من المهم الإشارة الى ان انعقاد مؤتمر وزراء التنمية الاجتماعية الافارقة بالخرطوم اواخر الاسبوع الماضي مثل فرصة ذهبية لوزارتنا الاتحادية وتوابعها والجهات النظيرة لاستيعاب المفاهيم المتقدمة للتنمية الاجتماعية كما يراها العالم المعاصر ، والعمل على مراجعة الأداء الرسمي والطوعي لمعرفة اوجه التقدم والقصور في المجالات المتصلة بعمل ونشاط مفوضية الاتحاد الافريقي ولجان الاتحاد ذات الصلة ومدى اتساقها مع مجمل السياسات المتفق عليها ، ومن المهم كذلك التأكيد على ان الدورة العادية الثانية لمؤتمر الاتحاد الافريقي للوزراء المسؤولين عن التنمية الإجتماعية اسفر عن توصيات مهمة سيكون لها ما بعدها من خلال الرغبة والتصميم الشديدين من قبل المؤتمرين في تجميع قاعدة بيانات صحيحة ودورية عن كافة الدول الاعضاء تبين مدى صدقية التوجهات وفاعلية السياسات المتبعة للنهوض بالمجتمعات الافريقية والسمو بكرامتها الانسانية وحمايتها بحيث تتحقق قوانيناً وحقوقاً ورعايةً تتخلل حياة الفرد من فترة الطفولة وحتى الشيخوخة . ولذلك تبدو وزيرة التنمية الاجتماعية السودانية الاستاذة أميرة الفاضل من أكثر الوزراء الافارقة حظاً فقد تجمعت لديها عبر الاوراق والمداولات والتوصيات معلومات كافية تصلح لبناء خطة عمل طموحة وفريدة تعزز الدور الريادي الذي يتطلع اليه السودان في مجال تعزيز التنمية الاجتماعية في اطرها المختلفة خصوصاً الإدماج الاجتماعي للشرائح الضعيفة لاعتبارات كثيرة يكمن جوهرها في اننا في السودان نسترشد أصلاً بالتعاليم الاسلامية في التكافل والتعاون وغيرها من الفضائل والخصال الحميدة ولن يضيرنا ان نتفق مع الآخرين حول هذه المبادئ وتوابعها طالما انها تساهم في تعزيز الروابط بين الشعوب والمجتمعات الافريقية وتعيد الامل في تعزيز مجمل حقوق الانسان الافريقي وصولاً الى المستوى المنشود الذي يفك اسر الافارقة من قيود عبارة ( العالم الثالث ) لينظر اليهم الجميع باعتبارهم جادين في التحول الى وضعية ( العالم الاول ) من خلال التدابير التي يتخذونها بشجاعة . بيد ان مسألة الإدماج الاجتماعي تبقى من أهم الموضوعات التي ناقشها المؤتمر وبرأي نحن في السودان اليوم اكثر حاجة الى هذا المشروع بالنظر الى الظروف التي نعيشها والمخاطر المتزايدة من انفراط العقد الاجتماعي بفعل الأزمات السياسية التي اتخذت طابع وفوبيا التباين العرقي والإثني المعززة للنفور من الاندماج الاجتماعي وتصاهر المجتمعات في بعضها البعض ، ان فاتورة الانغلاق الاجتماعي يدفعها السودانيون اليوم حينما تختلط مشاعرهم تجاه فصل الجنوب عن الشمال وما يلي ذلك من تبعات ولو ان السياسات الاصلاحية الاجتماعية البادية اليوم نشأت في وقت مبكر لكفتنا شرور التمزق والتشرذم وشيوع ثقافة كراهية الآخر واتخاذ الاخفاقات في نظام الضمان والخدمات والتأمين الاجتماعي القاصرة سبباً في الحقد الاجتماعي من قبل الشرائح الضعيفة تجاه القلة المتدثرة بالأنانية القبيحة او إلباسها ثوب التباين الإثني حينما يقول احدهم ( نريد الانفصال لاننا لانريد ان نكون مواطنين من الدرجة الثالثة ) متناسياً ان المدخل الى اصلاح السياسات الخاصة بالتنمية الاجتماعية لن يكون عبر اختلاق المزيد من الاشكالات الاجتماعية الناجمة عن انشاء دولة جديدة بلا أسس تنموية . ان العمل في مجال مناقشة قضايا التنمية الاجتماعية يجب الا يتوقف بإنفضاض مؤتمر الوزراء الافارقة المختصين وهذه دعوة للوزارة للتشمير عن ساعد الجد بعقد الورش والسمنارات الدورية للخروج برؤى اصلاحية لمنظومات العمل بالتنسيق مع المنظمات الطوعية الناشطة في مجال التنمية الاجتماعية للإسهام ولو بقدر قليل في صياغة البروتوكول الإضافي للجنة الإفريقية لحقوق الانسان والذي سيتضمن حتماً ضوابط جديدة لحماية الشرائح الضعيفة في المجتمعات الافريقية وتعزيز حقوقهم الاجتماعية الأساسية والإضافية .