السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجيج يمشون على خطى آباء البشرية والحج حجة على الناس..!!
نشر في الصحافة يوم 25 - 11 - 2010

بمناسبة عيد الفداء أهنئ الشعب السوداني في كل أرجاء الوطن وفي الشتات. فالأضحية والحج وإن كانتا مناسبتين تخصان المسلمين ولكنهما من المناسبات التي تعم كل البشر، فعيد الأضحى عيد للبشرية جمعاء، وقصة الفداء مثال لطاعة المخلوق للخالق وبر الولد للوالد نادرة المثال، مما يحسن الاقتداء به في كل الأحوال. وذلك أن الحج هو العبادة الوحيدة التي خوطب بها الناس جميعا «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» الحج آية «27» بينما أركان الإسلام الأخرى مأمور بها المؤمنون فقط. وفي عبادة الحج والوقوف بعرفة حكمة عظيمة عميت على كثير منا، ولكنها بفضل الله وتمكينه أجلى سرها وسبر غورها مؤلفا كتاب «آذان الأنعام» الأخوان: د. عماد محمد بابكر حسن ومهندس علاء الدين محمد بابكر حسن. جزاهما الله خيرا وجعل جهديهما في ميزان حسناتهما.
وقبل الاطلاع على ذلكم السفر القيم الجرئ الطرح -الذي أنصح القراء الكرام بقراءته ثم إعادة قراءته كما ينصح مؤلفاه في ختام مقدمة الكتاب- لم أتبين الحكمة كاملة من مظهر الحجاج الأشعث الأغبر المتسخ، وهذا العرى إلا من مأزرين غير محكمي الرباط لا يكادان يخفيان العورة مما يلبسه الرجال ! وإن كنت قد وجدت بعض تأويل في قول الإمام علي كرم الله وجهه، إن الله يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد، ولولا ذلك لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره لمن أراد الوضوء وهو يلبس خفا! فالحكمة الربانية ربما عجزت عقولنا المحدودة عن إدراكها، إلا أن ذلك القصور- مع كونه يحرجنا لكنه قطعا لا ينفيها. وبين أيدينا قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام: فنبي الله موسى الذي صحب الخضر ليعلمه مما علمه الله، لم يدرك مغزى أفعال مظهرها الشر مثل ثقب السفينة وقتل الصبي وغيرها، وقد أوضح له معلمه فيما بعد الحكمة من وراء كل ما لم يسطع عليه صبرا!
ولكني رغم ذلك التسكين الوقتي غالبا ما أعود على بدء لتساؤلات لا تجد إجابات شافية، فأذكر في السياق مقولة لأحد الأمدرمانيين من الذين اشتهروا بأقوال متفلتة: إنه لا يحج لأنه يرى أن الحجاج مجانين: فهم عراة يطقعون بالحجار! وبغض النظر عن هذا التجاوز اللفظي المتفلت الذي يتعدى على عقائد الآخرين، وعن أن الحج عبادة تثير في النفوس رهبة عجيبة حتى دون إدراك كامل لمعانيها وهو ركن الإسلام الخامس، والحج هو العبادة الوحيدة التي صحبت الإنسانية منذ فجرها الأول وحتى يوم يبعثون، فالنفس وهي أمارة بالسوء لم يزل بها شيء من حتى، حتى أن مثل تلك المقولات رغم بعدها عن الأدب تجد حظها من الذكر بين الفينة والأخرى..!!
فما المغزى من تحريم قص الأظافر وتحريم قص الشعر وتحريم نتف الإبطين حيث يسيل العرق ويختلط بالتراب، ولا يلبس الذكور سوى قطعتين لا تكاد تستر العورة، بينما الإسلام دين النظافة من الايمان، ودين الطهارة، ودين يقول رسوله الكريم في بعض حديث له «حبب لي من دنياكم الطيب» ودين الحشمة والذوق. فكيف يأمر دين هذا سجله المعروف تلك الحشود المحتشدة بالبعد عن أبسط أبجديات النظافة مدة الحج التي كانت في زمان ماضٍ تمتد شهورا طويلة؟
ويقول الباشمهندس علاء، أحد كاتبي الكتاب الذي نناقشه اليوم، إن أول ما لفت انتباهه واستفزه عند دراسته للحج رفض الفاروق عمر جهرا لفكرة تقبيل الحجر الأسود، ولكنه مارسها طاعة لله ورسوله، فلماذا أبقى الخالق على تلك العبادات التشخيصية التي تمثل امتدادا لممارسات وثنية هذبها وأبقى على المشخصات «الكعبة، جبلي الصفا والمروة، جبل عرفات والحجر الأسود»، ويستمر الباشمهندس في قوله إنه فكر في وجود صلة جيولوجية ما تربط بين الحجارة في تلك الأماكن، ويقول إنه صار يتململ سنويا لمدة تزيد على ست سنوات كلما جاءت مناسبة الحج، مقسما أن من وراء هؤلاء الحفاة العراة المتشبثون بأستار البيت العتيق سراً عظيماً ومعجزة علمية، حتى عقلها، فشكر الله مرتجفا لعظمة الله ومعجزة الإسلام وصغر أنفسنا.
