شكل الوجود القطري حضوراً دائماً في كل المحافل الدولية ودوراً بارزاً ولعبت دولة قطر رغم صغر حجمها دوراً كبيراً في السياسة العالمية لم تستطع دول كبيرة في المساحات أن تلعبه . والقطريون شعب محب ومضياف وكريم جدا ويتميز بالتسامح والرقي واحترام الضيف . فمن دعم قطر الكبير لجامعة الدول العربية وكل برامجها دعما ماديا مقدراً الى الدعم المعنوي والمشاركة الفاعلة في أنشطة وفعاليات وبرامج جامعة الدول العربية وشكلت الدوحة (دوحة العرب) ظلاً ظليلاً ليس للقطريين وحدهم وإنما امتد ظل الدوحة ليشمل كل العرب من الماء الى الماء .فالدعم السخي الذي قدمته (دوحة آل ثاني)لأمتها العربية دعما مقدراً والدوحة لم تكتفِ بتقديم الأموال فقط بل قدمت لأمتها العربية الفكر والثقافة والإستنارة متمثلة في إصدارتها المجلة العربية الأنيقة (مجلة الدوحة) والتي شكلت مع شقيقتها مجلة العربي الكويتية نبراساً ثقافياً ومنارة معرفية جمعت كل الشتات الثقافي العربي .والدوحة دائماً تتحف الأمة العربية والإسلامية بالجديد والمدهش فمن عباءة آل ثاني وتفكيرهم المتقدم خرجت (قناة الجزيرة) التي أصبحت في سنوات قلائل قناة كل العرب وليس القطريين وحدهم فقط مما دلق كثير من عطر الحرية في الثوب العربي وهامش الحرية الذي بدأت توسعه قناة الجزيرة يوما بعد يوم في كتاب السياسة العربية وهذا يحسب لجسارة المبادرة التي بدأتها قطر وقدم القطريون للعرب كثيراً من الحلول لكثير من الأزمات السياسية العربية وما التدخل الحكيم لجبر الخواطر بين الأشقاء اللبنانيين ومداواة الجرح الفلسطيني وتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس ببعيد عن الأذهان .. وتعتبر قطر من الدول المؤسسة لمنظمة (أوبيك) وقدمت مساعدات كثيرة للدول النامية كما ساندت حركات التحرر الأفريقي وقدمت مساهمات كبيرة للدول الافريقية وتحتفظ بسجل علاقات متميزة مع كثير من دول قارة افريقيا ودعمت جنوب أفريقيا حتى نالت حريتها وناهضت التميز العنصري وتساهم قطر في دول عدم الإنحياز وتسهم في انجاح أهدافها وتميزت السياسة الخارجية القطرية منذ زمن بعيد بسياسة متوازنة تحترم خيارات الشعوب وتحافظ على السلام العالمي .قدمت قطر للسودان منذ عهد النميري والى الآن دعما سخيا غطى كل المجالات ولكل المشاريع التنموية الكبرى في السودان وفي الوقت الحاضر كانت قطر من المساهمين في كل الإستثمارات التي دعمت اقتصاد السودان للأمام ودعمت مشاريع إعمار دارفور والجنوب وساهم الدعم القطري في كل الصناديق العربية التي قدمت دعومات للتنمية في السودان كما شكلت سنداً للسودان في كل المحافل الدولية ودعمت القضايا العادلة للسودان وأخيرا وهي تستضيف مباحثات الدوحة لسلام دارفور (مشاركة كريمة للقطريين في ايجاد حلول للأزمات السودانية) ولذلك رداً للتحية أحاول رد بعض التحية للشعب القطري وللقيادة القطرية ممثلة في شخص سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر وللشيخ حمد بن جاسم آل جبر فارس الدبلوماسية العربية. فهذه السطور أحاول فيها تسليط الضوء على دولة قطر شعبا وعادات وتقاليد في سياحة أتمنى أن يستمتع بها القارئ وتعريف للقارئ السوداني بملامح الحياة في دولة شقيقة . ونبدأ بدخول للحصن القطري من أبوابه وبوابة آل ثاني هي المدخل لمعرفة قطر فمن هم آل ثاني ؟ آل ثاني هم أسرة كريمة حكمت قطر منذ تأسيسها وهم مؤسسون لدولة قطر الحديثة يرجع نسب شجرة العائلة الى ثاني بن محمد بن ثامر بن علي من بني تميم من أشهر قبائل مضر بن نزار الجد الأكبر لقبيلة آل ثاني كانوا يسكنون في نجد في غابر التاريخ ثم رحلوا الى الدوحة وسكنوا فيها وكان أقوى شيوخهم هو الشيخ محمد بن ثاني وعرف بالتقوى والصلاح والشهامة وخلفه إبنه قاسم بن محمد بن ثاني ويعتبر الشيخ قاسم المؤسس الفعلي لإمارة قطر فخاض حروبا كثيرة حتى دانت له كل قطر وفي عهده وحد جميع القطريين تحت رايته .بعد وفاة الشيخ قاسم خلفه ابنه الشيخ عبد الله و في عهده تنازلت الدولة العثمانية عن شبه جزيرة قطر للإمبراطورية البريطانية في عام 1916م وعقدت بريطانيا في نفس السنة معاهدة مع أمير قطر نصت الاتفاقية على استقلال قطر ولكن تحت حماية بريطانيا وانتهت الحماية البريطانية في عام 1971م ونالت قطر استقلالها كاملاً من التدخل الخارجي وفي عهد الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني في عام 1949م تم اكتشاف وتصدير البترول الذي غير مصير قطر من الناحية الاقتصادية والاجتماعية كانت قبله تعتمد حياة القطريين على صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ وبناء السفن والتجارة في أعالي البحار .في عام 1972م تولى الأمير خليفة بن حمد آل ثاني الحكم وأصبح أميرا على قطر وفي عام 1995م خلفه ابنه سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني الأمير المتوج الحالي لدولة قطر .... قطر في التاريخ القديم ذكرها الجغرافي اليوناني (بطليموس)في مخطوطة تاريخية باسم (قطرا)وهي ربما اسم لمدينة تقع في قطر ومنها اشتق الاسم وكذلك ذكرت في كتب اليونان القدماء وقد ذكرها المؤرخ اليوناني (بليوناس) باسم (قطراي) وهذه المنطقة سكنها الكنعانيون وقد ذكر المؤرخ الإغريقي (هيرودوتس)أن أول من سكن قطر هم القبائل الكنعانية ثم سكنها العرب العاربة والبائدة ثم حكمها الفرس ثم حكمها المناذرة سلالة المنذر بن ساوي التميمي من بني تميم وأعلن إسلامه عام 6هجرية وجاء المنذر بن ساوي الى المدينةالمنورة زائراً للرسول (ص) معلنا إسلامه وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم فولاه الرسول صلى الله عليه وسلم على قومه في قطر وما جاورها .وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوفد الصحابي الجليل (أبوهريرة) الى قطر الذي كان يعلم الناس الصلاة ويؤمهم ويجبي اليه الزكاة .