاح، حيث أحدث وصوله إلى الدوحة دويا إعلاميا كبيرا وتصدر النبأ الفضائيات.
مواقف وأحداث
زيارة مدينة القدس الشريف ستظل محفورة في ذاكرة وجدان السفير الحمادي، ويصعب نسيانها، فقد تنسم عبرها عبق التاريخ التليد، والزيارة جاءت بتكليف رسمي باعتباره عضوا في لجنة قطرية لتوفير احتياجات مدينة القدس، وتوافق ذلك مع رغبته في زيارتها، لتأمل معالمها والصلاة في المسجد الأقصى، وكانت الزيارة بتوجيهات كريمة لتفقد المدينة المقدسة، وكانت الصلاة في المسجد الأقصى بكثير من الخشوع والهيبة والطمأنينة والسكينة، وسأل السفير الحمادي الله سبحانه وتعالى، سرا وجهرا، أن تعود القدس إلى سيرتها الأولى.
من المواقف أيضا مقابلته الأستاذ محمد حسنين هيكل، حيث دار بينهما حوار مثمر تركز حول ضرورة التواصل والتعاون بين الشعوب والدول العربية لصون مصالحها ومقدراتها ومواردها، وان تعرف الأمة العربية قدرها ومقدراتها ومواردها الهائلة وقوتها الكامنة في موقعها وإمكانياتها ومواردها.
ومن لطائف الكتاب، عند مشاركة السفير الحمادي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع بالدار البيضاء بالمملكة المغربية ديسمبر 1994م، وبعد انتهاء أعماله، كان في جولة في أسواق الدار البيضاء، وفي محل للتحف حيث قال صاحبه انه من عائلة «العلمي» وكان الاعتقاد أنها من فلسطين، لكن صاحب المحل قال إن أصلهم من المغرب، وكانوا أثناء رحلة الحج يمرون بفلسطين واستقر بعضهم هناك، وكانت هذه معلومة مهمة ولطيفة.
وراء كل لوحة حكاية
وكان السفير الحمادي قد أكمل مهام عمله في مصر، واشترى لوحات تشكيلية، لكنه توقف أمام لوحة عليها لفظ الجلالة «الله» وكانت مبهرة من حيث الألوان والخط، لكنه اكتشف أن ما تبقى من نقد لا يفي ثمن اللوحة، وشعر بعدم الرضاء لعدم اقتنائها، وغادر المحل وفي قلبه شيء من عدم القبول، ولكن كانت المفاجأة انه تلقى في اليوم الثاني «طردا» من صديق ملفوفا بعناية، وكانت ذات اللوحة الرائعة، وقد تعجب كيف تيسر لهذا الصديق اختيار هذه اللوحة، ولم يجد تفسيرا لهذا الموقف سوى أنها «هدية ربانية».
خير جليس
الكتاب يقع في «263» صفحة، ويحتوي على أربعة فصول وخاتمة، وملحق صور للسفير الحمادي تسجل محطات مهمة مع شخصيات بارزة في العديد من عواصم العالم. وسجل بروفيسور حسن أبشر الطيب شهادته عن هذا السفر، في مقدمته حيث ذكر: «كتاب جدير بالاقتناء والقراءة والتأمل والثناء، يحفل بثراء التجربة الدبلوماسية، واستشراف الفكر الإسلامي والعربي، وما قدمه من أطروحات ومبادئ وقيم في ميادين الدبلوماسية والعلاقات الاقليمية والدولية، وتتمازج هذه التجارب الثرة، وهذه الرؤى والأفكار، في إطار منظومة موحية شادها المؤلف على قاعدة مبنية على الاصالة، وعلى الانتماء الحميم لوطنه والتراث الإسلامي والعربي، وعلى ما ينتج من كل ذلك من معطيات حضارته ومن مشاعر موحية وصادقة ومعبرة عن فهم عميق ومتكامل لمعاني الدبلوماسية في أدق وأكمل معانيها».
أما البروفيسور علي محمد محمد شمو، فسجل شهادة جاء فيها: «امشاج من الخبرة والتجارب الدبلوماسية خطها المؤلف في هذا السفر الرائع الذي سيجد فيه القارئ ما لا يستطيع الحصول عليه في مؤلفات مماثلة.. ففيه الدبلوماسية عبر العصور والدبلوماسية والعلاقات الدولية في الإسلام.. وكيف كان الإسلام ديناً وثقافة وعقيدة قد انتشر عالمياً بالكياسة والحجة والمنطق.. وستجد فيه معلومات ثرة عن اصول الدبلوماسية وفروعها كالاتيكيت والبروتكول والمراسم .. عرضها المؤلف بطريقة ذكية لن تمل قراءتها.. فالمؤلف خبير في هذا المجال وعمل في السلك الدبلوماسي في أوروبا وأفريقيا وفي عالمه العربي، واستقر به المقام في السودان فأحبه أهله وأحبوه.. وبالرغم من كل ذلك فهو يرى أن «الدبلوماسية ليست حريرا ولا عطرا».. حقا أن الدبلوماسية مجموعة من المبادئ والقيم توظف لخلق مجتمع دولي متصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.