أركان الحج من وقوف بعرفة وطواف وسعي وإحرام معروفة، وكذلك كل من مرَّ بمرحلة الأساس يعرف الحكمة من الحج، ذلك المؤتمر الإسلامي العظيم الذي يحتشد فيه المسلمون كل عام تعظيما لشعائر الله التي أمر بتعظيمها، وهو مظهر لوحدة إسلامية مفتقدة في الواقع توحد المسلمين من حيث المظهر، بحيث لا يوجد فرق بين عربي وعجمي وأبيض وأسود، امرأة أو رجل إلا بالتقوى، كما أراد ربنا، وحكم كثيرة أخرى، لكن هل يوجد في كل ما ذكرت من حكم وما لم أذكر تبرير كافٍ لمظهر الحجيج؟ في «آذان الأنعام» وجدت ضالتي وأُجبت عن سؤالي:
يرد الكتاب في أحد عشر باباً، ومقدمة يشرح فيها المؤلفان المصادفة الغريبة التي قادتهما معا وفي ذات الوقت تقريبا إلى نتائج أكملت بعضها بعضا في هذه الدراسة مع ما يبعدهما من مسافات، فعماد الطبيب في انجلترا وعلاء المهندس في السودان. وقد شرح د. عماد أيضا في المقدمة التساؤلات التي أثارتها في نفسه المجادلات التي خاضها مع أهل الملل الأخرى في أشياء كان يأخذ بها على سبيل البديهيات، وقد وجد أن كثيرا مما وقر في صدره من تفاسير لكثير من القصص هي من الاسرائيليات، ولم يرد بها كلام صريح في القرآن ولا في قول الرسول المثبت، وضرب مثلا بكثير من أمثلة لذلك، منها أن البشرية تناسلت من زواج أخ لأخته بينما تنكر الفطرة السليمة ذلك، وهو من الاسرائيليات، وقد قاده البحث الى اكتشاف عدم صحة ذلك. أبواب الكتاب عناوينها هي: «قصة التطور، قصة الخلق، الحلقة المفقودة، في جنة المأوى، عيد الإنسانية، ملة إبراهيم، المثابة، الحج حجة على الناس، آذان الأنعام وسدرة المنتهى».
ويناقش الكتاب بين دفتيه قضايا غامضة وخطيرة في عقيدة الإنسان وتاريخ البشر، ويقدم لنظرية آذان الأنعام في الخلق والتطور التي تطرح فكرة قرآنية علمية متناسقة لخلق السموات والأرض وسائر الأحياء.
أهم الأفكار التي وردت في الكتاب:
1- خلق الله سبحانه وتعالى الماء أولاً ثم فرض سلطانه عليه، فخلق منه السماوات والأرض وجعل فيه سر الحياة وخلق منه كل الأحياء.
2- عن أصل الخلق، ويرى الكاتبان أن كل الأحياء من نبات وحيوان أصلها واحد.
3- الإنسان قد تطور من مخلوقات أدنى ومن نفس واحدة، وذلك لا ينفي قدرة الله ولا يقيدها تعالى الله عن ذلك علوا عظيما، فبقول كن يستطيع ربنا أن يخلق ما يشاء كيف يشاء، ولكن شاءت حكمته ورحمته أن يخضع الخلق لناموس المنطق والتسلسل، فأودع الله في الإنسان سر التطور في «نطفة أمشاج» والتي رجح الكاتبان أن تكون هي الكروموسومات.
4- أن الحلقة المفقودة التي تحدث عنها داروين هي الطفرة التي تحول بها الإنسان الى كائن عاقل في زمن وجيز، بعد أن نفخ الله فيه من روحه فتحول الى كائن عاقل، بعد أن لم يكن شيئا مذكورا، ثم علمه الأسماء كلها «وهي الطفرة التي ظلت غير مفهومة لعلماء الطبيعة، إذ حدثت خارج قانون الطفرات».
5- إن الله سبحانه وتعالى يخاطب كل أمة حسب تطورها العقلي بما رمز له بلغة الغراب التي تعتمد على التجسيم والتصوير وليس المفاهيم المجردة، مما رمز له بلغة الهدهد.
6- إن أصل البشرية كان في الجزيرة العربية عند مكة حيث مركز الكون.
