نشر موقع «ويكيليكس» الذي ضربت شهرته الآفاق بعد افشائه وثائق عسكرية أميركية في غاية السرية كما هائلا من الوثائق السرية حول السودان بلغت 5,555 وثيقة معظمها وثائق سرية صادرة عن لجان المراجعة الداخلية التابعة للأمم المتحدة عن نشاط وتجاوزات بعض موظفي بعثة المنظمة الدولية في السودان. وضم الموقع وثائق اخرى تتحدث عن انتهاكات وقف اطلاق النار في دارفور ومنها هجوم لحركة تحرير السودان على القوات المسلحة، ووثيقة أخرى تكشف المكاتبات والاتصالات السرية بين السفارتين السودانية والكندية بشأن المواطن الكندي السوداني الأصل أبوسفيان عبد الرازق الذي جاء إلى السودان لزيارة والدته المريضة وفوجئ بسحب السلطات الكندية لجواز سفره ما حرمه من رؤية أطفاله وزوجته عدة سنوات. ونقلت صحيفة مصرية عن برقية دبلوماسية أميركية مسربة قولها ان مسؤولين مصريين سعوا العام الماضي الى تأخير استفتاء جنوب السودان ما بين أربع وست سنوات لافساح الوقت للجنوب ليصبح دولة قابلة للبقاء اذا قرر الانفصال عن الشمال. (طالع ص -3) ومن أخطر الوثائق المنشورة الآن على الموقع وثيقة سرية أعدتها وحدة أبحاث الكونغرس الأميركي تتحدث عن الخيارات المتاحة للتعامل مع الخرطوم وجرى توزيعها في أكتوبر 2008 على نواب الكونغرس وأعضاء لجانه المتعددة . والوثيقة التي جاءت بعنوان «السودان أزمة دارفور وموقف انفاذ اتفاق السلام الشامل» تناقش خمسة خيارات لمستقبل التعاطي الأميركي مع الشأن السوداني وهي: التعامل المباشر مع الحكومة السودانية، فرض العقوبات الأحادية، تغيير النظام عبر المعارضة أو الجيش الشعبي، التدخل الدولي، وشل القدرة العسكرية للحكومة. وتقول الوثيقة السرية ، ان تجارب السنوات الماضية أثبتت أن سياسة التعامل المباشر مع الحكومة السودانية لم تنجح في حملها على تغيير سلوكها وانها وقعت على اتفاق السلام عندما أحست أنها تريد ذلك. وحول سياسة فرض العقوبات تقول الوثيقة، إن النظام الحالي يستجيب عندما يجابه بضغوط حقيقية، فإدارة الرئيس بيل كلنتون فرضت سلسلة عقوبات على السودان لكن مع مرور السنوات اتضح أن هذه العقوبات لم يكن لها آثار كبيرة على الحكومة السودانية، بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الدول التي لها مصالح في السودان تعارض هذه العقوبات واستطاعت التعامل مع السودان على اوسع نطاق. وتقول الوثيقة بشأن سياسة تغيير النظام بالقوة، إن هذا الخيار يبدو مستبعدا لضعف المعارضة الداخلية وعدم قدرتها على الاتحاد كما ان النظام الحاكم ومنذ استيلائه على السلطة عام 1989 خاض حربا امتدت لواحد وعشرين عاما ضد الحركة الشعبية وقوى المعارضة الاخرى ولم يضعف أو ينهار، ومع ذلك يشير التقرير إلى أن هناك خياراً آخر هو الجيش الشعبي بعد دعمه ودعم الحركات المسلحة في دارفور ودعم المعارضة بالداخل ما يشكل تهديدا للنظام. اما خيار التدخل الدولي لحل أزمة دارفور فان الوثيقة تشير فيه إلى إمكانية إنزال قوات دولية في دارفور تتولى مهمة نزع سلاح الجنجويد وتحديد منطقة محظورة الطيران فوق الإقليم ونشر أكبر عدد من القوات الدولية استنادا للبند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، ومع ذلك يرى التقرير أن هذا الخيار لا يجد السند الدولي لتنفيذه. أما الخيار الخامس والأخير الذي طرحته الوثيقة السرية فهو يتحدث عن استهداف مناطق عسكرية حيوية داخل السودان منها رئاسة سلاح الطيران ومقار الأجهزة الأمنية ومراكز التدريب العسكري. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية اعلنت أنها تحتاج إلى أسابيع لتحديد حجم الضرر الذي ألحقه تسريب الوثائق التي افشاها موقع ويكيليكس بالأمن القومي الأمريكي. وستبدأ «الصحافة» نشر تلخيص للوثائق اعتباراً من غد الاحد.