اطلعت على تقرير لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان حول تفشي ظاهرة عمالة الاطفال وتعاطي المخدرات وسط الطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة.. فإذن كعادتنا دائما كلما تلم بنا مصيبة من المصائب نرمي بأسبابها الى المنظمات الاجنبية والقوى الخارجية الخفية ثم بعد ذلك نربع ايدينا على صدورنا بعد هذا الاكتشاف الكاذب. لقداصبحت ظاهرة تعاطي المخدرات ملفتة للنظر بينما يجب ان تكون هاجسا للدولة ولأولياء الامور وللطلاب انفسهم لأن النتائج المؤكدة لهذا المرض الاجتماعي الخطير هي انهيار المجتمع وتداعي اركانه واختفاء القيم والمثل التي انبنت عليها الاسرة السودانية فقيرها وغنيها.. لقد اصبح واضحا للعيان ازدياد هذه الطاهرة تبعا للظواهر السالبة التي بدأت تظهر للعيان في الشارع العام كما اصبح من المؤكد ان كافة المعالجات الفقيرة التي اتبعتها الدولة لمحاربة هذه الآفة الكبرى لا تجدي فتيلا فقد اتسعت رقعة العاصمة واختفت اطرافها تحت جنح من الليل البهيم الذي لا تستطيع يد الدولة اللحاق بها مهما ادعت من نجاحات في اكتشاف بعض المواخير والاحداث التي ربما تطفح على السطح ... إن اعتراف مدير احدى الجامعات الكبرى التي تحمل في ساحاتها آلاف الطلاب والطالبات هو الناقوس الذي يجب ان تلتفت اليه الدولة بدءا من رئيسها الى كافة المحاور التربوية والنفسية ويجب ان تتداعى إليه كافة منظمات المجتمع المدني وعلماء التربية والمسؤولين في الوزارات المختصة بالشأن الداخلي.. ان محاربة هذه الظاهرة تحتاج الى عين بصيرة لأن شأنها يخص الوضع الاقتصادي المنهار الذي تعيشه معظم الاسر السودانية مما جعل اولياءالامور يلهثون وراء التزامات الاسرة غير مبالين بالتغيرات والانحرافات الخطيرة التي تختفي وراء تصرفات ابنائهم ... وبالطبع فإن فقدان المؤسسات التعليمية لأهم واجباتها في التربية من اكبر الاسباب التي رانت على المدارس فانزوى شأن المعلم ليصبح بعيدا عن تلميذه ليس له شأن بمحتوى تربيته واخلاقه وسلوكه.. لقد ضرب مدير احدى الجامعات الكبرى مثلا بالفرق الشاسع بين طالب الستينات وطالب هذه المرحلة ليصبح الفرق يقتضي على الدولة والجامعة الالتفات والبحث في اسبابه.. إن الوضع الطلابي مخيف للغاية والتدهور الاخلاقي يكاد يصل الى حالة تقتضي ان يلتفت اليها الجميع وتتوقف عندها الدولة وكافة مؤسسات التعليم والشباب والطلاب والتربية، فقد انتشر الفساد حتى وصل الى مؤسسات التعليم نفسها ومن الخطأ ان ننسى بعيدا هذا التدهور من انهيارمؤسساتنا الاقتصادية مثل مشروع الجزيرة والمصانع الاخرى المغلقة - كل ذلك نتيجة للانهيار الاخلاقي المتمثل في انحراف الطلاب والطالبات والذي تمثل في المخدرات والاجهاضات والمواليد غير الشرعيين وغير ذلك من الجرائم التي لم يعتد عليها المجتمع السوداني، فقد صار الابن يقتل والده والسرقات ترتبط بالجرائم التي تؤدي الى ازهاق الارواح...!! ان جهود وزارة الداخلية وشرطة مكافحة المخدرات والجريمة ليست هي العلاج الناجع لإيقاف هذا المرض الخطير ان لم يتوقف دولاب الدولة ليهز جذوع المجتمع هزا عنيفا بمختلف الطرق وليوقظ اجفان الاسر ويلفتها الى ما ينتظرها من مآسٍ واحزان والرجوع الكلي الى المدارس والجامعات لمراجعة مناهجها وطريقة تعاملها وقفل كافة المؤسسات التربوية التي اصبحت تتاجر بأخلاق الامة وتكدس الاموال لمنح شهادات مقابل الانهيار الخلقي والمصائب التي تهد من اركان الدولة وكل ذلك وفق معيار يلفت كافة دوائر الاختصاص على ان يدير هذا التغيير الكبير رأس الدولة بنفسه قبل ان يقع الفأس على الرأس فما عادت الأناشيد الحماسية ولا الاغاني الوطنية تجدي فتيلا في هذا الانهيار الذي نراه ينمو كل صباح في شوارعنا وكل مساء في انديتنا.. نعم نحن انشغلنا بقضايا الاستفتاء وأبيي ولكن قضية هذا الجيل اهم من كل قضايانا الاخرى وطالما دق بعض كتابنا وزوايا الاخبار في الصحف ناقوس الخطر بما يحدث في ردهات الطلاب والطالبات وفي الشارع العام الا ان ولاة امورنا اشاحوا بوجوههم عنا .ان هذا نداء خالص لله تعالى للدولة لتقود ثورة تبحث فيها هذا المرض الخطير فقد زاد الفاتق على الراتق وما خفي اعظم مما نرى ونكتشف ان اهم ما جعل هذا القلم يطرق هذا المرض الخطير هو اعتراف مديري الجامعات.. بما آلت اليه الجامعات فقد ذكر احدهم بأن زي الطالبات مدعاة للفساد والزواج العرفي، وأقر بوجود المخدرات وضبط طلاب بعينهم اسبوعيا هذا كله مع الضعف الاكاديمي الذي يعم الطلاب والطالبات. ان مثل هذا التصريح وما نراه بأعيننا وما نقرأه في الصحف يعد مؤشرا كافيا لمراجعة كافة مؤسساتنا التربوية وكافة مناحي معيشة الاسرة السودانية الغافلة عن ابنائها وبناتها.. ألا هل بلغت..؟!!