7- إن الإنسان قبل أن ينفخ فيه الله من روحه كان أقرب إلى الحيوان، افتراسا لغيره قتلا وإفسادا في الأرض في مجرد صراع من أجل البقاء، ولذلك استغربت الملائكة قوله تعالى «إني جاعل في الأرض خليفة» البقرة آية «30» فكانت استجابتهم الفورية «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» البقرة آية «30»، ولكن الله تعالى أخبرهم بأنه يعلم ما لا يعلمون.
8- فكان أن نفخ الله من روحه في الإنسان وجعله خليفة له محولا إياه لإنسان عاقل، ولكن هذا العقل الذي ميزه به لا تسنده تجارب تعينه على إخضاع الطبيعة القاسية، لذلك رفعه الله ليقيم في جنة المأوى في جبال عرفات التي كانت خضراء مكتسية بالأشجار لا يجوع فيها ولا يعرى، أي لا يتعرض لمهلكات الطبيعة من صواعق وحيوانات وغيرها مما كان يواجهه.
9- أي أن الجنة التي جعله يقيم فيها هي في الأرض وليست جنة السماء التي لا يعقل أن يكون فيها عصاة مثل إبليس بشرط «لا تقربا هذه الشجرة». البقرة «35» والأعراف «19».
10- يقول الكاتبان إن الله سبحانه وتعالى يخاطب كل قوم بلغتهم التي يفهمونها حسب طورهم العقلي، بما رمز له بلغة الغراب التصويرية التي تعبر عما تريده بالفعل «مثلما علم الغراب ابني آدم كيفية دفن الموتى» ولغة الهدهد التجريدية التي تعبر عن الطور العقلي الأكثر رقيا في عهد سيدنا سليمان، حيث نقل له الهدهد خبر مملكة سبأ ومن فيها من قوم لا يعبدون الله الذي خلقهم.
11- وقد فسر الكاتبان الشجرة التي حذر منها الله آدم على أساس لغة الغراب التصويرية، بأنها ترمز للعلاقة الجنسية بما فيها من تداخل واختلاط، وقد أمر الله تعالى الإنسان بالابتعاد من ذلك، حيث لم يكن قد شرع له الزواج بعد.
12- يقول الكاتبان إن من كان في الجنة جماعة الإناث والذكور وليس آدم وحواء كما هو شائع، ويتضح ذلك من خطاب الجمع المثنى في الآيات ذات الصلة.
13- كان إبليس قد رفض أن يسجد لآدم كما أمره الله، وأن ذلك السجود ليس حركيا فلا سجود لغير الله، ولكنه بالخضوع لآدم حتى يطوع قوانينه لمصلحته، بل تعهد إبليس بأن يغوي بني آدم، ولذلك فقد وسوس لهم بأن الله لم ينههما عن تلكما الشجرة الا لأنها ستكتب لهم الخلود عن طريق الذرية، فكان أن استجاب له بعضهم فخالفوا أمر الله وارتكبوا المعصية «فبدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة» الأعراف «22»، ولكن آدم الرسول لم يكن من العصاة.
14- نتيجة لعصيان البعض أمرهم الله بالنزول من الجنة كلهم، فأخذوا في الاستغفار والتوبة في حالة من الاضطراب والذعر، فهم يعرفون قسوة الحياة ومخاطرها قبل صعودهم إلى عرفات.
15- عند هبوط الإنسان من الجنة كان قد حمل أمانة أن يكون خليفة لله في الأرض، إضافة لأعباء محاربة الطبيعة القاسية ومقاومة عدوه إبليس الذي كان سببا في إخراجه من الجنة.
16- تاب الله على المستغفرين بعد أن أوقع عقوبة على العصاة، وهي حمل حجارة ثقيلة ورصها في جبلين متقابلين هما الصفا والمروة، وقد زودهم ربهم بحجارة لرجم إبليس، إذ لم يكن الانسان في طوره ذاك يعرف التعوذ من الشيطان كما نفعل اليوم، وبشره بأنه قبل توبته ولن يتركه دون رسل يبينون له الصراط السوي ويتعهدونه بالحماية.
17- تطرق الكتاب إلى شرح قوله سبحانه وتعالى بلسان نوح مخاطبا قومه «ما لكم لا ترجون لله وقارا، وقد خلقكم أطوارا» نوح «13،14» بأن تلك الأطوار إنما عرفها قوم نوح بالمشاهدة، فلم تكن عندهم وسيلة لمعرفة ما كشفه العلم لاحقاً من أطوار جنينية، ولكنهم يعرفونها بما تناقلته الأجيال، وقد كان عهدهم قريباً من عهد آدم و شهدوا أو نقل اليهم أن الإنسان قد حدثت له تحولات في الشكل والملكات.