اشتهرت قطر من قديم الزمان بصناعة النسيج (الملبوسات)حيث يعتقد أن الرسول (ص) لبس ثوبا قطريا (برداً) وكذلك أمنا عائشة رضي الله عنها (أم المؤمنين)لبست درعا قطريا وكان لسيدنا عمر بن الخطاب إزار من الجلد صنع في قطر وقد ذكر ياقوت الحموي المؤرخ الجغرافي العربي في مؤلفه (معجم البلدان) تميز أهل قطر في اتقان صناعة الثياب والبرود (البرود القطرية)كما ساهم أهل قطر نسبة لبراعتهم في صناعة السفن وركوب البحر في تجهيز وصناعة أول أسطول بحري إسلامي نقل الجيوش الإسلامية للفتوح ونشر الإسلام تحت قيادة أبي العلاء الحضرمي ولعبت قطر دورا كبيرا في الفتوحات الإسلامية باتقان سكانها لصناعة السفن والرماح المشهورة بالرماح الخطية وبرز من قطر فرسان منهم الشاعر الفارس قطري بن الفجاءة .ويرجع أصول سكان قطر الى ثلاث قبائل رئيسية هي( بنو هاجر ،العوامر، المناصير)وهم ينحدرون من السلالات العربية العريقة وهذه المجموعات سكنت الدوحة وما جاورها وعلى الساحل القطري وكانت مهنتها الرئيسية قبل ظهور البترول الغوص لإستخراج اللؤلؤ وصيد الأسماك والتجارة عبر البحر وبناء السفن والحرف البسيطة كالنجارة ووصفهم الألوسي في كتابه تاريخ نجد (بأن قطر منزل أهل السفائن من العرب الذين يغوصون في البحر لإستخراج اللؤلؤ ليس لهم زرع ولا حرث ) أما بعد استكشاف البترول فتغيرت طبيعة هذه المهن وتغيرت أنماط عيش حياة السكان فالتطور الكبير في الحياة القطرية بفضل استكشاف النفط أدى الى اشتغال السكان بالتجارة الحديثة والصناعة وصارت قطر تصدر للعالم البترول والأسمدة الكيماوية وصناعة الحديد والبتروكيماويات والغاز وصارت من البلدان المؤثرة في اقتصاد العالم لإمتلاكها الغاز والنفط وقاعدة صناعية متطورة . وقطر التي تعتبر شبه جزيرة تبلغ مساحتها 11500كيلو متر مربع وتحيط بها مياه الخليج العربي من ثلاث جهات من الشمال والشرق والغرب أما الناحية الجنوبية فتحدها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتتبع لقطر بعض الجزر منها (الأسحاط ،البشرية ،حالول،السافلية )مناخ قطر صحراوي جاف وتسقط الأمطار في الشتاء قديما شكل البحر مصدر الحياة للقطريين لذلك لازالت بعض المعاني تستعمل في اللهجة القطرية مثل (النوخذة) وهو ربان السفينة وارتبطت الاغاني الشعبية بالغوص والغواصين ومن خيرات البحر تتكون المائدة القطرية وهنالك أسماء شهيرة لوجبات قطرية منها (المحمر البرنوش)من أشهر الأكلات القطرية وهوأرز مطبوخ توضع عليه الأسماك ومن المطبخ القطري نستكشف بعض أشهر الوجبات القطرية منها (المرقوقة)و(الثريد) و(المجبوس)و(الهريس)والعزيمة وبعد الوجبة لابد من تقديم القهوة في كل الوجبات تنتهي مراسم الطعام القطري بتقديم القهوة تقدم سادة ومن المطبخ القطري الى الأمثال الشعبية القطرية فللقطريين أمثال شعبية منها (أكل التمر خص وشرب الماي مص) يضرب للتأني و(اللي ماله أول ماله تالي) وهويشبه المثل السوداني الماعندو قديم ماعندو جديد ومن أمثالهم (صابونة العرب الحاها )يضرب للأخذ بالوسطية في الأمور و(سعيدة بنت ناصر اللسان طويل والحيل قاصر )ويضرب لكثرة الكلام دون فائدة . وللقطريين تراث شعبي مميز ورقصات شعبية أشهرها (الفجيري،السيفي،العرضة) وهي تؤدي جماعيا على أنغام الطبول والدفوف ومن الفنون الشعبية القطرية (اللعبوني، السامري،البحرية،الخماري) وكلها غناء على ايقاع الطبول . وللأطفال ألعابهم الخاصة فالصبيان لهم (الصعكير، وسللمكو) وللبنات لعبة خاصة بهن تسمى (السكينة طوير الهندي)وللكبار هوايات أخرى مثل سباق الهجن والخيل ورياضة صيد بالصقور ومن أشهر الصقورالتي تستعمل للصيد (البرني، الشاهين، الباشق) من سلوك القطريين المحبة الكبيرة التي تميز المجتمع القطري والترابط الأسري ويحبون مناداة بعضهم بإضافة الف ونون للاسم فمثلا عزيز(عزيزان)ولا زالت الأسرة الكبيرة هي محور المجتمع القطري ونظام العائلة الكبيرة هو النظام الاجتماعي السائد والتماسك الأسري .يتميز الزي القطري بتفضيل اللون الأبيض للرجال ولهم جلباب مميز يسمى البشت والدشداشة وتفضل النساء لبس العباءة السوداء .في عام 1977م افتتحت جامعة قطر ومنذ ذلك التاريخ تطورت حركة المجتمع القطري نتيجة للخريجين الذين رفدوا الحياة القطرية بالتطور في كل مناحي الحياة والتعليم في قطر ابتدأ بالكتاتيب لتعليم القرآن ثم أفتتحت أول مدرسة للبنين في الدوحة عام 1951م وأول مدرسة للبنات عام 1954م ومن مهنة صيد اللؤلؤ الى صناعة البترول والغاز مرت مياه كثيرة تحت الجسر حتى أضحت قطر دولة يشار اليها بالبنان وأضحت الدوحة عاصمة من أشهر مدن العالم تعانق ناطحات السحاب، فيها مدن مثل نيويورك ولندن وصارت الحياة الحضرية في كل مدن قطر مثل الوكرة ورأس لفان ومسيعيد والزبارة والخور والشمال ودخان ونتيجة للتقدم الاقتصادي والرخاء المعيشي والتوسع في التعليم صار المواطن القطري يستمتع بأحدث منتوجات التكنولوجيا ويعيش في رفاهية ومواكبة للعالم وصار التقدم من سمات الإنسان القطري وهنالك انفتاح على العالم وقد اهتمت حكومة قطر بالرياضة اهتماماً بالغاً عبر تكوين اللجنة الأولمبية الأهلية القطرية فقد أنشيء أستاد خليفة الدولي لكرةالقدم عام1976م على أحدث طرازات الملاعب العالمية سعته 50ألف متفرج وتم بناء مجمع خليفة الدولي للتنس والأسكواتش عام 1992م حيث أشتهرت قطر بتنظيم بطولة قطر المفتوحة للتنس (قطر موبيل الدولية) وكان إنشاء ملعب الدوحة للغولف عام1997م الفضل في إقامة وتنظيم بطولة قطر الدولية للغولف (قطر ماسترز)وهذا الاهتمام الكبير بالرياضة جعل الدوحة واحدة من عواصم العالم التي تشتهر بتنظيم البطولات العالمية الكبيرة في مختلف ضروب الرياضة كما تحتضن الدوحة أكاديمية التميز الرياضي (أسباير)التي تعتبر من أفضل أكاديميات الرياضة في العالم ورغم هذا الاهتمام بالرياضات الحديثة مثل التنس والأسكواش وكرة القدم والغولف تنظم قطر سباقات السيارات (سباق رالي قطر) وسباق القوارب الشراعية الدولي والعاب القوى (بطولة قطر الدولية لألعاب القوى )كل عام إلا أنها لم تتنكر لتراثها وذلك بتنظيم مسابقات سباق الهجن والخيول . فقطر لم تعد جزيرة معزولة تصطاد السمك واللؤلؤ بل صارت جوهرة ونموذجا باهراً على عزيمة الإنسان ونموذج على التقدم والحضارة وهذا بفضل الله على القطريين وبفضل القيادة الحكيمة لآل ثاني بناة قطر الحقيقيين .