18- أن الإنسانية انحدرت كلها من نسل آدم الرسول المصطفى، ثم من أب الانسانية الثاني نوح الذي حملت سفينته أهله حتى من لم يكن آمن «إلا من سبق عليه القول ومنهم ابنه»، وهم من يحملون جينات غير مؤهلة للبقاء فقد أغرقوا، وحمل نوح معه كذلك كل من آمن معه وقد كانوا قليلا لكن انقرض نسل المؤمنين غير المؤهلين جينياً، بينما استمرت الانسانية امتدادا لنسل أبينا نوح. كذلك حملت السفينة زوجين اثنين من الأنعام التي يقول الكاتبان أن فيها سرا عظيما وأنها لم تتطور في الأرض بل أنزلت للانسان من السماء، ولذلك فإن ابليس جعل كيده مركزا على آذان الأنعام «ولاضلنهم ولامنينهم ولامرنهم فليبتكن آذان الانعام ولامرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا» النساء «119».
19- أما الطوفان فلم يشمل كل الأرض بل شمل منطقة نوح عليه السلام كدأبه سبحانه وتعالى في عقاب أهل القرى.
20- في الكتاب تركيز على ملة ابراهيم التي تعني التململ والتساؤل وعدم الركون للأشياء كما هي، فالشك هو طريق للايمان، والملة الحنيفية هي تقليب الأشياء بحثا عن الحقيقة. وفي أداء عبادة الحج استرجاع خاص لسيرة ابراهيم الذي سبق بأن سمانا المسلمين، وقصة الفداء قد حدثت فداءً لابنه اسماعيل في ذات منطقة الحج، وابراهيم هو النبي الذي أمره ربه بأن يؤذن في الناس بالحج.
21- وفي الحج رمز لعلاقة الإنسان بآبائه.
22- والأضحى هو أول يوم في تاريخ الإنسانية العاقلة على الأرض.
عيد الإنسانية:
تقول هذه الدراسة الجديرة بالاطلاع، إن عبادة الحج هي تمثيل سنوي من كل بني آدم لتلك اللحظة الحاسمة في تاريخ الإنسانية، وهي هبوط آبائهم من جنة المأوى إلى الأرض. فالحجاج قد أحرموا قبل مدة من لحظة وصولهم الى المزدلفة، ثم قضوا ليلة بمنى، ثم المسير الى عرفات والوقوف بها طوال اليوم في زحام رهيب وتعاصر وعرق وغبار وقلق من أن يفسد حجهم أو لا يقبل استغفارهم فيضيع الجهد سدى، والحجيج تلهج ألسنتهم بالدعاء والبكاء طوال اليوم ينتظرون لحظة يستشعرون فيها نزول الله الى السماء الدنيا بعد مغيب الشمس لقبول الدعوات وغفران الذنوب، ثم العودة الى وادي مزدلفة لجمع الجمرات وقضاء الليلة فيها، ثم الى منى لرمي الجمرات ورمي الشيطان في أول أيام عيد الأضحى، ثم الطواف حول البيت العتيق، ثم السعي بين الصفا والمروة. وكل ذلك مشهد يعيد ما فعله آباؤنا تتبعا خطوة بخطوة مما يجب أن ندرك حكمته لنستشعر عظمته.
فسبحان الله ما أبلغ حكمته وما أشد جهلنا!
في تزكيتي لهذا الكتاب لا أدعي المقدرة على قبول أو رفض الأفكار الجديدة الواردة بين جنباته، ولكني بقول الرسول الكريم «استفت نفسك»، فقد وجدت أن كثيرا من جوانب الدراسة تلقي الضوء على عدة أمور ظلت ردحا من الزمان غامضة بالنسبة لي، وقد اطمأنت نفسي لمعظم ما جاء بها، ولذلك فإنني أدعو من يملك ناصية العلوم ذات الاختصاص الى الاسراع بإخضاع مثل هذا الكتاب وكل ما يرد من مستجدات في أمور العقيدة، للدراسة والتحليل رفضا أو قبولا. ولا أخفي احتفائي الكبير بهذا الكتاب الذي يخاطبنا من تحت دوحة العلم. وأبرز ما لفت نظري بطريقة سرده: ذلك الإعلاء لكشوفات العلم الثابتة وعدم تجاهلها بسبب مفاهيم وقرت في الصدور نتيجة لتفاسير قصرت فهومها عما توصل له العلم اليوم. فكتاب بدأ باقرأ لا بد من إحسان تدبره كما أمرنا ربنا. كما أشيد بالأسلوب السلس المتسلسل الذي عمد فيه الكاتبان إلى خلخلة المفاهيم الراسخة التي بقول د. عماد في مكان آخر «موقع تأويل» توجد في شكل ملفات في العقل الإنساني، وخاصة ما يختص منها بمسائل العقيدة، تحفظ في مناطق لا يسهل الوصول اليها لتغييرها. وأخيراً لا أخفي بأن جزءاً من احتفالي بهذا الكتاب يرجع الى أنه كتب بأقلام سودانية في الأصل، فالأرواح أجناد مجندة ما تعارف منها ائتلف.
وسلمتم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.